الاستدلال بنواميس الكون على نفي وجود خالقها

الاستدلال بنواميس الكون على نفي وجود خالقها | مرابط

الكاتب: سامي أحمد الزين

519 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إن من علامات عدم الصدق التي نراها كثيرًا عند ملحدي هذه الأيام هي التفكير بالطريقة التي نقلها دوكنز في وهم الإله عن ممثلة ومؤلفة أمريكية تدعى جوليا سويني.. حسب دوكنز فإن المفترض بتلك القصة أن تكون مضحكة ومؤثرة وملهمة. لكن الحقيقة أن فكرتها مضللة جدًا ومنافية للمنطق السليم إلى درجة الفجاجة.

تحكي تلك الممثلة أنه في أحد الأيام انتابها شعور مفاجئ أن الله غير موجود، تصارعت مع الأمر قليلًا مستخدمة اللامنطق التالي:


"لكنني لا أستطيع، لا أعرف إن كان بمقدوري أن لا أؤمن بالله، أنا أحتاج إلى الله، أعني أن هناك تاريخًا يجمعني به"

"لكنني لا أعرف كيف أتوقف عن الإيمان بالله، لا أعرف كيف تفعل ذلك، كيف تستيقظ وكيف يمر عليك اليوم" .. إن أن اعترفت أنها تساءلت بينها وبين نفسها بهذا التساؤل الذي كان مخجلًا بالنسبة إليها "كيف تبقى الأرض معلقة في السماء هكذا؟ تعني أننا نندفع متجولين في الفضاء فحسب؟ ذلك وضع هشّ للغاية"

إلى أن وصلت إلى النقطة الحاسمة "ثم تذكرت؛ آه أجل الجاذبية والعزم الزاوي سيبقياننا في حالة دوران حول الشمس وعلى الأرجح لمدة طويلة جدًا"

إن الفهم السقيم الذي يحاول بعض الملاحدة نشره هو أن نفي وجود الخالق أو مجرد تدخله، يمكن أن يكون بشرح الآلية التي يعمل بها شيء كان يقال عنه إنه من سنع الله، فإن استطاع شخص فهم القوى الفيزيائية المؤثرة على بقاء الأرض أو القمر أو غيرهما في مدارات محددة قال: هذا ما يبقيها إذا وليس الله كما كنت أعتقد!

سؤالي هو: بماذا كان يعتقد قبل ذلك بالضبط؟ هل كان يظن مثلا أنه إذا بحث المسألة علميا كان سيجد دليلا على أن الملائكة هي التي تقوم بدفع كل نجم وكل كوكب في مداره الخاص به؟ أنا أحاول بصدق أن أتصور فهمهم السابق قبل اكتشافهم العظيم "كلا إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى"

إن النتيجة الحتمية لمثل ذلك التفكير المغرق في السطحية وقلة الفهم أو بالأصح عدم الرغبة في الفهم ربما بسبب عدم الاكتراث؛ هي أن يكون لدينا عبارة مثل: نحن لا نحتاج إلى وجود إله، ﻷن كثيرًا من الأمور التي كنا نظن أن الله هو من يحكمها أثبت العلم الحديث أن قوانين الفيزياء هي ما تتحكم بها وليس الله.

لو أن شخصًا أسس شركة ما ووضع لها نظاما إداريا معينًا فإن من البدعي أن نقول إنه كلما كان ذلك النظام فعالا ومتناسقًا قلّت الحاجة إلى تدخل مباشر من واضع النظام. ولو احتاج الموظفون والمديرون في تلك الشركة إلى تدخل المؤسس في كل صغيرة وكبيرة لما كان لذلك النظام فائدة تذكر، وكانت الفوضى هي التي تحكم. والأمر ذاته ينطبق على الآلة التي لا تعمل إلا بتدخل بشري طوال الوقت.

ذلك هو الحال مع شركة يؤسسها بشر وآلة يخترعها إنسان، فكيف حال الكون الذي أوجده رب البشر ووضع قوانينه خالق كل شيء؟ الله تعالى وضع قوانين ونواميس تحكم الكون، ولا أدري كيف يستدل البعض بوجودها على عدم وجوده!

