الفرق بين النسخ والتخصيص

الفرق بين النسخ والتخصيص | مرابط

الكاتب: ناصر عبد الغفور

2530 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لقد أدى التشابه بين النَّسخ والتَّخصيص ببعض العلماء إلى إنكار وجود النَّسخ في الشريعة الإسلامية، واعتبروا كلَّ ما قيل بنسخه أنه من باب التَّخصيص، وعلى عكس هؤلاء اعتبر آخرون التَّخصيص نسخًا، فأدخلوا في باب النَّسخ صورًا كثيرة من صور التَّخصيص؛ لذا وجب بيان الفروق بين النَّسخ والتَّخصيص؛ يقول الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في البحر المحيط:

 

"واعلم أن التَّخصيص شديدُ الشبه بالنَّسخ؛ لاشتراكهما في اختصاص الحكم بنقض ما يتناوله اللفظ، وقد فرقوا بينهما من وجوه"[1].

 

 

من أبرز الفروق بين النسخ والتخصيص

 

ومن الفروق التي ذكرها العلماء بين النَّسخ والتَّخصيص ما يلي:
 

الأول: أن التَّخصيص ترك بعض الأعيان، والنَّسخ ترك بعض الأزمان.

الثاني: أن التَّخصيص يتناول الأزمان، والأعيان، والأحوال، بخلاف النَّسخ، فإنه لا يتناول إلا الأزمان.

قال الغزالي: وهذا ليس بصحيح؛ فإن الأعيان والأزمان ليسا من أفعال المكلفين، والنَّسخ يرِد على الفعل في بعض الأزمان، والتَّخصيص يرِد على الفعل في بعض الأحوال؛ انتهى.
وهذا الذي ذكره هو فرق مستقل، فينبغي أن يكون هو الوجه الثالث.

الرابع: أن التَّخصيص لا يكون إلا لبعض الأفراد، بخلاف النَّسخ، فإنه يكون لكل الأفراد؛ ذكره البيضاوي.

الخامس: أن النَّسخ تخصيص الحكم بزمان معين، بطريق خاص، بخلاف التَّخصيص.

السادس: أن التَّخصيص تقليل، والنَّسخ تبديل.

السابع: أن النَّسخ يتطرق إلى كل حكم، سواء كان ثابتًا في حق شخص واحد، أو أشخاص كثيرة، والتَّخصيص لا يتطرق إلا إلى الأول..

الثامن: أن التَّخصيص يُبقي دلالة اللفظ على ما بقِي تحته، حقيقةً كان أو مجازًا، على الخلاف السابق، والنَّسخ يبطل دلالة حقيقة المنسوخ في مستقبل الزمان بالكلية.

الوجه التاسع: أنه يجوز تأخير النَّسخ عن وقت العمل بالمنسوخ، ولا يجوز تأخير التَّخصيص عن وقت العمل بالمخصوص.

العاشر: أنه يجوز نسخ شريعة بشريعة أخرى، ولا يجوز التَّخصيص.

الحادي عشر: أن النَّسخ رفع الحكم بعد ثبوته، بخلاف التَّخصيص، فإنه بيان المراد باللفظ العام.

الثاني عشر: أن التَّخصيص بيان ما أريد بالعموم، والنَّسخ بيان ما لم يرد بالمنسوخ.

الثالث عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون مقترنًا بالعام، أو متقدمًا عليه، أو متأخرًا عنه، ولا يجوز أن يكون الناسخ متقدمًا على المنسوخ، ولا مقترنًا به، بل يجب أن يتأخر عنه.

الرابع عشر: أن النَّسخ لا يكون إلا بقول وخطاب، والتَّخصيص قد يكون بأدلة العقل، والقرائن، وسائر أدلة السمع.

الخامس عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون بالإجماع، والنَّسخ لا يجوز أن يكون بالإجماع[2].

السادس عشر: أن التَّخصيص يجوز أن يكون في الأخبار والأحكام، والنَّسخ يختص بأحكام الشرع.

السابع عشر: أن التَّخصيص على الفور، والنَّسخ على التراخي.

الثامن عشر: أن تخصيص المقطوع بالمظنون واقع، ونسخه به غير واقع.

التاسع عشر: أن التَّخصيص لا يدخل في غير العام، بخلاف النَّسخ، فإنه يرفع حكم العام والخاص.

الموفِّي عشرين: أن التَّخصيص يؤذِن بأن المراد بالعموم عند الخطاب ما عداه، والنَّسخ يحقق أن كل ما يتناوله اللفظ مراد في الحال، وإن كان غير مراد فيما بعده.
 
 هذا جملة ما ذكروه من الفروق، وغيرُ خافٍ عليك أن بعضها غير مسلَّم، وبعضها يمكن دخوله في البعض الآخر منها"[3].

