تقوم الإمبريالية النفسية من خلال الإعلام بترويج صورة الإنسان الاقتصادي الجسماني، وهذا يتضح بجلاء في الإعلانات التليفزيونية. هدف الإعلان التليفزيوني اقتصادي استهلاكي (بيع سلعة ما) ولكنه يوظف الجنس للترويج لهذه السلعة، أي أن الإمبريالية النفسية لا ترى الإنسان إلا من خلال هذين البعدين (الاقتصادي والجنسي). فاحتساء الشاي لا تكتمل متعته إلا من أيد رقيقة!! والإعلانات عن قشرة الشعر أو البشرة تجعلنا نحس أن الجنس البشري كله قد أصيب فجأة بالأمراض الجلدية! ولكن لو شفي المرء منها فإن جاذبيته الجنسية لا يمكن أن تقاوم! ويرتبط بذلك كله انتشار القيم الاستهلاكية مثل أنه لابد للمرء أن يجدد نفسه كل يوم، من خلال نوع معين من الكريمات أو العطور، وأنه بوسعه رغم تقدمه في السن بوسعه أن يحتفظ بحيويته بل وشبابه وجاذبيته الجنسية بطبيعة الحال أن يستعيد حيويته بل وشبابه إن هو استخدم نوعا معينا من الفيتامينات. إنها إعلانات هدفها أن تدفع الإنسان لمزيد من الاستهلاك، وكأن الاستهلاك هو الهدف الأساسي وربما الوحيد من وجود الإنسان في هذا الكون.
وعادة ما يتم المزاوجة بين الاقتصادي والجنسي، ولكن هناك إعلانات تحاول أن تدخل للمستهلك من مدخل آخر. فهناك إعلانات تحاول استخدام قيم مثل الترابط العائلي ولكنها توظفها في تصعيد الاستهلاك، كأن يدعوك الإعلان للحديث مع والدتك من خلال شركة كذا للتليفونات، أو تذكرك بشراء هدية لها من المحل الفلاني وبالتقسيط المريح. وتعطيك العنوان ورقم التليفون وكل البيانات اللازمة للاستهلاك، وتخبرك بكل مزايا السلعة التي ستشتريها، (ولننظر ماذا يحدث للأعياد العلمانية عندنا مثل عيد الحب وعيد الأمهات). المهم هو توظيف القيمة الإنسانية والأخلاقية من أجل الاستهلاك. ومع هذا يظل استخدام الجنس هو النمط الأكثر شيوعا.