من جرائم العبيديين في الشمال الأفريقي

من جرائم العبيديين في الشمال الأفريقي | مرابط

الكاتب: علي الصلابي

608 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ارتكب الشيعة الرافضة الإسماعيلية جرائم نكرة منها:

 

أ‌- غلو بعض دعاتهم في عبيد الله المهدي:

حتى إنه أنزله منزلة الإله، وأنه يعلم الغيب، وأنه نبي مرسل، يقول بدر الدين بن قاضي شهبة: وكان له (أي المهدي) دعاة بالمغرب يدعون الناس إليه، وإلى طاعته،
ويأخذون عليهم العهود، ويلقون إلى الناس من أمره بحسب عقولهم، فمنهم من يلقون إليه أن المهدي ابن رسول الله وحجة الله على خلقه، ومنهم من يلقون إليه أنه الله الخالق الرازق.

 

وأما زعمهم بأنه إله فيظهر من أفعال دعاته وأقوالهم وأشعارهم، فقد كان هناك رجل يدعى أحمد البلوي النحاس: يصلي إلى رقادة أيام كان عبيد الله بها، وهي منه إلى المغرب، فلما انتقل إلى المهدية وهي منه إلى الشرق صلى إليها باعتبار أنها مكة المكرمة - شرفها الله - وهذا الاعتقاد كان سائدًا عند كثير من الناس يومها، فهذا أحد شعراء بني عبيد يقول في المهدية بعد انتقال المهدي إليها:

 

ليهنك أيها الملك الهمام ٭٭ قدوم فيه للدهر ابتسام
بأرض الغرب دار ٭٭ بها الصلوات تقبل والصيام
مهدية الحرم الموقى٭٭ كما بتهامة البلد الحرام
كأن مقام إبراهيم فيه ٭٭ ترى قدميك إن عدم المقام
وإن لثم الحجيج الركن أضحى ٭٭ لنا بعراص قصركم التثام
لك الدنيا وسلك حيث كنتم ٭٭ فكلكم لها أبدًا إمام

 

ومن الشعر أيضًا في تأليهه ما مدحه به محمد البديل حيث يقول:
برقادة المسيح ٭٭ حل بها آدم ونوح
حل بها أحمد المصطفى ٭٭ حل بها الكبش والذبيح
حل بها الله ذو المعالي **  وكل شيء سواه ريح


وأما زعمهم أنه كان يعلم الغيب، فيظهر من إيمان بعضهم حيث كان إذا أقسم يقول: وحق عالم الغيب والشهادة مولانا الذي برقادة. ومعرفة الغيب من خصوصيات الألوهية ولا يعلم الغيب إلا الله قال تعالى: " قل لا يعلم من السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون " (النمل: 65) وقال تعالى: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " (الأنعام، آية: 59). كما أن الحلف لا يكون بمخلوق وإنما يكون بالخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" وجاءت الأحاديث في النهي عن الحلف بالآباء.

 


ب- التسلط والجور:

وإعدام كل من يخالف مذهبهم، هذا بالإضافة إلى كل ما ذكرناه آنفًا على لسان القاضي عياض في طعنهم في الصحابة، وتعليق رؤوس الأكباش - الدالة في زعمهم على أسماء الصحابة، وغير ذلك من الأفعال القبيحة والشنيعة التي كانوا يقومون بها، وكان أجبار الناس على الدخول في مذهبهم بوسيلة التخويف بالقتل، وقد نفذوا حكم الإعدام في أربعة آلاف رجل مرّة واحدة، قال القابسي: إن الذين ماتوا في دار البحر - سجن العبيديين - بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، ما بين عالم وعابد ورجل صالح.

 

هذا عدا من كانوا يقتلون دون سجن، ويمثل بهم في شوارع القيروان، فأثر ذلك على سير الحياة العلمية، ومع ذلك فإن هذه المحنة لم تزد أهالي المغرب الإسلامي إلا عزيمة وصبرًا واحتسابًا وتمسكًا بالكتاب والسنة.

