أساطير العهد القديم

أساطير العهد القديم | مرابط

الكاتب: محمد الغزالي

1284 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

يعقوب وأسرته

إننا فى الفصل الأول من هذا الكتاب فضحنا الأسلوب الطفولى الماجن الذى تحدث به العهد القديم عن الألوهية، فلنسمع هذه الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها، يقول الأستاذ عصام الدين حفنى ناصف كاشفًا عن التزوير الذى اقترفه كتاب التوراة:

" من ذلك ما زعموه أن يعقوب وأسرته وفدوا على مصر بدعوة من يوسف، وكانت عدتهم 70 شخصًا فما انصرمت 215 عامًا حتى كان عددهم قد ناهز 3000000 (أى 3 مليون) فلما نزحوا عن ديارنا كان بينهم " نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد " ـ هكذا سجل سفر الخروج ـ (12: 37) وقد أحصوا أبكارهم فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعدًا، المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفًا ومائتين وثلاثة وسبعين (عدد 3: 43).

فإذا ضاعفنا هذا الرقم كان جميع الأبكار من الجنسين نحو 45000، وبقسمة عدد الجماعة على عدد الأبكار نخلص إلى أن المرأة الإسرائيلية كانت تلد زهاء 65 وليدًا!! ".

هذه هى مقررات الكتاب المقدس.. دون تعليق!

 

اليهود الآبقين

وظاهر أن اليهود كذبوا فى ذكر عددهم كذبًا صارخًا، وأنهم أودعوا كذبهم هذا فى تضاعيف التوراة، وعلينا أن نصدق!!!

يقول " عصام ناصف ": " إن هذه الملايين الثلاثة المزعومة من اليهود الآبقين من مصر لو أنها سارت فى صفوف عرضية متراصة يضم كل صف منها عشرين يهوديًا، ويشغل الصف بين سابقه ولاحقه مترًا واحدًا لاستطال هذا القطار البشرى " الطابور " مسافة 150 كيلو مترًا ـ أبعد من المسافة بين القاهرة وخليج السويس ـ ولتعذر على قائدهم موسى أن يبلغهم أوامره "!

 

كهنة الأديان السابقة

وعن كهنة الأديان السابقة وإغراقهم فى المتاع المادى يقول: " إن المال والجاه وإن كانا فى حقيقة أمرهما غرضًا يبتغى لذاته، هما كذلك وقبل ذلك وسيلة لفرض لا تكتمل المتعة إلا به، وهو قضاء الوطر من الناحية الجنسية، ومن ثم خولوا أنفسهم حق الاستماع إلى اعترافات النساء، فيما يتصل بأوثق علاقاتهن بالرجال..

" وقد اشترعوا لهذا الغرض ما أسموه " شريعة الغيرة ". فإذا استراب رجل بامرأته، وهجس فى صدره أنها خانته مع آخر " يأتى الرجل بامرأته إلى الكاهن ويأتى بقربانها معها، فيقعدها الكاهن ويوقفها أمام الرب، ويأخذ الكاهن ماء مقدسًا فى إناء خزف ويأخذ الكاهن من الغبار الذى فى أرض المسكن ويجعله فى الماء " (عدد 15 ـ 17)

ويخلو الكاهن بالمرأة ويشرع فى تلاوة بعض الألفاظ ويستحلف المرأة أن تقر بما كان منها ثم يجرعها الماء المشوب بالغبار.

ومتى سقاها الماء فإن كانت قد تنجست وخانت رجلها يدخل فيها ماء اللعنة للمرارة فيرم ـ يتورم ـ بطنها وتسقط فخذها (!) فتصير المرأة لعنة فى وسط شعبها. وإن لم تكن المرأة قد تنجست بل كانت طاهرة تتبرأ وتحبل لزرع " (عدد: 15 ـ 17) [نقدم هذا النص لمن لم يرقهم " التيمم " بالغبار، ها هو ذا الغبار يشرب عندهم]

ومن المعلوم أن الماء لا يدخل المرارة، وأن وظائف الأعضاء لا تمت إلى المسلك الخلقى بسبب وثيق، ولكنها إجراءات خادعة تتخذ بتعزيز سلطان الكاهن على المرأة، فهو ينفرد بها فى خلوة ثم يخرج راضيًا أو ساخطًا وينطق بالقول الفصل فيدينها بالموت مجللة بالعار، أو يدعها تنعم بالحياة مرفوعة الرأس ناصعة الجبين ".