 


 

الإشارات المرجعية:

  1. البحر المحيط في أصول الفقه: 2/394.

  2. وهذا لا يسلم؛ لأن الإجماع أحد طرق معرفة النسخ، وقد سبق التمثيل لذلك بقتل شارب الخمر في الرابعة، فهو منسوخ بالإجماع.

  3. إرشاد الفحول: 1/353 - 354.

 

المصدر:

  1. https://www.alukah.net/sharia/0/76081/
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسخ #التخصيص
اقرأ أيضا
بين المحكم والمتشابه في القرآن الكريم | مرابط
تعزيز اليقين

بين المحكم والمتشابه في القرآن الكريم


والمحكم ضد المتشابه وهو ما لا يحتمل في الشريعة إلا قولا ووجها سائغا واحدا وعرف أحمد المحكم: بأنه الذي ليس فيه اختلاف ومراده: ما استقل بالبيان بنفسه فلم يحتج لغيره فقد روى ابن أبي حاتم وابن المنذر والطبري عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: محكمات الكتاب: ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل بهوبنحو هذا قال عكرمه ومجاهد وقتادة وغيرهم.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
349
مقام الصبر ومقام الشكر | مرابط
مقالات

مقام الصبر ومقام الشكر


مما يخدعك به نفسك والشيطان أنهما يشعرانك أنك في مقام ابتلاء.. واختبار الصبر لمجرد ما تمر به من بعض الضيق أو المرض أو الخوف أو غير ذلك وينسيانك ما أنت فيه من نعمة الله. فبينما أنت تظن أنك في مقام الصبر والضراء وحدهما.. لكن في الواقع أنت كذلك في مقام الشكر والحمد والرضا والفرح وكذلك في حياتك ما يتطلب الصبر

بقلم: حسين عبد الرازق
483
أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم هو الإسلام | مرابط
فكر مقالات

أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم هو الإسلام


جاء الإسلام أول ما جاء بإصلاح الأسرة وبنائها على الحب والبر والطاعة: الحب المتبادل بين أفراد الأسرة والبر من الأبناء للآباء والطاعة في المعروف من الزوجة للزوج وحاط ذلك كله بأحكام واجبة وتربية تكفل تلك الأحكام وتجعل تنفيذها صادرا من نفس الإنسان والرقابة عليها من ضميره فلا تحتاج إلى وازع خارجي وجعل تقوى الله والخوف منه حارسين على النفس والضمير فكلما هم الإنسان بالزيغ تنبهاه إلى لزوم الجادة

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
1003
مراجعة العلماء | مرابط
اقتباسات وقطوف

مراجعة العلماء


مقتطف هام للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني يشير فيه إلى ضرورة مراجعة العلماء لبعضهم خصوصا لو وقع أحدهم في خطأ ما بدلا من التشنيع عليه مباشرة دون مذاكرته أو مراجعته أو تنبيهه لما بدر منه من خطأ وهذا يحدث كثيرا في عصرنا فقد نأى كل عالم بنفسه وانقطعت حبال التواصل

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2271
الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج2 | مرابط
توثيقات

الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج2


دولة التركستان الشرقية من الدول الإسلامية المحتلة التي ابتلعتها الصين الشيوعية في سنة 1949م في ظل غفلة المسلمين عن قضاياهم الماسة ونتيجة لفرقة المسلمين وتشتتهم وهي أرض إسلامية خالصة ولقد فصلنا في تاريخها في مقال سابق بعنوان قصة الإسلام في الصين كما ذكرنا الثروات الهائلة التي تمتلكها هذه الدولة الإسلامية الكبرى والإمكانيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والدينية التي تتمتع بها وهذا في مقال آخر بعنوان كنوز التركستان الشرقية وفي مقالنا هذا نرى ماذا فعلت الصين الشيوعية في العقود الثلاثة الأ...

بقلم: راغب السرجاني
706
تفريق الرسول بين اختلاط المكث والاختلاط العارض | مرابط
مقالات

تفريق الرسول بين اختلاط المكث والاختلاط العارض


لنسأل الآن سؤالا كان يجب أن يطرح قبل ذلك وهو: وهل فرق النبي فعلا في صور الاختلاط بين الاختلاط العابر في زمن يسير واختلاط المكث الذي يأخذ زمنا كثيرا؟ الحقيقة أننا حين نتدبر صور الاختلاط في عهد النبوة التي من جنس واحد يتبين لنا فعلا كيف ميز النبي في أحكامها طبقا لعامل الزمن أو بشكل أدق طبقا لقوة الإفضاء إلى الفتنة وبين يديكم نماذج توضح ذلك.

بقلم: إبراهيم السكران
526