أيديولوجية المساواة

أيديولوجية المساواة | مرابط

الكاتب: سامية بنت مضحي بن فهد العنزي

575 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إنّ أيديولوجية المساواة الباطلة التي تبنتها الحركة النسوية، التي صفّق لها الكثير من المفكرين الغربيين نصرةً ومؤازرة لقضيَّة حقوق المرأة قد رفضتها العقول السّويَّة ومجّتها الألسن النقيَّة، لمخالفتها الطبيعة الإنسانيَّة والفطرة الغريزيَّة والصفات التَّكوينيَّة التي خُلقت في الذكر والأنثى وميزت كل منهما الأخرى، والتي لا يمكن لأي مخلوق بشري تغييرها والتَّحكم فيها سواء البيولوجيَّة، العضويَّة، أو النفسيَّة، والتي أراد الله وجودها وتمييزها في كل جنس عن الآخر، ليتمثل كلٌّ منهما بمهامه التي أرادها الله منهما، في بناء الحياة الأسريَّة ونهضة المجتمع، وأنّ في تحمل كل فرد مسؤوليته حتى يتكاتف كل منهما ويتكامل مع الآخر، كلٌّ حسب وظيفته في الحياة، وهذا كلّه، حتى تسير الحياة الخاصة والعامة على التَّكامل والتَّكاتف الوظيفي، ففي كل من الجنسين فروق كامنة تجعل منهما الصلاحيَّة نحو عمل معين، وهو الدور الطبيعي والشرعي المناط منهما.

 

ولكن، عندما تنحرف المفاهيم عن تلك الحقيقة الوظيفيَّة والخلقة الربّانيَّة، فإنّ الموازين تنقلب، والفطرة تنحرف عن مسارها ليحدث التَّخبط العشوائي في الحياة، فلا هدف تتخذه، ولا قوانين تحكمها، فلا تقيم أسرة، ولا تنهض لمجتمع، بل تفكك وضياع كالبهيمة، بل البهيمة لم تتخلَّ عن أسرتها ووظيفتها الأموميَّة.

 

إنّ أوّل من نادى بهذا المبدأ الممقوت، وتبعه كثير من الفلاسفة، والمفكرين، ورجال الدين المسيحي؛ أفلاطون، عندما أقام مدينته الفاضلة من خلال مشاعيته للنّساء والأطفال، من خلال مشاركة المرأة في بناء تلك المدينة، وبمساوتها مع الرجل في خوض ميدان التَّدريب العسكري، وميدان الرياضة، وفي ميدان حراسة الدولة.

 

لم يفرق أفلاطون في مبادئه بين تحمل المرأة البيولوجي، الجسدي، والعضوي لتلك المهام، وبين تحمل الرجل، فبمشاعيته للمرأة؛ ألغى الأسرة، وأخرج المرأة من دائرة الأمومة والزوجية وحفظ النسل، وجعلها ملكيَّة للجميع في حدود مدينته الفاضلة.

 

على أية حالٍ، فمبادئ أفلاطون جعلت أحد علماء الغرب يصف ويوضح خطورتها ومفاسدها على المرأة فأي انزلاق وخطر أعظم من تخلي المرأة عن مسؤوليتها تجاه الأسرة والتربية وحفظ النسل والأمومة، بل والتخلي عن أنوثتها لتتساوى وتتماثل -رغم الفروق الداخلية والخارجية- مع الرجل. وعليه، يمكننا هنا وضع مقابلة بين رؤية أفلاطون لجسد المرأة وتهميشه، وسيمون دي بوفوار من أهميَّة الجسد في تحديد وضع المرأة الاجتماعي، وإذا كانت سيمون دي بوفوار ترى أن جسد المرأة هو أحد العناصر الرئيسية في تشكيلها وتحديد وضعها في العالم فإن أفلاطون قرر إلغاء الجسد وجعلها مجرد أداة للإنجاب وأراد لها أن تكون كصفات الرجل في ميدان القتال وممارسة التَّمرينات.

