لو أطاعوه لدخلوا النار!

لو أطاعوه لدخلوا النار! | مرابط

الكاتب: أحمد يوسف السيد

325 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

تأمّل معي هذا الحديث؛ وانظر خطورة الفهم الجزئي لنصوص الشريعة دون الأخذ بمجموعها.

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن علي عنه قال: بعث النبي ﷺ سرية فاستعمل رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب، فقال: أليس أمركم النبي ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطبا. فجمعوا، فقال: أوقدوا نارا. فأوقدوها، فقال: ادخلوها. فهَمُّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضا، ويقولون: فررنا إلى النبي ﷺ من النار!.. فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبي ﷺ فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة؛ الطاعة في المعروف)!

هؤلاء الصحابة عندهم نص صريح قطعي مباشر من النبي ﷺ بطاعة ذلك الأمير بعينه! ومع ذلك فلو كانوا أطاعوه في هذا الشأن لعذبهم الله تعالى!

حسناً؛ أليس دخول النار يُعد طاعة للأمير؟ أليس هذا هو الظاهر اللفظي للنص؟
أليس النصّ صحيحا؟
أليس امتناعهم عن دخول النار يُعد معصية للأمير الذي أمر النبي بطاعته؟!

بلى؛ ولكن هناك قطعيات أخرى في الدين ينبغي أن يستصحبها المسلم وهو ينظر في النصوص حتى لا يصادم كُلّيات الشريعة ومقاصدها!
وهكذا فعل الصحابة هنا حين فكروا وتساءلوا. ثم أيدهم النبي ﷺ حين قال: (الطاعة في المعروف).
والمعروف هذا يُعرف من محكمات الشريعة وعامة ما جاء فيها.

وليس الخطأ هنا خطأ اجتهاديا عاديا؛ بل كان خطأ سيودي بهم إلى عذاب الله، مع كونهم صحابة رسول الله وقد خرجوا في سبيل الله، وكانوا سيخالفون رغبتهم في السلامة وسيعذبون أنفسهم بنار الدنيا اتباعا لما يظنون أنه موافق لأمر رسول الله، حتى نجاهم الله بالفقه والفهم والعقل والتأني.

وهذا يدل على أن الخطورة في الإفراط لا تقل عن الخطورة في التفريط؛ فكلاهما طريق إلى النار.

وإذا كان هذا قد حصل لأولئك الصحابة تجاه نص واضح مباشر من رسول الله ﷺ فمن باب أولى أن يقع لمن هم دونهم في نصوص الشريعة، فضلا عن وقوعه في نصوص العلماء التي لا ينبغي أن تؤخذ بنظر جزئي ولا بحماسة منبتّة دون فقه لموارد الكلام ومقاماته وسياقاته.

وهذا هو الفقه الذي يميز العلماء وأهل التحقيق والنظر، والذي يعجز عنه السفهاء، والمتعالمون، وقُطاع طريق العلم، والمتحمسون على غير بصيرة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الطاعة-في-المعروف
اقرأ أيضا
من آثر الدنيا واستحبها | مرابط
اقتباسات وقطوف

من آثر الدنيا واستحبها


كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه في خبره وإلزامه لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا فإذا كان العالم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات لم يتم لما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق

بقلم: ابن القيم
836
الحلوى القاتلة: الإعلام الترفيهي والانحرافات الفكرية | مرابط
فكر الإلحاد ثقافة

الحلوى القاتلة: الإعلام الترفيهي والانحرافات الفكرية


الإعلام الترفيهي سلاح فكري ذو أثر شديد في نفوس المتلقين وفاعلية هذا الأثر تنجم من كونه يأتي من غير مظنته فليس هذا النوع من الإعلام مقصودا لمتطلب الأفكار الموافقة أو المخالفة ولم يكن حتى عهد قريب سوى آلة قتل للوقت وإلهاء عن الواقع وملء للفراغ ومن ثم تعود المتلقي أن يفتح حصونه أمامه مطمئنا لكونه يروح عن نفسه بما لا يستحق منه كثير تأمل ونظر وبما لا يتحد أفكاره ومسلماته فيفتح طواعية نوافذ لاوعيه لسيل دفاق من المؤثرات السمعية والبصرية

بقلم: ماهر أمير
600
الحياة الأدبية والأمة الإسلامية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحياة الأدبية والأمة الإسلامية


لا تستطيع أمة أن تعيش بغير تاريخها والذي يريد أن ينشئ في هذا الزمن أمة أخرى عن طريق التوهم فهو مخطئ وهذا ضرب من العبث الأمم بلسانها فقط الأمم بحركتها الأدبية واللغوية فقط أما الأشياء الأخرى من الصناعة وكذا وكذا والآراء الاجتماعية فهذه زائلة ومتحولة ويمكن أن تتحول في أي وقت لكن إذا تحول التاريخ فلا يمكن أن يبقى إنسان على صورة صحيحة في هذه الحياة.

بقلم: محمود شاكر
279
النزوع الفطري لقيمة الرحمة | مرابط
تعزيز اليقين

النزوع الفطري لقيمة الرحمة


الناس أسيرة لفكرة الرحمة عندها تعلق غير طبيعي بوجود رب رحيم.. التقي والعاصي المطيع والمتهاون المحسن والمسيء.. لديهم هذا الخوف الفطري من الجزاء الأخروي! هذا النزوع الفطري لقيمة الرحمة والتعلق بها أليس أحد دلائل وجود الله تعالى؟! إذ هي قيمة لا يمكن تصورها إلا بين طرفين هما واهب الرحمة عز وجل ومستحقي الرحمة؟!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
257
الرد على عدنان إبراهيم: فرية تنبؤ النبي أن معاوية يموت على غير ملة الإسلام ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات

الرد على عدنان إبراهيم: فرية تنبؤ النبي أن معاوية يموت على غير ملة الإسلام ج1


يدعي عدنان إبراهيم أن الرسول صلى الله عليه وسلم تنبأ بأن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سيموت على غير ملة الإسلام واستند في ذلك على ما رواه البلادري وفي هذا المقال فحص وتمحيص لهذه الفرية ورد عليها وبيان ما فيها من أخطاء وأباطيل

بقلم: أبو عمر الباحث
1250
محور دعوة الرسل والمزاحمات المعاصرة الجزء الثاني | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

محور دعوة الرسل والمزاحمات المعاصرة الجزء الثاني


من أظهر الأمور الدينية: أن المهمة الأولى لدعوة الرسل والهدف المركزي فيها هو تعبيد الناس لله تعالى وغرس التعلق به في كل حياتهم كما قال تعالى:ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة النحل:36 فمقصد بعثة الرسل وأساس دعوتهم ومنتهى أعمالهم وغاية جهادهم وقطب الرحي في حياتهم والفكرة التي حولها يدندنون ومنها يقصدون وإليها يرجعون وفيها يبذلون هي: عبادة الله وحده وغرس فكرة العبودية في عقول الناس وقلوبهم وإنكار عبادة كل الأوثان

بقلم: سلطان العميري
2218