معالم في طريق تمكين الأسرة

معالم في طريق تمكين الأسرة | مرابط

الكاتب: د. جمال الباشا

392 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

أولًا: هناك حملة عالمية لتمكين المرأة، تُحرِّكها جهات معلومة وأدواتها لم تعُد خافيةً على أحد، لا يريدون خيرًا بالمرأة ولا يسعون لتحريرها بل لتحرير الوصول إليها.
ولقد بات معروفًا حتى لدى بسطاء الناس أن هدف هذه الجهات ليس الرُقيّ بالمرأة ولا رعاية مصالحها، بل تحطيم الأسرة التي هي نواة المجتمع والتي تمثل المرأة فيها محورَها وقطب رَحاها.

 

ثانيًا: التصدي لهذه الحملات المشؤومة بحملات توعوية مضادة لا يعني الرضا بالحالة الموجودة اليوم والتي فيها تجاوزات حقيقية على كرامة المرأة وهضم لبعض حقوقها، فنحن نقرُّ بهذا وندعو لتمكين المرأة من حقوقها وَفق منظور الشريعة لا منظور الفكر الغربي، ومن غير تهويل ولا تضخيم.

 

ثالثًا: ضرورة إبراز مكانة المرأة في الدين الإسلامي من خلال عرض نصوص الكتاب والسنة التي توصي الرجال بالرفق بها والإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف، سواء أكانت زوجةً أم أمًّا أم أختًا أم ابنةً ...الخ، والنصوص التي تحذر من الظلم وتجاوز الحد في هذا الشأن، وبهذا يتم إغلاق باب المزايدات في وجه الزاعمين بالباطل أنهم أنصار المرأة.

 

رابعًا: وجوب التفريق بين الخطأ في الممارسات الشخصية والفئوية في المجتمع التي منشؤها العادات والتقاليد وبين حكم الشرع الذي منشؤه الوحي المنزَّل ويمثل إرادة الله تعالى في خلقه، فلا يجوز أن تتحمل الشريعةُ تبعات تلك التجاوزات وتحسَب عليها، وهذا الخلط هو من التلبيس المقصود الذي تمارسه بعض الجهات المشبوهة الحاقدة على شريعة الله.

 

خامسًا: كثير من الممارسات الفردية في المجتمع يتم تعميمُها وتضخيمها وتصويرها على أنها ظاهرة ينبغي القضاء عليها، والحقُّ أن الحكم على ممارسات ما بأنها ظاهرة يحتاج إلى دراسات وإحصائيات دقيقة، وهذا ما لا يفعله الخصوم أو يتعمدون إغفاله لأنه سيكشف حجم تهويلهم المقصود وغرضهم من ورائه.

 

سادسًا: إن الجهات الدولية الخارجية التي تدعم هذه الحملات دعمًا ماديًا ضخمًا لها أجنداتها السياسية والأديولوجية الخاصة، ولا تفعل ذلك حُبًّا منها لأوطاننا وشعوبنا، وهم مفضوحون تمامًا من خلال ازدواجية معايرهم، وكيلهم بمكاييل متعددة بحسب مصالحهم وأهوائهم، فهم يتغاضون عن حقوق الأسيرات المعتقلات في السجون الظالمة واللاتي يمارس عليهنَّ أبشع أنواع القهر والإهانة والتعذيب الجسدي والنفسي، وحالتهن لا تخفى على المنظمات الحقوقية العوراء.

 

سابعًا: عندما نرصد استطلاعات الرأي التي تقوم بها مراكز البحوث والدراسات في الدول الغربية نجد أنَّ المرأة الغربية تعيش أزَماتٍ حقيقيةً من التنمُّر والتحرش الجنسي والعنف الجسدي، والاضطهاد في العمل وتحملها لتبعات الحياة الشاقة، ويتأتى من هذا إبراز عجز المنظومة الغربية عن تحقيق العدالة المنشودة للمرأة، وأنَّ هذا النموذج الفاشل لا يجوز تعميمه لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، والمقدمات المتماثلة لا تعطي نتائج متغايرة.

 

ثامنًا: المرأة المسلمة ليست كغير المسلمة، والمرأة الشرقية ليست كالغربية، والقيم في المجتمعات العربية ليست كالقيم في المجتمعات الأخرى، وينبغي أن تراعى هذه الاختلافات والخصوصيات عند التقييم والحكم على التفاصيل، وقد حمَل الشعورُ بالخصوصية كثيرًا من الدول على الامتناع عن التوقيع على بعض الاتفاقيات الدولية المُعولمة، كاتفاقية سيداو المشهورة، وبعضهم وقَّع مع التحفظ على بعض بنودها تمسكًا بهذا الأصل "احترام الخصوصية" ومراعاة الفوارق القيمية لدى الأمم والشعوب، والشعور بالأنَفة من فرض قيم الآخرين عليهم بالقوة.

 

تاسعًا: نوصي دائمًا وأبدًا أن يكون المصلحون من أهل العلم والدعوة متقدمين على خصومهم في الميدان بخطوة على الأقل، ولا مانعَ شرعي ولا عقلي ولا واقعي من ردود الأفعال المناسبة، ولكن ينبغي ضبط الإيقاع على تأسيس الأفعال قبل ردود الأفعال، وبناء الفكر السليم والمنهج القويم قبل الردود على المنحرفين فكريًا ومنهجيًا.

