لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الثاني | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

2261 مشاهدة

تم النشر منذ 3 سنوات

هذه الشهادات السابقة لم تعد لونًا نافرًا في لوحة متماسكة، بل هي مجرد اصبع واحد من أصابع اتهام كثيرة صارت تشهر في وجه الليبرالية السعودية، وتجد هذه الإدانات ما يزكيها في سلوكيات الليبراليين الشخصية، فقد فاحت روائح العلاقات غير المشروعة حتى زكمت الأنوف، وبعض الليبراليين أصحاب الفجاجة لم يعد يخجل من إعلان نظرته الجنسية للمرأة..

 

عبد الله بن بخيت

 

فهذا الكاتب الليبرالي عبد الله بن بخيت كتب قبل ثلاثة أشهر مقالًا في صحيفة الرياض التي يرأس تحريرها تركي السديري، يفتخر فيه بأنه يحدّق في أجساد المارّات في المطارات ويقارن بين أجسادهن، يقول ابن بخيت:

 

(أحيانا تبرز من بين مفردات الوجه مفردة واحدة تتفرد بالجمال، نقول البنت هذه عليها عيون أو شفايف أو خدود، وإذا دققنا سنرى أن الأنف إما أن يخرب التركيبة أو يضفي عليها سطوة الجمال الذي تأخذك إلى جحيم المتعة، من عادتي إذا جلستُ أنتظر في مكان عام، مطار دولي مثلًا، لا أضيع وقتي بالهواجيس أو القراءة، أقيم مسابقة جمال فورية لكل النساء اللاتي يمررن أمامي، إذا نادى المذيع لصعود الطائرة أغلق باب القبول وأعلن النتيجة، أحيانا أدهش لماذا صارت أم فستان أحمر الاسكندنافية أو الهندية أو السعودية ملكة جمال مطار هيثرو أو دبي، أقلّبها في دماغي، أقارنها بمنافساتها اللاتي انتزعت اللقب منهن، أول اكتشاف أن لون البشرة لم يكن حاسما، لأن منافساتها كن على ألوان مختلفة، سمراء وبيضا وغامقة وحنطية.. الخ. ألاحظ أيضا أن الطول لم يلعب دورا كبيرًا، المتنافسات اللاتي وصلن للأدوار النهائية مختلفات الأطوال، كما أن العمر لم يكن له تلك القيمة فالعشر الأوائل يقعن في مسافة عمرية تتفاوت من الأربعينيات إلى العشرينيات، من ناحية السمنة ألاحظ أن المتنافسات يبدأن من المربربة حتى النحيلة المغطاة بكمية كافية من الأنوثة..)[مقالة بعنوان: جمال المرأة، ابن بخيت، صحيفة الرياض، 15سبتمبر2010].

 

لاحظ أنه يعتبر (القراءة) مضيعة وقت، فيقول أنه لا يضيع وقته في القراءة وإنما يتفرس ويحدِّق في أجساد المارّات ويقارن بينهن، حسنًا .. أين كلام الليبراليين الطويل والعريض أن المرأة إنسان، ويجب النظر إليها على أنها ذات رأي وعقل ودور اجتماعي؟! تبخرت هذه الشعارات وصار الليبرالي يقارن بين النساء (هذه سمينة وهذه نحيلة مغطاة بكمية كافية من الأنوثة)!

 

كنت وأنا أقرأ كلام ابن بخيت السابق أفكر في مشاعر زوجة ابن بخيت المسكينة لو وقعت عينها على هذا الكلام الذي يكتبه زوجها، وكيف يتبجح بأنه يتلذذ بإلصاق عينيه في النساء العابرات؟! افترض أنك نسيت حق الله في غض بصرك، فأين حق زوجتك المسكينة؟!
 
ربّاه .. وهل يلام الفقهاء في تحريم الاختلاط لتسلم نساء المسلمين من هذه العيون المريضة وأمثالها؟!

