وعلم النحو علم شريف عظيم، ولا يمكن لطالب علم أن يطلب العلم من دونه، كأن يطلب العلم والنحو ولا يجد في طلبه؛ لأنه من علوم الآلة، فهذا لا بد أن يعض عليه بالنواجذ، حتى وإن انتهى مثلًا من الآجرومية وما بعدها من تكملة الآجرومية، لأن الأهم هو أن يستقيم لسانه، وأن يعقل عن الله مراده، وكذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلم النحو يبحث في الجمل، وعلم الصرف يبحث في بنية الكلمة، فعلم النحو يبحث في الجمل وينظر في أواخر الكلمة من حيث الرفع أو الخفض أو الجزم أو النصب، تقول مثلًا في كلمة القرآن: القرآن كلام الله، بالرفع، وقوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ [الإسراء:82]، بالخفض، وقوله تعالى: عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن:2] بالنصب، والقرآن غير مخلوق، هذا أصل أصيل عند أهل السنة والجماعة، بخلاف أهل البدعة والضلالة كالمعتزلة.
فالأولى: (القرآن كلام)، القرآن مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والثانية قال الله تعالى عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن:2] فالقرآن: مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة الظاهرة على آخره.
والثالثة: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ [الإسراء:82] فالقرآن اسم مخفوض وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره.
أيضًا نقول: يشرب محمد اللبن، ولن يشربَ محمد اللبن، ولم يشربْ محمد اللبن.
فيشربُ الأولى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره؛ لأنه لم يسبقه ناصب ولا جازم.
ولن يشرب: فعل مضارع منصوب؛ لأنه سبقه ناصب وهو لن.
ولم يشرب: فعل مضارع مجزوم بالسكون؛ لأنه سبقه جازم وهو لم من أدوات الجزم.
فعلم النحو يبين لنا هذا التغيير ويفسره التدريب العملي، قال الله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [الفتح:29]، وقول المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا)، فالأولى محمدٌ والثانية محمدًا، والثالثة محمدٍ، فالأولى مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والثانية اسم أن منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وأن حرف نصب، والثالثة اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والعامل هو الباء حرف الجر.
المصدر:
محاضرة شرح المقدمة الآجرومية