هذه توجيهات الكتاب المقدس، ومبدأ الاعتراف على هذا النحو أو على أى نحو آخر لا معنى له ولا أثر، اللهم إلا إفساد الدين والخلق..

ماذا على من أخطأ أن يتصل بربه لفوره فى دعاء النادم، ورجاء الخاشع، والله يبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، وبابه يستقبل كل شخص رجلًا كان أو امرأة، شيخًا أو شابًا، عالمًا أو جاهلًا؟؟

هذه توجيهات الإسلام، وهى نابعة من مبدئه العتيد: " كل امرئ بما كسب رهين " أما انفراد المرأة

بكاهن ـ أو غير كاهن ـ فى خلوة فأمر لا تحمد عقباه، خصوصًا إذا كانت هذه الخلوة مع محروم من الزواج معلوف بأطايب الطعام!!

هل الله جل شأنه مصدر هذه التعليمات؟ كلا..

 

وضع الكتاب المقدس

إن من المقطوع به أن عددًا من المؤلفين لا مؤلفًا واحدًا أشرف على وضع الكتاب المقدس كله، ولا نزعم أنه خال من الوحى الإلهى من أوله إلى آخره، لا، بل نقرر أن خليطًا معقدًا من أهواء الناس وهدايات الله.. تم التنسيق بينهما على النحو الذى نرى.

بيد أن من المضحك أن الذى قام بتأليف التوراة نسى نفسه وهو يكتب، وذهل كل الذهول أنه سوف ينسب ما يكتب إلى موسى!!

فأورد فى تضاعيف التوراة ـ النازلة على موسى فرضًا ـ هذه العبارات: " فمات هناك موسى عبد الرب فى أرض موآب حسب قول الرب، ودفنه فى الجواء فى أرض موآب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم. وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات. ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، فبكى بنو إسرائيل فى عربات موآب ثلاثين يومًا، فكملت أيام بكاء مناحة موسى.. ".

ما هذا؟ موسى الذى أنزلت التوراة تتحدث عنه التوراة بهذا النعى والعزاء والمناحة؟؟

ما يستطيع عاقل إلا الإقرار بأن كاتب التوراة بعد موسى نسى نفسه ونسى الدور التمثيلى الذى يقوم به، وغلبت عليه صفة المؤرخ لا المؤلف فقال ما قال ليعرف المستغفلون ماذا يقرأون!!

 

وثائق دينية

ونقرن هذا النص بخبر آخر نشرته جريدة الأهرام فى 3 مايو سنة 1973 (19 من ربيع الأول سنة 1392) تحت عنوان " وثائق دينية تاريخية تسلمها هولندا إلى الأردن ":

" عمان: ـ سلم اليوم الدكتور " هانك بانكير " بالنيابة عن الحكومة الهولندية إلى الدكتور غالب بركات وزير السياحة الأردنى وثائق تاريخية تتضمن النصوص القديمة التى قال المؤرخون أنها تطلبت إعادة تقييم الإنجيل. وكانت بعثة أثرية هولندية قد اكتشفت هذه الوثائق فى عام 1967، وهى وثائق كتبت بالآرامية فى القرن السابع قبل الميلاد، وعثرت عليها البعثة فى وادى الأردن، وكانت البعثة قد حملت تلك الوثائق إلى هولندا لدراستها وحل رموزها بقصد حفظها. وقال الدكتور " هـ. فراكين " الذى رأس تلك البعثة: إن هذه الوثائق فريدة من نوعها، وقال: إن كل المعلومات التى وردت فى الإنجيل حول فلسطين والأردن فى نهاية العصر البرونزى وبداية العصر الحديث غير موثوق بها لأنها كانت محاولة قام بها قساوسة من القدس لجعل التاريخ يتناسب مع الآراء الدينية للقرن السابع للميلاد ".

