نتوكل على الله لأن الله سبحانه هو أعظم وكيل، حتى إن الله سبحانه قال في خمسة مواضع من القرآن ذات الجملة: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} قالها سبحانه في سورة النساء ثلاث مرات، وفي سورة الأحزاب مرتين، كقوله سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}، ويقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}، فإذا كان القرآن يعيد على مسامعنا خمس مرات ذات الجملة «وكفى بالله وكيلا» فهل امتلأت قلوبنا فعلًا بحقيقة هذا المعنى ونحن نعارك تصاريف الحياة؟ وهل نحن نتسلق المطالب، ونتجرع المصائب، ونخوض الأهوال؛ وقلوبنا معلقة بالسماء تفيض بهذا المعنى «وكفى بالله وكيلا»؟ ألا يكفيكِ يا نفسُ أن الله هو الوكيل؟ بل هو «نعم الوكيل» سبحانه كما قال أهل الإيمان: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
نتوكل على الله لأنه هو الذي يكفينا، ومن أعظم كفاية من الله؟! {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، لو علم المرء أن فلانًا من المسؤولين هو المتكفل بمعاملته لتنفس اليقين وفرغ قلبه من الشك بتحقق مطلبه، فكيف يفوّت المرء على نفسه أن يكون الله خالق هذه الحاجات، والخالق لسبل قضائها، والخالق لموانعها، هو الذي سيتكفل بأمرك إذا توكلت عليه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. من كان الله حسبه؛ فكيف ستكون قوته بين الناس؟! ولذلك قال من قال من السلف: «من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله» كما نقل ابن تيمية في الاقتباس السابق..
المصدر:
إبراهيم السكران، رقائق القرآن، ص139