 


ت- تحريم الإفتاء على مذهب الإمام مالك:

حرّموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك، واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانًا، ويعقب ذلك نوع من الإرهاب النفسي، حيث يدار بالمقتول في أسواق القيروان وينادى عليه: هذا جزء من يذهب مذهب مالك، ولم يبُيحوا الفتوى إلا لمن كان على مذهبهم، كما فعلوا بالفقيه المعروف بالهزئي: أبو عبد الله محمد بن العباس بن الوليد المتوفي في عام تسع وعشرين وثلاثمائة.

 


ث- إبطال بعض السنن المتواترة والمشهورة:

والزيادة في بعضها كما فعلوا في زيادة: حي على خير العمل: في الأذان وإسقاط صلاة التراويح، بعد أن تُرك الناس يصلونها عامًا واحدًا، ولهذا ترك أكثر الناس الصَلاة في المساجد، ويا ويح من يسقط عبارة: حي على خير العمل من الأذان، من ذلك ماروي أن عروسى المؤذن ت 317ﻫ وكان مؤذنًا في أحد المساجد، شهد عليه بعض الشيعة أنه لم يقل في أذانه حي على خير العمل فكان جزاؤه أن قطع لسانه، ووضع بين عينيه وطيف به في القيروان ثم قتل.


إلا أن بعض العلماء فطن لكيد العبيديين وأغراضهم الخبيثة من وراء ذلك وهو إخلاء المساجد من المصلين، ودفعًا لهذه المفسدة أذنوا للمؤذنين أن يزيدوا حي على خير العمل: لأن تركها يؤدي إلى مفاسد أعظم، ومن هؤلاء العلماء أبو الحسن علي بن محمد بن مسرور العبدي الدباغ ت 359ﻫ، الذي كان من أهل الورع والعبادة والخشوع فقد فطن لغرض العبيديين، فكانوا أن قال للمؤذنين: أذنوا على السنة في أنفسكم فإذا فرغتم فقولوا: حي على خير العمل، فإنما أراد بنو عبيد إخلاء المساجد لَفِعلُكم هذا - وأنتم معذورون - خير من إخلاء المساجد.

 


ج- منع التجمعات:

حرصت الدولة الفاطمية الرافضية على منع التجمعات خوفًا من الثورة والخروج عليهم، ولذلك جعلوا بوقًا يضربونه في أول الليل، فمن وجُد بعد ذلك ضرب عنقه، كما أنهم كانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء، وهذا الفعل لا يزال مستمرًا في الأنظمة القمعية البوليسية التي لا ترى إلا ما يراه حاكمها وطاغوتها وفرعونها " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " (غافر، آية: 29 ).

 


ح- إتلاف مصنفات أهل السنة:

أتلفوا مصنفات أهل السنة، ومنعوا الناس من تداولها، كما فعلوا بكتب أبي محمد ابن أبي هاشم التُّجبي ت 346ﻫ توفي وترك سبعة قناطير كتب، كلها بخط يده، فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها: ومنع الناس منها كيدًا للإسلام وبغضًا فيه.

 


خ- منع علماء أهل السنة من التدريس:

منعوا علماء أهل السنة من التدريس في المساجد، ونشر العلم، والاجتماع بالطلاب، فكانت كتب السنة لا تقرأ إلا في البيوت خوفًا من بني عبيد، فكان أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد بن التبان وغيرهما، يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد شيخ السنة بالقيروان في خفية، ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفًا من بنى عبيد.
وهذا المسلك لا زالت الدول القمعية في العالم الإسلامي تمارسه على شعوبها فبعضها تمنع هذا الأمر كليَّا، وبعضها تسمح ببعض أمور الدين التي لا تصطدم مع مصالح الدول الكبرى.

