أيديولوجية المساواة

أيديولوجية المساواة | مرابط

الكاتب: سامية بنت مضحي بن فهد العنزي

696 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إنّ أيديولوجية المساواة الباطلة التي تبنتها الحركة النسوية، التي صفّق لها الكثير من المفكرين الغربيين نصرةً ومؤازرة لقضيَّة حقوق المرأة قد رفضتها العقول السّويَّة ومجّتها الألسن النقيَّة، لمخالفتها الطبيعة الإنسانيَّة والفطرة الغريزيَّة والصفات التَّكوينيَّة التي خُلقت في الذكر والأنثى وميزت كل منهما الأخرى، والتي لا يمكن لأي مخلوق بشري تغييرها والتَّحكم فيها سواء البيولوجيَّة، العضويَّة، أو النفسيَّة، والتي أراد الله وجودها وتمييزها في كل جنس عن الآخر، ليتمثل كلٌّ منهما بمهامه التي أرادها الله منهما، في بناء الحياة الأسريَّة ونهضة المجتمع، وأنّ في تحمل كل فرد مسؤوليته حتى يتكاتف كل منهما ويتكامل مع الآخر، كلٌّ حسب وظيفته في الحياة، وهذا كلّه، حتى تسير الحياة الخاصة والعامة على التَّكامل والتَّكاتف الوظيفي، ففي كل من الجنسين فروق كامنة تجعل منهما الصلاحيَّة نحو عمل معين، وهو الدور الطبيعي والشرعي المناط منهما.

 

ولكن، عندما تنحرف المفاهيم عن تلك الحقيقة الوظيفيَّة والخلقة الربّانيَّة، فإنّ الموازين تنقلب، والفطرة تنحرف عن مسارها ليحدث التَّخبط العشوائي في الحياة، فلا هدف تتخذه، ولا قوانين تحكمها، فلا تقيم أسرة، ولا تنهض لمجتمع، بل تفكك وضياع كالبهيمة، بل البهيمة لم تتخلَّ عن أسرتها ووظيفتها الأموميَّة.

 

إنّ أوّل من نادى بهذا المبدأ الممقوت، وتبعه كثير من الفلاسفة، والمفكرين، ورجال الدين المسيحي؛ أفلاطون، عندما أقام مدينته الفاضلة من خلال مشاعيته للنّساء والأطفال، من خلال مشاركة المرأة في بناء تلك المدينة، وبمساوتها مع الرجل في خوض ميدان التَّدريب العسكري، وميدان الرياضة، وفي ميدان حراسة الدولة.

 

لم يفرق أفلاطون في مبادئه بين تحمل المرأة البيولوجي، الجسدي، والعضوي لتلك المهام، وبين تحمل الرجل، فبمشاعيته للمرأة؛ ألغى الأسرة، وأخرج المرأة من دائرة الأمومة والزوجية وحفظ النسل، وجعلها ملكيَّة للجميع في حدود مدينته الفاضلة.

 

على أية حالٍ، فمبادئ أفلاطون جعلت أحد علماء الغرب يصف ويوضح خطورتها ومفاسدها على المرأة فأي انزلاق وخطر أعظم من تخلي المرأة عن مسؤوليتها تجاه الأسرة والتربية وحفظ النسل والأمومة، بل والتخلي عن أنوثتها لتتساوى وتتماثل -رغم الفروق الداخلية والخارجية- مع الرجل. وعليه، يمكننا هنا وضع مقابلة بين رؤية أفلاطون لجسد المرأة وتهميشه، وسيمون دي بوفوار من أهميَّة الجسد في تحديد وضع المرأة الاجتماعي، وإذا كانت سيمون دي بوفوار ترى أن جسد المرأة هو أحد العناصر الرئيسية في تشكيلها وتحديد وضعها في العالم فإن أفلاطون قرر إلغاء الجسد وجعلها مجرد أداة للإنجاب وأراد لها أن تكون كصفات الرجل في ميدان القتال وممارسة التَّمرينات.