 

عبد الله ثابت

 

وفي العام 2004م وصلت إلى السعودية الصحفية الأمريكية (إليزابيث روبين)، وقامت بجولة واسعة في أرجاء السعودية، والتقت بعدد من الكتّاب الليبراليين وأخذت منهم تفاصيل مطولة عن حياتهم الشخصية ونقدهم للتيار الإسلامي في السعودية، وممن التقت بهم هذه الصحفية الأمريكية الكاتب الليبرالي (عبد الله ثابت) الذي كتب رواية (الإرهابي 20)، وقد أفصح عبد الله ثابت لهذه الصحفية بكل تبجح أنه يتمنى ممارسة العلاقات غير المشروعة بذات الطريقة البهيمية العبثية، وقد نشرت الصحفية اليزابيث تصريح عبد الله ثابت هذا في مجلة (نيويورك تايمز)، وهي مجلة أمريكية أسبوعية معروفة تُنشر ملحقة بعدد الأحد من صحيفة النيويورك تايمز، وتنشر فيها عادةً المقالات والتحقيقات المطولة، تقول الصحفية اليزابيث روبين في هذه المجلة:

 

(بينما كنا أنا وعبد الله ثابت نلتف حول جبال عسير ذات القمم الصخرية الحادّة؛ صادفنا على المنحدرات الصخرية مئات القردة من فصيلة البابون، وكانت تمارس الجنس وتستمني وتعوي وتضحك، تمهل عبدالله في سيره وأخذ يستمتع بحيويتها، ثم قال "أتمنى أن أعيش مثلها"، ثم واصل مسيره)
[NY Times Magazine, 7March2004]

 

والحقيقة أن أي قارئ سبق أن طالع أية مطالعة عابرة في المنتديات الانترنتية الليبرالية السعودية فلن يعوزه اكتشاف التأزم الغريزي لدى الشريحة الليبرالية، فالصور التعبيرية التي يضعها أعضاء هذه المنتديات تحت أسمائهم كثيرٌ منها صور لنساء في أوضاع إباحية ومخلة بالفطرة السليمة والذوق الراقي، ثم لا يجدون أية غضاضة في التظاهر بالحديث عن أن المرأة إنسان وليست محلًا للشهوة والفتنة، وأننا يجب أن لا ننظر للمرأة نظرة جنسية! وهل ينظر للمرأة نظرة جنسية أحدٌ سواكم؟!

وأشهد لله شهادةً يسألني عنها الرقيب الحسيب يوم الفزع الأكبر، أنني سبق أن جلست عدة مجالس مع رموز تغريبية معروفة على الساحة، وكانوا يتوصفون أجساد المذيعات ويقارنون بينهن على سبيل التشهي والتلذذ، ولما رأو نفوري صرفو حديثهم، ثم يخرجون على الناس في وسائل الإعلام ويتحدثون عن تحرير المرأة وأنها إنسان وليست محلًا للشهوة والفتنة، مساكين (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[البقرة، 9].

 

نورة السعد

 

ومما يزيد الأمر خطورة أن هذا التوجه الليبرالي الشهواني المتستر بحقوق المرأة ليس مجرد كتابات متناثرة عابرة، بل هناك ريموتات خفية تعطي الضوء الأخضر من هنا وهناك، وتُساند وتُبارِك وتؤز، بل يصل الأمر إلى تدخل قوى خارجية كبرى بشكل يستبعده كثير من القراء غير المتابعين لهذا التيار، من يستطيع أن يتصور –مثلًا- أن الأمريكان قريبين، وقريبين جدًا، إلى درجة المشاركة الفعلية في مؤتمرات تغريب المرأة؟! أنا شخصيًا كنت أضحك ممن يقول هذا الكلام، لكن تفضل خذ هذه القصة المرعبة التي روتها الدكتورة الفاضلة نورة السعد في مقالةٍ لها نشرتها قبل أيام، تقول الدكتورة نورة:

 

(في عام 1423هـ وفي الفترة من "15-17ذو القعدة" كان  احتفال الافتتاح في الليلة السابقة للافتتاح الرسمي لمنتدى جدة الاقتصادي, تحت رعاية حرم أمير المنطقة، وشاركنا بالحضور في القاعة التي كانت خاصة بالنساء فقط، ولكن عندما حضرنا في صبيحة اليوم التالي وجدنا أن الصالة واحدة بين الرجال والنساء، وهناك حاجز فقط، ولكن المشاركين في المنصة تستطيع النساء في الصفوف الأولى أن تشاهدهم وهم يشاهدنهن! سألت إحدى المسئولات عن التنظيم، وكانت أمريكية ترتدي بدلة لونها أزرق فاتح: لماذا هذا التنظيم الذي لم يكن بالسابق؟ قالت لي: نحن تعمدنا هذا حني نلغي الحاجز تدريجيًا (gradually)، قلت لها: من قال لك أننا نريد إلغائه؟ أدركت المرأة إني لست ممن يرحبن بالاختلاط وإزالة الحاجز تدريجيا! فارتبكت قليلًا، ثم أشارت إلى امرأة أخري بريطانية ترتدي بدله لونها وردي وقالت لي: تلك المرأة هي المسئولة عن التنظيم, فذهبت إليها وسألتها السؤال نفسه، فنظرت لي طويلا ثم قالت :أنا لدي "تعليمات" بهذا التنظيمorders) [مقالة بعنوان: قضايا المرأة تحت مظلة منتدى جدة، د.نورة السعد، الخميس 30ديسمبر2010]

