من العاقل؟

من العاقل؟ | مرابط

الكاتب: سفر الحوالي

439 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

فالعاقل هو من يأخذ من دنياه لآخرته، من يأخذ من صحته لمرضه، من يأخذ من فراغه لشغله، من يأخذ من غناه لفقره، وقد أرشدنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا، وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، فهذا العمر أمانة، وهو نصيبك من الدنيا الذي قال الله تبارك وتعالى فيه: "وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" [القصص:77] نعم لا تنس رزقك الذي كتب الله تعالى لك أن تأخذ منها في الحل، وأن تنفق في حقه، وأيضًا لا تنس نصيبك من الدنيا ومن هذه الأيام، فلا تضيعها فيما لا خير فيه.

 

فالواجب علينا أن نتقي الله تبارك وتعالى، وأن نعظ أنفسنا، ونعظ إخواننا هؤلاء -وما أكثرهم!- يأتون ويقولون: هذه عطلة وهذه إجازة، وكأنها عطلة من كل واجب أوجبه الله تعالى، وكأنها إجازة من كل ما افترضه الله تعالى، وكأنه يباح فيها ما كان حرامًا قبلها.

 

وهذه العطل لو كنا أمة فاتحة، لو كانت جيوشنا قد عادت بعد أن فتحت روما وقهرت أوروبا وحررت الهند، والصين وفتحت العالم لما كان هذا العبث لائقًا بنا، فكيف ونحن بهذه الحالة من المآسي والفجائع والنكبات في كل بلد من بلاد المسلمين؟!

 

كيف ونحن في هذه المهانة والضعف والذلة من بين العالم؟! كيف ونحن مسئولون بين يدي الله تبارك وتعالى؟! العاقل منا والعالم سيقف بين يدي الله ويسأله عن الغافلين، كيف يليق بنا أن نلهو ونعبث، وأن نظن أن هذه العطل أو الإجازات أو أي لحظة من هذا العمر أننا فيها أحرار نمضيها كيفما نشاء، نترك الجمعة والجماعات، ونتخلف عن أوامر وواجبات كثيرة، وننظر إلى ما حرم الله تعالى؟!

 

فعلينا أن نتقي الله تبارك وتعالى، وأن نعمل بوصية الله التي أوصانا بها فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102] ونعلم أن كل آت قريب، وأن أجل الله تبارك وتعالى آت، وأننا موقوفون بين يديه، فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، ولنجعل عمرنا وأوقاتنا هذه ساعات: ساعة كما جاء في بعض الآثار [[ساعة تناجي فيها ربك، وساعة تحاسب فيها نفسك، وساعة تتفكر فيها بخلق الله، وساعة تعمل فيها لمعيشتك]] نجعل أوقاتنا هكذا، ولا تعارض بين هذا أبدًا ولله الحمد.

 

فلنحفظ الله تبارك وتعالى في أوقاتنا، ولنحفظه في جوارحنا، ولنحفظ في أعمارنا، ولنتق الله حيثما كنا كما أوصى أيضًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال: (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).

 

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يَمنَّ علينا بتقواه وطاعته ورضاه، وأن يرزقنا البصيرة والتذكر، وأن يجنبنا الغفلة والسهو واللهو عما افترضه تبارك وتعالى علينا، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يتقبل منا طاعتنا، وأن يجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها، إنه سميع مجيب.

 


 

المصدر:

محاضرة قيمة العمر

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العقل
اقرأ أيضا
تجريم التعظيم | مرابط
مقالات

تجريم التعظيم


الغضب لله أصبح في مجتمعات المسلمين مجرما تجرمه القوانين بل ويجرمه كثير من النخب والرموز الدعوية والهيئات الإسلامية حتى صارت ثقافة تجريم التعظيم شائعة في المسلمين وساعد في نشر هذه الثقافة وجود ممارسات سيئة من بعض الجماعات الإسلامية فكردة فعل عليها هرب الناس من رمضاء الغلو إلى نار التهاون في حق الله وحق رسوله وحق دينه وهذا التهاون لا يقل خطورة أبدا عن خطورة الغلو

بقلم: إياد قنيبي
709
فضل علم النحو | مرابط
تفريغات لسانيات

فضل علم النحو


وعلم النحو علم شريف عظيم ولا يمكن لطالب علم أن يطلب العلم من دونه كأن يطلب العلم والنحو ولا يجد في طلبه لأنه من علوم الآلة فهذا لا بد أن يعض عليه بالنواجذ حتى وإن انتهى مثلا من الآجرومية وما بعدها من تكملة الآجرومية لأن الأهم هو أن يستقيم لسانه وأن يعقل عن الله مراده وكذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بقلم: محمد حسن عبد الغفار
598
ذم الترف والتبذير | مرابط
تفريغات

ذم الترف والتبذير


إن الدنيا متقلبة لا تدوم وهي لا تسير على حال واحدة ووتيرة واحدة فعرس يقام فتنصب له خيمة بأربعين ألف دينار فتستعمل مرة واحدة فقط فكم بطن جائع تطعم بقيمة هذه الخيمة ولقد وصل الترف وللأسف إلى المسلمين الذين يؤمون المساجد ولعل بعض الإخوة الحاضرين من هؤلاء يقيمون الحفلات في الفنادق الضخمة وينفقون على ذلك الألوف من الأموال التي تذهب إلى جيوب السفهاء الذين يضيرون أمة الإسلام

بقلم: عمر الأشقر
597
حجية الظن في ثبوت الأخبار | مرابط
أبحاث

حجية الظن في ثبوت الأخبار


فبعض الناس يتعامل مع اليقين-القطع-العلم كدرجة واحدة كأنه الدرجة المائة في النسبة المئوية فإذا وصفنا نوعا معينا من الأدلة باليقيني أو أنه يفيد العلم فهو الدرجة ١٠٠ ويلزم أن كل ما دونه لا يفيد العلم ولا اليقين ولو كان درجة ٩٩ والحقيقة أن اليقين يتفاوت وليس على درجة واحدة فتحقق أعلى درجات اليقين في نوع من الأدلة لا يعني بالضرورة أن كل ما دونه من الأنواع قد خرج من دائرة إفادة العلم واليقين

بقلم: معتز عبد الرحمن
337
انتظار الفرج من الله عز وجل | مرابط
اقتباسات وقطوف

انتظار الفرج من الله عز وجل


حدثنا محمد بن عبد الله الأزدي ثنا حماد بن واقد قال: سمعت إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله عز وجل من فضله فإن الله عز وجل يحب أن يسأل من فضله وأفضل العبادة انتظار الفرج

بقلم: ابن أبي الدنيا
725
حقيقة الصوم | مرابط
اقتباسات وقطوف

حقيقة الصوم


وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون

بقلم: ابن القيم
347