 


س- عطلوا الشرائع، وأسقطوا الفرائض عمّن تبع دعوتهم حيث يقع إدخالهم إلى داموس، ويدخل عليهم عبيد الله لابسًا فروًا مقلوبًا دابًا على يديه ورجليه فيقول لهم:

(بَح) ثم يخرجهم ويفسر لهم هذا العمل بقوله: فأما دخولي على يدي ورجلي فإنما أردت بذلك أن أعلمكم أنكم مثل البهائم لا شيء، ولا ضوء ولا صلاة، ولازكاة، ولا أي فرض من الفروض، وسقط جميع ذلك عنكم، وأما لباس الفرو مقلوبا فإنما أردت أن أعلمكم أنكم قلبتم الدين، وأما قولي لكم بَح، فإنما أردت أن أعلمكم أن الأشياء كلها مباحة لكم من الزنى وشرب الخمر.

 


ش- إجبار الناس على الفطر قبل رؤية الهلال:

وكانوا كثيرًا ما يجبرون الناس على الفطر قبل رؤية هلال شوال، بل قتلوا من أفتى بأن لا فطر إلا مع رؤية الهلال، كما فعلوا بالفقيه ابن الحُبلى قاضي مدينة برقة قال الذهبي في ترجمته: الإمام الشهيد قاضي مدينة برقة، محمد بن الحُبُلى أتاه أمير برقة، فقال: غدًا العيد، قال: نرى الهلال، ولا أفطر الناس، وأتقلَّد إثمهم، فقال: بهذا جاء كتاب المنصور - وكان هذا من رأي العبيدية يفطَّرون بالحساب، ولا يعتبرون رؤية - فلم يُر هلال، فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهبة العيد فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلى، فأمر الأمير رجلًا خطب، وكتب بما جرى إلى المنصور، فطلب القاضي إليه، فأحضر، فقال له: تَنصَّلْ، وأعفو عنك، فامتنع، فأمر، فُعلقَِّ في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث من العطش، فلم يُسقَ، ثم صلبوه على خشبة، فلعنة الله على الظالمين.

 


ع- إزالة آثار خلفاء السنة:

عمل حكّام الدولة الفاطمية في المغرب الإسلامي على إزالة آثار بعض من تقدمهم من الخلفاء السنيين، فقد أصدر عبيد الله أمرًا بإزالة أسماء الحكام الذين بنو الحصون والمساجد، وجعل اسمه بديلًا منهم، واستول هذا الشيعي الرافضي الباطني على أموال الأحباس وسلاح الحصون، وطرد العَّباد والمرابطين بقصر زياد الأغلبي وجعله مخزنًا للسلاح.

 


ل- دخول خيولهم المساجد:

من جرائم عبيد الله الكثيرة أن خيله دخلت المسجد، فقيل لأصحابها: كيف تدخلون المسجد؟ فقالوا: إن أوراثها وأبوالها طاهرة؛ لأنها خيل المهدي، فأنكر عليهم قيم المسجد، فذهبوا به إلى المهدي فقتله، يقول ابن عذارى: وامتحن عبيد الله في آخر حياته بعلة قبيحة: دود في آخر مخرجه يأكل أحشاءه فلم يزل به حتى هلك.

 

إن المسلمين المعاصرين يقرءون تاريخ الدولة الفاطمية العبيدية لا يعلمون إلا ما كتب لهم عن التاريخ السياسي لهذه الدولة، ذهب فلان وخلفه فلان، وأنها دولة تحب العلم وتنشره، والمقصود نشر كتب الفلاسفة، ولكن القليل من يذكر بطش هؤلاء الباطنية بالعلماء من أهل السنة، بل إن الطلبة الذين يدرسون التاريخ الإسلامي يذكرون المعز لدين الله الفاطمي وكأنه بطل من أبطال التاريخ، وهذا كله نتيجة لغياب التفسير العقدي الإسلامي لتاريخنا.

 

بل إن بعض المؤرخين الذين كتبوا لنا التاريخ تأثروا بمدارس الاستشراق، أو بالفكر الشيعي الرافضي، وبذلت لهم الأموال لطمس الحقائق وتزوير التاريخ، ولا زال الصراع الباطني والإسلامي ممتدًا إلى يومنا هذا، فالأفكار لا تموت وإنما تتغير الأشكال والوجوه والمسوح، وأن أعداء الإسلام لا يزالون يعملون سرًا وإعلانًا، ليلًا ونهارًا للقضاء على العقيدة الصحيحة التي تلقتها الأمة من الحبيب المصطفى وأصحابه الغر الميامين وأهل بيته الطاهرين الطيبين رضي الله عنهم أجمعين.