لا يعرف البشر إلا الشيء القليل عن أسرار هذا العالم ناهيك عن الكون. ثم إن جهل الإنسان بالطبع يزداد ويتضاعف إلى أن يكواد يصل إلى درجة الجهل التام إذا ما تعلق الأمر بتفاصيل الطريقة التي يدبر بها الخالق أمر هذا الكون. كل ذلك يجعل من عبارة مثل (الكون لا يحتاج إلى إله) عبارة سخيفة إلى درجة الإسفاف "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"

ولعل الخطأ الأكبر الذي يقع فيه قائل تلك العبارة هو أنه يحكم بعدم حاجة الكون إلى وجود إله دون أن يكون لديه أدنى تصور للكون الآخر الذي يحتاج إلى وجود إله. كيف يحاول فاقد الخيال أن يتصور ما وراء الطبيعة؟

 


 

المصدر:

سامي أحمد الزين، قطيع القطط الضالة: بين تناقضات دوكينز ومغالطات هيتشينز، ص72

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الإلحاد
اقرأ أيضا
لماذا نحب الرسول الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

لماذا نحب الرسول الجزء الثاني


في هذه المحاضرة يدور الحديث حول محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطريق إليها معناها وأهميتها واجباتها ومستلزماتها وما ينبغي أن يكون موقف المسلم تجاه نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وهذا الموضوع على درجة عظيمة من الحساسية لما وقع الناس فيه من أهل الإسلام أهل القبلة بين الإفراط والتفريط هذا الموضوع ينبغي أن يفتح كل مسلم قلبه وسمعه لتفاصيله ويتذكر حتى ولو لم يتعلم شيئا جديدا ويستعيد إلى نفسه وقلبه ذكريات هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويتذكر حقوق رسول الله وواجباته

بقلم: محمد المنجد
699
الاجتماع بالأصحاب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاجتماع بالأصحاب


وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح إما للنفس الأمارة وإما للقلب والنفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك والخبيثة لقاحها من الشيطان وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين والطيبين للطيبات وعكس ذلك

بقلم: ابن القيم
466
توجيه النشء بين الأمس واليوم | مرابط
تفريغات

توجيه النشء بين الأمس واليوم


من المؤسف أن تجد كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يعتنون بتوجيه الناشئة بآداب الإسلام لا في الطعام ولا في الشراب ولا في الدخول ولا في الخروج ولا في دخول الخلاء ولا عند المبيت ولا عند الاستيقاظ لقد تعلمنا كما قلت من عجائز جدات وأمهات ما عرفوا الدراسة ولا يعرفون الألف من الباء.

بقلم: سعد البريك
325
أصول الانحراف الدرس الأول ج1 | مرابط
تفريغات

أصول الانحراف الدرس الأول ج1


سلسلة ماتعة للدكتور أحمد عبد المنعم تدور حول أصول الضلال أو أصول الانحراف من خلال أصول الوحي نريد أن نتكلم عن الضلال الذي وقع فيه كثير من الناس فالضلال وقع فيه كثير من الناس لماذا ما هي الأصول التي حذر منها القرآن والتي لو وقع فيها الإنسان -في هذه الأصول- ينحرف والعياذ بالله

بقلم: أحمد عبد المنعم
469
الميزان الحق | مرابط
فكر

الميزان الحق


في واقعنا المعاصر اختلت موازين المسلمين في الحكم على الأحداث وعلى الأشخاص فأنزلوا أهل الباطل منزلة أهل الحق وأطلقوا ألقاب أهل العلم والتقى والبطولة على من لا يستحقها وفي هذا المقال استعراض واضح لاختلال الميزان في عصرنا الحالي واستعراض للميزان الحق في المقابل

بقلم: د منقذ بن محمود السقار
2494
أمهات المؤمنين قدوة للعالمين | مرابط
المرأة

أمهات المؤمنين قدوة للعالمين


وأمهات المؤمنين أولى من يقتدى بهن من نساء العالمين خاصة في أمر لو سلمنا أن وجوبه خاص بهن لأجل طهارة قلوبهن لكان الاقتداء بهن فيه من أوجب الواجبات على النساء ذلك أن الشريعة إنما جاءت لتزكية هذه النفوس وتطهيرها

بقلم: د عادل بن حسن الحمد
519