 


 

المصدر:

سامية بنت مضحي بن فهد العنزي، الاتجاه النسوي في الفكر المعاصر: دراسة نقدية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
معرفة مذهب السلف | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة مذهب السلف


فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
535
نفي قاعدة أن العقل أصل النقل | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

نفي قاعدة أن العقل أصل النقل


ومن أرسله الله تعالي إلي الناس فهو رسوله سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا وما أخبر به فهو حق وإن لم يصدقه الناس وما أمر به عن الله فالله أمر به وإن لم يطعه الناس فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول وثبوت ما اخبر به في نفس الأمر: ليس موقوفا علي وجودنا فضلا عن أن يكون موقوفا علي عقولنا أو علي الأدلة التي نعلمها بعقولنا

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
975
من أخلاق الكبار: أخلاق النبي مع الأطفال | مرابط
تفريغات

من أخلاق الكبار: أخلاق النبي مع الأطفال


تخيل لو أن الإمام في مسجده تأخر في السجود ثم رفعتم رؤوسكم فرأيتم أطفال الإمام فوق ظهره يلعبون ماذا ستقولون للإمام؟ وماذا ستقولون لهؤلاء الأطفال؟ بعدما تسمعوا هذا الإمام ما يكره تذهبون زرافات ووحدانا إلى الأوقاف ليفصلوا هذا الإمام ويؤدبوه يأتي بأطفاله ويلعبوا فوق ظهره وهو يصلي في المحراب في الروضة ما وجدوا شيئا يلعبون به ويلتهون إلا هذا.. ولكن اقرأ هنا فعل النبي لتتعلم!

بقلم: خالد السبت
333
محاورة دينية اجتماعية الجزء الثاني | مرابط
مناظرات مقالات الإلحاد

محاورة دينية اجتماعية الجزء الثاني


محاورة بين رجلين كانا متصاحبين مسلمين يدينان الدين الحق ويشتغلان في طلب العلم فغاب أحدهما عن صاحبه مدة طويلة ثم التقيا فإذا هذا الغائب قد تغيرت أحواله وتبدلت أخلاقه فسأله صاحبه عن ذلك فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به المرسلون فحاوره صاحبه لعله يرجع فأعيته الحيلة في ذلك وعرف أن ذلك علة عظيمة ومرض يفتقر إلى استئصال الداء ومعالجته بأنفع الدواء وعرف أن ذلك متوقف على معرفة الأسباب التي حولته والطرق التي أوصلته إلى هذه الحالة المخيفة وإلى فحصها وتمحيصها و

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1733
عن النسوية الإسلامية | مرابط
اقتباسات وقطوف النسوية

عن النسوية الإسلامية


إن هذه القراءة النسوية للإسلام هي بعينها القراءة النسوية الغربية للنصرانية واليهودية فالقراءة هنا تتم بعيون غربية للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وذلك من خلال الدعوة إلى مناهضة ما يسمى بالتفسير الأبوي الذكوري للإسلام والعمل على تأسيس ما يعرف بالتفسير النسوي الذي يركز على النوع والجنوسة

بقلم: سامية العنزي
465
ظهور العقيدة في الوعي المتيقظ والشعور المتوقد | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

ظهور العقيدة في الوعي المتيقظ والشعور المتوقد


إذا سألنا هنا عن نشأة العقيدة الإلهية فليس سؤالنا منشأ هذه الضرورة الكامنة في العقل الباطن والتي هي من الأوليات التي لا يسأل عن مصدرها وإنما السؤال عن العوامل والملابسات التي تكون قد رفعت هذه الحقيقة إلى مستوى الوعي المتيقظ ثم لم تكتف بإبرازها أمام العقل قضية نظرية بل حولتها إلى فكرة حية ملهبة للمشاعر وطبعت موضوعها بطابع خاص يجعله ذاتا علوية تتوجه إليها القلوب بالرغبة والرهبة والدعاء والخضوع

بقلم: محمد عبد الله دراز
1941