 


 

المصدر:

علي الصلابي، صلا الدين الأيوبي، ص142

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الأسس الفكرية لليبرالية: العقلانية | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

الأسس الفكرية لليبرالية: العقلانية


تعني العقلانية: استقلال العقل البشري بإدراك المصالح والمنافع دون الحاجة إلى قوى خارجية وقد تم استقلاله نتيجة تحريره من الاعتماد على السلطة اللاهوتية الطاغية كما يزعم رواد الليبرالية وفي هذا المقال استعراض للأساس العقلاني الذي تستند عليه الليبرالية

بقلم: د عبد الرحيم بن صمايل السلمي
2903
من الذي اخترع لفظ الاختلاط ج2 | مرابط
فكر مقالات المرأة

من الذي اخترع لفظ الاختلاط ج2


يعتبر الاختلاط بين الجنسين من أكثر المناطق الشائكة التي يصطدم فيها المنهج الإسلامي مع المنهج العلماني بين القبول والرفض بين الإباحة والمنع ونحن في هذا المقال نقف على عدد من التساؤلات والنقاط هل لفظ الاختلاط دخيل على الإسلام هل صحيح أن المذاهب الفقهية الأربعة لم تعرف مسألة الاختلاط بين الرجال والنساء وهل فعلا المجتمع الغربي لا يعرف فكرة الفصل بين الجنسين وما هي ملامح أزمة الاختلاط في واقعنا المعاصر وغير ذلك من النقاط الهامة

بقلم: إبراهيم السكران
1416
الاعتبار | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتبار


ومن اعتمد في هدايته وسداده على نفسه ومواهبه ومهاراته واستغنى عن ربه فلن تزيده إلا حيرة وضلالا وطغيانا ومن استعان الله واهتدى به هداه الله بأقل ما يبلغه من العلم ووفقه للعمل به ومن حاز الدنيا بكل ما فيها من زينة ومتاع ولم يطلب الباقيات الصالحات فهو أعظم الناس خسارة وهو الظالم والمظلوم ولا يظلم ربك أحدا

بقلم: حسين عبد الرازق
456
مخرجاتك مدخلاتك | مرابط
مقالات

مخرجاتك مدخلاتك


من أوجه الشبه بين الإنسان والحاسوب أن كلا منهما له مدخلات ومخرجات وصندوق معالجة والقاعدة المهمة في كليهما أن المخرجات من جنس المدخلات فلن يعالج الحاسوب أي بيانات لم يتعرف عليها وبالتالي لن يعطيك أي مخرجات بلا مدخلات.. ومع الإنسان الأمر ذاته في ذاته!!

بقلم: د. جمال الباشا
372
المعصية تورث الذل | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعصية تورث الذل


يظن كثير من المسلمين أن المعاصي لا تترك أثرا على نفس المسلم وهذا الظن يدفع يهون المعصية في قلوب الناس بشكل عام والحقيقة على خلاف ذلك تماما فالمعاصي لها آثار قاتلة إذا لم ينتبه إليها المسلم ومن هذه الآثار أنها تورث الذل وبين يديكم مقتطف من كتاب الداء والدواء حول الأمر

بقلم: ابن القيم
707
الوجود الصهيوني: بين العنف وسياسة الإحلال | مرابط
اقتباسات وقطوف

الوجود الصهيوني: بين العنف وسياسة الإحلال


والكيان الصهيوني غرس غرسا في فلسطين ليلعب دورا قتاليا ضد المنطقة العربية وعلى مستوى من المستويات يمكن القول إن المشروع الصهيوني كان يهدف إلى نقل الفائض البشرى اليهودي من أوروبا إلى فلسطين وتحويله إلى مادة قتالية تخدم المصالح الغربية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
641