 

لاحظ كيف أن الموظفة الأمريكية والبريطانية لديهن "تعليمات" بمسلسل تدريجي لإلغاء الحاجز بين الرجال السعوديين والنساء السعوديات على أرض السعودية نفسها! يا ألطاف الله، كيف يصل الاختراق إلى هذه الدرجة؟!
 
ونتيجةً لهذه الصورة الأخلاقية المتعفنة للداخل الليبرالي؛ فإن كثيرًا من المراقبين أطلقوا على الليبراليين السعوديين توصيفات طريفة، ومن هؤلاء الكاتب الوطني في صحيفة عكاظ الأستاذ "خالد السليمان" حيث يقول:

 

(المشروع الليبرالي ليس أكثر من مشروع انثوي يبدأ بالمرأة، وينتهي بالمرأة، مرورا بالمرأة) [عكاظ، 26مايو2007]

 

ومن هؤلاء المراقبين –أيضًا- الكاتب الديمقراطي د.محمد الأحمري، حيث يقول عن الليبراليين السعوديين:

 

(مجموعات من الليبراليين فهمت الليبرالية على أنها "ليبرالية الجزء الأسفل من الإنسان" ولذلك –مثلًا- الروايات السعودية روايات جنسية، وطابع الانفتاح هو انفتاح في القضايا التافهة، وليس في قضايا من مصلحة الناس)[لقاء مع د.الأحمري، برنامج إضاءات، 9فبراير2009م]

 

ولكن هل ياترى هذه النظرة الشهوانية المتسترة بتحرير المرأة خصيصة لليبرالية السعودية، أم أن الليبرالي العربي يعاني –أيضًا- من نفس المرض؟ أميل شخصيًا إلى أن هذه عاهة عامة في غالب التغريبيين، وليست خاصة بالتغريبيين السعوديين فقط، فغالب التغريبيين يتحسر في الإعلام على تحرير وحقوق المرأة وإنسانية المرأة،

وإذا جاء مستوى التعامل المباشر رفرفت الشعارات بعيدًا بعيدًا. خذ مثلًا بعض الأمثلة، فهذا المثقف اليساري الملتزم بوعلي ياسين، والذي قدم عدة دراسات اجتماعية للمجتمع السوري، وكان ضليعًا في تراث ماركس، يقدم شهادةً أخرى على التغريبي العربي، حيث يقول في كتابه عن أزمة المرأة شارحًا كيف لا يثق الليبرالي في المرأة الليبرالية، وأنه يريدها للمتعة فقط:

 

(الرجل المثقف في مجتمعنا يدعو إلى المساواة ويطالب المرأة بأن تكون ندا للرجل ولكنه نادرًا ما يتزوج هذه المرأة المتساوية معه أو الند له، إنه يقبلها صديقة، رفيقة، زميلة؛ لكنه يخافها ويبتعد عنها كزوجة.. إنه يريدها غرّة، ولذلك تراه يركض وراء المراهقات) [أزمة المرأة في المجتمع الذكوري، بوعلي ياسين، ص89]

 

لاحظ هذا التصوير الذي يقدمه بوعلي ياسين لليبرالي السوري الذي يرفع شعار تحرير المرأة، إنه قريب جدًا من الحالة الليبرالية السعودية، فهو يريد المرأة صديقة للمتعة لكنه لا يقبل بها زوجة!