 


 

المصدر:

سامية بنت مضحي بن فهد العنزي، الاتجاه النسوي في الفكر المعاصر: دراسة نقدية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
مصير الديانات أمام التقدم العلمي الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

مصير الديانات أمام التقدم العلمي الجزء الأول


بعدما وصلت الموجة العلمية كل العالم تقريبا والتحديثات قد طالت كل شيء في الحياة ظهرت بعض الأدعياء يقولون أن هذا العالم الجديد لا مكان للدين فيه بل ظهرت نظرية جديدة في الطرف المقابل مضمونها أن الأديان وإن كانت عريقة في القدم لكن تقدمها الزماني لا يكسبها صفة الثبات والخلود بل هو بالعكس يطبعها بطابع الشيخوخة والهرم وينذر بأن مصيرها إلى الاضمحلال والفناء وفي هذا المقال بجزئيه رد على هذه النظرية وتلك الأباطيل

بقلم: محمد عبد الله دراز
2234
من أدلة وجود الله: القيم المطلقة | مرابط
تعزيز اليقين

من أدلة وجود الله: القيم المطلقة


إن هذا الإطلاق في القيم ينفي عنها الخضوع للرغبة الذاتية فهي ليست من تلك المسائل التي يدلي فيها كل إنسان برأيه أو تتواضع فئة من الناس على تقريرها أو تنتجها الثقافات المختلفة وفق ما يلائمها بل هي معان موضوعية لا تتقيد بالرأي الذاتي بمعنى أنها لا تنشأ من آراء الناس بل تكون هي الحاكمة على آرائهم.

بقلم: مجموعة كتاب
418
مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي | مرابط
مناقشات

مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي


العناصر التي تعزز أي مشروع تغريبي هي كتلة مقومات ومنها: التغطية السياسية والشرعية والنخبة الثقافية المسوقة وضعف الممانعة الشعبية وذكر ستة نماذج لمشروعات تغريبية وقام بتفصيلها وإبراز هذه العوامل الفاعلة فيها

بقلم: إبراهيم السكران
2492
صفات الخوارج في السنة النبوية | مرابط
مقالات

صفات الخوارج في السنة النبوية


الخوارج من الكلمات التي كثر تردادها في الآونة الأخيرة وإطلاقها على بعض الجماعات والتنظيمات بحق وباطل فكان لا بد من وقفة نتبين بها صفات الخوارج كما وردت في السنة النبوية حتى ننزل كل قوم منزلتهم اللائقة بهم حسب قربهم من هذه الأوصاف وبعدهم عنها ولم يأت في السنة النبوية تحذير من فرقة بعينها من فرق هذه الأمة إلا الخوارج فقد ورد فيها أكثر من عشرين حديثا بسند صحيح أو حسن وما ذلك إلا لضررهم الجسيم على الأمة والتباس أمرهم على الناس واغترارهم بهم إذ ظاهرهم الصلاح والتقوى ولأن مذهبهم ليس قاصرا على الآ...

بقلم: الشيخ عمار الصياصنة
1217
ترجمة لأفكار إحدى النسويات.. كيف تدمر النسوية أسرتك؟ | مرابط
النسوية

ترجمة لأفكار إحدى النسويات.. كيف تدمر النسوية أسرتك؟


النسوية تدفع المرأة إلى التمركز حول نفسها كأنثى وفي المقابل تتلاشى مساحات الأمومة مثلا! فالمرأة النسوية لا يمكنها أن تصبح أما أو أختا أو ابنة أو زوجة ﻷن مرتكزها الوحيد هو نفسها كأنثى وليس بيتها أو أسرتها أو غير ذلك من القيم.

بقلم: محمود خطاب
1181
فصل في خدمة المرأة لزوجها | مرابط
مقالات

فصل في خدمة المرأة لزوجها


وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر والله تعالى يقول: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. وقال تعالى: الرجال قوامون على النساء. وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القوامة عليه.

بقلم: ابن القيم
493