 

عاشرًا: يجب أن تكون ردود الأفعال حكيمةً ومتزنةً ومنضبطةً بضوابط الشرع واستشارة ذوي العلم والرأي في كل ما يُتَّخذ من تدابير المواجهة، بعيدًا عن الطيش والتهور الناشئ عن الاستفزازات التي لا ننكر وجودها، والحذر من الانفعالات الحماسية غير المحسوبة التي توقع الصالحين في كمائن المغرضين الذين ينصبون لهم الفخاخ ويتربصون بهم الزلات، لتتفاقم الأزمات وتلتصق بهم تهمة التطرف.

 

أحد عشر: ينبغي أن يكون دورُ المرأة الصالحة في هذه الحملة بارزًا وصوتها عاليًا في رفض وِصاية المشروع الأجنبي الذي يفرض رؤى عقلية المرأة الغربية عليها، وأنها على قدر كافٍ من الرشد الذي يمكّنها من اختيار طريقها دون توجيه من الآخر، لا سيما أنَّ خطاب الرجل في هذا الموضوع الحساس بالذات لا يجد أذنًا صاغية عند المرأة التي تعدُّه مما يوافق هواه ومصلحته في التفوق الذكوري

 

إثنا عشر: إن عدد النسويات اللاتي يطالبن بتمكين المشروع الغربي في المجتمع عدد ضئيل للغاية إذا ما قورن بعدد الرافضات للمشروع ولكنَّ النسويات يَحظين بكل أنواع الدعم اللازم لإنجاح المشروع، ويلزم من هذا أن تتضافر جهود الفاضلات فيما بينهنَّ لتكوين جبهةٍ نسوية موحدة للمشروع المضاد الذي يتبنى الطرح المتوازن الذي يُنصف المرأة، ويوفر لها الحماية من المناهج الدخيلة التي تستهدف دينها وقيمها وكرامتها وأسرتها.

 

ثلاثة عشر: ينبغي تشجيع جميع أطياف المجتمع على المساهمة في دعم هذه الحملة المباركة في تمكين الأسرة بما أوتي من عزيمة وغيرة، كل بحسب مجاله وتخصصه، فصاحب القلم بقلمة، وصاحب الجاه بجاهه، والشاعر بقصيدته، والرسام بريشته، ومصمم الجرافيك بإبداعه، وهكذا، فيد الله مع الجماعة، ومنه العون والمدد

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأسرة #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
745
فضل الذكر في العشر الأواخر | مرابط
اقتباسات وقطوف

فضل الذكر في العشر الأواخر


من أفضل الأعمال وأيسرها الذكر خاصة ليل رمضان لسهولته ولو وافق ليلة القدر لرجي له المضاعفة عشرات آلاف المرات وأفضل الذكر كلمة التوحيد وأفضل صيغها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

بقلم: عبد العزيز الطريفي
359
الفتح الإسلامي | مرابط
تاريخ فكر مقالات

الفتح الإسلامي


الفتح الإسلامي أكبر لغز من ألغاز العبقرية وأروع أحجية من أحاجي النبوغ وأجل مظهر من مظاهر العظمة في تاريخ البشر ولقد مرت عليه إلى اليوم قرون طويلة وأعصار مديدة ارتقى فيها فن الحرب وتقدم فيها البشر أشواطا في كل ميدان من ميادين الحضارة وغاص المؤرخون في أعماق الحوادث التاريخية فكشفوا أسرارها وعرفوا أسبابها فبدت لهم هينة ضئيلة بعد أن كانوا يرونها لغزا لا يحل ولكنهم لم يستطيعوا أن يكشفوا سر الفتوحات الإسلامية ولم يدركوا كنهها وستمر قرون أخرى وأعصار قبل أن يكشف ذلك السر وقبل أن يرى تاريخ البشر حاد...

بقلم: علي الطنطاوي
1279
المرأة المسلمة ج1 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة المسلمة ج1


المرأة إذا فسدت وانحرفت غدت فتنة لكل مفتون وسببت الفساد والدمار في المجتمع وركزوا على المرأة لأن المرأة هي التي تتخرج على يديها الأجيال التي ينتظر منها أن تبعث مجد الأمة والتي يتخرج على يديها الشباب الذين سوف يملئون الفراغ الذي وقعت به الأمة الإسلامية

بقلم: سلمان العودة
606
الشيوعية والإسلام | مرابط
فكر مقالات

الشيوعية والإسلام


إن عداوة الشيوعية للإسلام عداوات متكررة وليست بعداوة واحدة فإنها تعاديه معاداة الخوف من منافسته في تنظيم المجتمع على قواعده وأحكامه وتعاديه معاداة الحاكم الروسي للمحكوم المطموع في ماله واستقلاله وتعاديه أخيرا معاداة الشعور بالخطر والإفلاس على أثر إخفاق التجارب الماركسية واحدة بعد الأخرى خلال السنوات الأخيرة

بقلم: عباس محمود العقاد
2334
هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور


والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة: تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى قال الله تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا النساء: 69

بقلم: ابن القيم
745