 

وهذا المفكر المصري المعروف د.جلال أمين، يكشف عن نفسه وعن زملائه النظرة النسونجية للمرأة، وليس في الشارع ولا في السوق، بل وهو في موقع دكتور جامعي وأمام طالبات جامعيات يفترض أنهن يثقن فيه ويعتبرن العلاقة معه علاقةً علمية بحتة، حيث يقول في كتابه "ماذا علمتني الحياة؟" :

 

(وكم ظلت رؤية وجه جميل لطالبة معينة أو أخرى، واستثارة تعبير الإعجاب منه؛ حافزًا إضافيًا لديّ للذهاب بحماس لإلقاء المحاضرة، وقد اعترف لي مرة أستاذ مصري كبير بأن شيئًا كهذا هو الشيء الوحيد الذي يجعله يطيق مهمة التدريس أصلًا!) [ماذا علمتني الحياة؟، د.جلال أمين، ص287]

 

واخيبتاه إذا كانت هذه هي سلوكيات الأستاذ الجامعي!

 


 

المصدر:

  1. http://www.saaid.net/Doat/alsakran/91.htm
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إبراهيم-السكران #الليبرالية
اقرأ أيضا
عظمة الإرث في الإسلام والرد على المشككين ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين

عظمة الإرث في الإسلام والرد على المشككين ج2


فقبل أن نتكلم عن هجمة الغرب على أحكام الإرث في الإسلام لا بد أن نعرف تاريخ المرأة مع الإرث في المجتمعات والأديان الأخرى فقد كانت حالتها حالة مؤلمة كانت المرأة لا ترث في اليهودية عند وجود إخوة لها من الذكور وعند الصينيين واليابانيين لا ترث شيئا فيما مضى وعند النصارى لا يحق لها أن تملك المال بصفة مستقلة وكانت بعض القوانين الأوروبية إلى وقت قريب لا تورث المرأة وهذه المحاضرة فيها استعراض لعظمة الإرث في الإسلام واستعراض سريع لأبرز الشبهات المثارة حول ذلك

بقلم: فهد بن سعد أبا حسين
475
خطورة اللسان | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

خطورة اللسان


وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيرا ويرجون الله سبحانه وتعالى ولا يلقون للكلمة بالا

بقلم: عمر الأشقر
484
الفتور بعد الهمة | مرابط
مقالات

الفتور بعد الهمة


لقد جعل الله تعالى للباقيات الصالحات مواسم زمانية ومكانية ترتفع فيها الهمة والنشاط على العبادة والعمل الصالح وعندما تنتهي تلك المواسم يعود المرء بطبيعة الحال إلى ما كان عليه من قبل وربما يشعر الصادقون عندئذ بحالة من عدم الرضا بل ربما يتهمون أنفسهم بالنفاق وهنا لا بد من تقديم الطرح العلمي المتوازن الذي يستند إلى أدلة الشرع الذي يراعي طبائع النفس البشرية

بقلم: د. جمال الباشا
449
الحكمة من تأخير تحريم الربا | مرابط
مقالات

الحكمة من تأخير تحريم الربا


أخر الله نزول تحريم الربا لتعلق الناس به وشدة تمسكهم بأرزاقهم فأجل نزول التحريم حتى يقوى إيمانهم ليسهل عليهم الترك فقد روى ابن جرير من حديث سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: آخر ما نزل من القرآن آية الربا وإن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قبض قبل أن يفسرها فدعوا الربا والريبة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
749
الحركة العلمية في عهد عمر بن عبدالعزيز والدولة الأموية | مرابط
تاريخ

الحركة العلمية في عهد عمر بن عبدالعزيز والدولة الأموية


نشطت المدارس العلمية في مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام ومصر وغيرها وأشرف الصحابة الكرام على تعليم وتربية الناس فيها واستطاعت تلك المدارس أن تخرج كوادر علمية وفقهية ودعوية متميزة كما أثرت المدارس العلمية والفقهية في المناطق المفتوحة وشكلت جيلا من التابعين نقلوا إلى الأمة علم الصحابة وأصبحوا من ضمن سلسلة السند التي نقلت للأمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويرجع الفضل في نقل ما تلقاه الصحابة من علم من الرسول بالدرجة الأولى -بعد الله- إلى مؤسسي المدارس العلمية بمكة والمدينة والبص...

بقلم: د علي الصلابي
1290
وأتوا البيوت من أبوابها | مرابط
اقتباسات وقطوف

وأتوا البيوت من أبوابها


الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي أن ينظر في حالة المأمور ويستعمل معه الرفق والسياسة التي بها يحصل المقصود أو بعضه. والمتعلم والمعلم ينبغي أن يسلك أقرب طريق وأسهله يحصل به مقصوده وهكذا كل من حاول أمرا من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود.

بقلم: عبد الرحمن السعدي
349