الافتتان بالآخرين وصد الحق

الافتتان بالآخرين وصد الحق | مرابط

الكاتب: الشاطبي

2120 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

حكى المسعودي: أنه كان في أعلى صعيد مصر رجل من القبط ممن يظهر دين النصرانية وكان يُشار إليه بالعلم والفهم، فبلغ خبره أحمد بن طولون، فاستحضره وسأله عن أشياء كثيرة، من جملتها: أنه أمر في بعض الأيام وقد أحضر مجلسه بعض أهل النظر ليسأله عن الدليل على صحة دين النصرانية، فسألوه عن ذلك.. فقال: دليلي على صحتها وجودي إياها متناقضة متنافية، تدفعها العقول وتنفر منها النفوس لتباينها وتضادها، لا نظر يقويها، ولا جدل يصححها، ولا برهان يعضدها من العقل والحس عند أهل التأمل فيها، والفحص عنها.. ورأيت مع ذلك أممًا كثيرة وملوكًا عظيمة ذوي معرفة وحسن سياسة، وعقول راجحة، قد انقادوا إليها، وتدينوا بها مع ما ذكرت من تناقضها في العقل فعلمت أنهم لم يقبلوها ولا تدينوا بها إلا بدلائل شاهدوها، وآيات ومعجزات عرفوها، أوجبت انقيادهم إليها، والتدين بها.
 
فقال له السائل: وما التضاد الذي فيها؟ فقال: وهل يُدرك ذلك أم تُعلم غايته؟! منها قولهم: بأن الثلاثة واحد، وأن الواحد ثلاثة، ووصفهم للأقانيم والجوهر وهو الثالوثي، وهل الأقانيم في أنفسها قادرة عالمة أم لا؟ وفي اتحاد ربهم القديم بالإنسان المحدث، وما جرى في ولادته وصلبه وقتله، وهل في التشنيع أكبر وأفحش من إله صُلب وبُصق في وجهه؟ ووُضع على رأسه إكليل الشوك، وضُرب رأسه بالقضيبن وسُمرت قدماه، ونُخز بالأسنة والخشب جنباه، وطلب الماء فسُقي الخل من بطيخ الحنظل؟ فأمسكوا عن مناظرته لما قد أعطاهم من تناقض مذهبه وفساده

 


 

المصدر:

  1. الشاطبي، الاعتصام: 1/159
 
 

 

 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الشاطبي #الاعتصام #النصرانية
اقرأ أيضا
إياك نعبد وإياك نستعين | مرابط
تفريغات

إياك نعبد وإياك نستعين


العبودية في قوله: إياك نعبد الفاتحة:5 العبودية هي التذلل والخضوع ولهذا تقول العرب: طريق معبد أي: مذلل إذا ذلل الناس الطريق بشيء من توطينه وتهيئته للسير يقول: طريق معبد كذلك العبد يسمى عبدا إذا كان متذللا بين يدي سيده. وهنا قال: إياك نعبد الفاتحة:5 لا نتذلل إلا لك سبحانك وتعاليت في هذا التذلل إلا لله جل وعلا والعبادة في ذلك مختلفة: ظاهرة وباطنة فالباطنة هي أعمال القلب من المحبة والخوف والرجاء والتوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة والخشية وغير ذلك من أمور العبادة.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
682
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الأول ج2


الأساس الأول الذي بنيت عليه أمة الإسلام والذي بنيت عليه الأمم الأخرى في زماننا وفي الأزمان السابقة هو أساس العلم وبغيره لا تقوم أمة ونتميز نحن المسلمين بأن عندنا العلم الحياتي نعظمه ونجله وكذلك العلم الشرعي الذي أوحى به ربنا سبحانه وتعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ونزل في كتاب الله عز وجل وفي سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم فهذا تفتقده الأمم الأخرى فتجد معايير الأخلاق والعقيدة والآداب عندهم مختلة بينما عندنا صحيحة فنحن نتساوى معهم في العلوم الحياتية إن أردنا لكننا نسبقهم وبمراحل لا مقارنة ب...

بقلم: د راغب السرجاني
693
وظهر الدجال | مرابط
فكر

وظهر الدجال


بت أستشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى حالة المجتمع الذي سيظهر فيه الدجال ويتلقى دعوته بالحفاوة والترحيب وكأني به يطوف بلاد العالم ويفرش له السجاد الأحمر باعتباره أحد أقطاب الإصلاح الاقتصادي والنهضة الحضارية. أشعر وكأن بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في عالمنا الإسلامي البائس سوف يتصدرون المشهد ويقودون حملته المضللة بالتلبيس على العوام بطرائق شتى سيكون منها بلا شك مهرجانات الرحمة للجميع !!

بقلم: د. جمال الباشا
291
الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية | مرابط
الإلحاد

الإلحاد ورد الإنسان إلى البهيمية


لقد ترك الملاحدة للداروينتة صياغة صورة حقيقة الإنسان وصناعة مراحل تاريخه وهو أمر يظهر بوضوح في جميع أدبياتهم عند مناقشة قضايا نظرية المعرفة والقيم ومعنى الحياة والفكاك عن ذلك -إلحاديا- محال لأن رفض الداروينية أو أي صورة أخرى من صور التطور العشوائي للكائنات الحية

بقلم: د سامي عامري
524
دلالة الإجماع على حجية السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين إنفوجرافيك

دلالة الإجماع على حجية السنة النبوية


يأتي الإجماع على رأس الأدلة المثبتة لحجية السنة النبوية وذلك أن من المعلوم -قطعا- من جهة النقل المتواتر أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كان يقضي قاضيهم على الملأ بسنته وهديه في الحدود والنكاح والمواريث والبيع وغيرها من أبواب العبادات والمعاملات -سواء أكان ذلك مما ذكر في نص القران أم لا- ولا ينكر بعضهم على بعض بل يقرونه ويمضونه في أموالهم وأعراضهم وسائر أحوالهم وبين يديكم مجموعة من النقولات المثبتة لحجية السنة عن طريق الإجماع نقدمها في صورة إنفوجرافيك مختصر وميسور للقراء

بقلم: أحمد يوسف السيد
1344
دمعة على الإسلام | مرابط
فكر مقالات

دمعة على الإسلام


جاء الإسلام بعقيدة التوحيد ليرفع نفوس المسلمين ويغرس في قلوبهم الشرف والعزة والأنفة والحمية وليعتق رقابهم من رق العبودية فلا يذل صغيرهم لكبيرهم ولا يهاب ضعيفهم قويهم ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحق والعدل وقد ترك الإسلام بفضل عقيدة التوحيد ذلك الأثر الصالح في نفوس المسلمين في العصور الأولى فكانوا ذوي أنفة وعزة وإباء وغيرة يضربون على يد الظالم إذا ظلم ويقولون للسلطان إذا جاوز حده غير سلطانه: قف مكانك ولا تغل في تقدير مقدار نفسك فإنما أنت عبد مخلوق لا رب معبود واعلم أنه لا إله إلا ال...

بقلم: مصطفى لطفي المنفلوطي
550