هذا الخبر الصغير نقطة فى بحر من الأوهام والترهات التى تغص بها هذه الصحائف.

وما نعلم كتابًا حفته العناية العظمى، وصانته أجل صيانة من هذا القرآن الكريم.

إن القارات الخمس ليس فيها ما يوصف بأنه وحى السماء إلا هذا الكتاب الفذ.

فهل يؤدى المسلمون حقه؟!

 


 

المصدر:

محمد الغزالي، قذائف الحق، ص150

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الاستبداد يشل القوى | مرابط
فكر مقالات

الاستبداد يشل القوى


فحيث تسود الطمأنينة ويختفي الرعب ينصرف العامة إلى تثمير أموالهم وتكثير ثرواتهم لأنهم واثقون أن حصاد ما يغرسون لهم ولذراريهم فهم غير مدخرين وسعا في العمل والإنتاج إلا أن هذه البيئة الوادعة الآمنة المشجعة على الكدح والكسب تقلصت رقعتها في الأمة الإسلامية خلال القرون الأخيرة ووقع الفلاحون والصناع وأهل الحرف المختلفة في براثن أمراء يحكمون بأمرهم لا بأمر الله فكانت عقبى الترويع المتجدد النازل على رؤوسهم أن أقفرت البلاد وصوح نبتها وعم الخراب أرجاءها

بقلم: محمد الغزالي
734
سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4


إن الإسلام دين يحرر العقل ويهتم جدا بالحجة والبرهان والدليل فهو يأمر المسلمين بالتدبر والتفكر في كل شيء حتى إنه يناقش أمورا في غاية الحرج يناقش أمور العقيدة والعقيدة: أن تؤمن بالله عز وجل عن طريق الحجة والبرهان والدليل

بقلم: د راغب السرجاني
688
النسبية المعرفية والأخلاقية | مرابط
اقتباسات وقطوف

النسبية المعرفية والأخلاقية


في محاولة تفسير هذه الظاهرة وجدت أن النسبية المعرفية والأخلاقية التي كان من المفروض فيها أنها ستحرر الإنسان وتفسح له المجال لتأكيد فرديته أدت إلى العكس فالنسبية تنزع القداسة عن العالم الإنسان والطبيعة وتجعل كل الأمور متساوية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
426
تدمير الحضارة سنة الغزاة | مرابط
تاريخ

تدمير الحضارة سنة الغزاة


بينما كان فريق من التتار يعمل على قتل مسلمي بغداد وسفك دمائهم اتجه فريق آخر من التتار لعمل إجرامي آخر عمل ليس له مسوغ إلا أن التتار قد أكل الحقد قلوبهم على كل ما هو حضاري في بلاد المسلمين لقد شعر التتار بالفجوة الحضارية الهائلة بينهم وبين المسلمين فالمسلمون لهم تاريخ طويل في العلوم والدراسة والأخلاق عشرات الآلاف من العلماء الأجلاء في كافة فروع العلم الديني منها والدنيوي

بقلم: د راغب السرجاني
586
الفرق بين النسخ والتخصيص | مرابط
تعزيز اليقين فكر

الفرق بين النسخ والتخصيص


لقد أدى التشابه بين النسخ والتخصيص ببعض العلماء إلى إنكار وجود النسخ في الشريعة الإسلامية واعتبروا كل ما قيل بنسخه أنه من باب التخصيص وعلى عكس هؤلاء اعتبر آخرون التخصيص نسخا فأدخلوا في باب النسخ صورا كثيرة من صور التخصيص لذا وجب بيان الفروق بين النسخ والتخصيص

بقلم: ناصر عبد الغفور
2532
صراع الإيمان والهوى | مرابط
اقتباسات وقطوف

صراع الإيمان والهوى


كلام بديع للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني يتحدث فيه عن الصراع الدائم والمستمر بين الهوى والإيمان وكيف قد يسقط المسلم صريعا للهوى مرة ثم ينهض مرة أخرى ويكشف لنا عن حال إخوان الشياطين وكيف يمدون لهم في الغي والمعصية وماذا يكون لسان حالهم

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2146