الخصوصية الثقافية

الخصوصية الثقافية | مرابط

الكاتب: محمود شاكر

375 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

فباطلٌ كلَّ البطلان أن يكون في هذه الدنيا، على ما هي عليه، «ثقافة» يمكن أن تكون «ثقافة عالمية»، أي ثقافةٌ واحدةٌ يشترك فيها البشر جميعا، ويمتزجون على اختلاف لغاتهم ومِلَلهم ونِحَلهم وأجناسهم وأوطانهم. فهذا تَدلِيسٌ كبيرٌ، وإنما يُراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم؛ هدفٌ آخرُ يتعلّق بفرض سيطرة أمّةٍ غالبة على أمم مغلوبة، لتبقى تبعًا لها. فالثقافات متعددة بتعدد «المِلل»، ومتميزة بتميُّز «الملل»، ولكل ثقافة أسلوب في التفكير والنظر والاستدلال مُنتَّزَعٌ من «الدين» الذي تدين به لا محالة.

فالثقافات المتباينة تتحاور، وتتناظر، وتتناقش؛ ولكن لا تتداخل تداخلًا يُفضـي إلى الامتزاج البتَّةَ، ولا يأخذ بعضها عن بعض شيئًا، إلا بعد عرضِهِ على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال، فإن استجاب للأسلوب أخذَتْهُ وعَدَّلَتْهُ وخلَّصَتْهُ من الشوائب، وإن استعصى نبذَتْهُ واطَّرحَتْهُ.

وهذا باب واسع جدًا، ليس هذا مكان بيانه، ولكني لا أفارقه حتَّى أُنبِّهَكَ لشيء مهم جدًا، هو أنْ تفصل فصْلًا حاسمًا بين ما يُسمَّى «ثقافة» وبين ما يسمّى «علمًا» -أعني: العلوم البحتة- لأن لكل منهما طبيعة مباينة للآخر، فالثقافة مقصورةٌ على أمةٍ واحدةٍ تدين بدين واحد؛ والعلم مُشاعٌ بين خلق الله جميعًا، يشتركون فيه اشتراكا واحدا مهما اختلفت الملل والعقائد


المصدر:
محمود شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا ص74

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
809
نسبية الحق والإنسان المؤله | مرابط
اقتباسات وقطوف

نسبية الحق والإنسان المؤله


إن هذا المؤمن بنسبية الحق هو شخص مؤله لنفسه وذاته وما ادعاؤه لحب البشر واحترامه لهم ورحمته بهم إلا محاولة أخرى لتشبيه نفسه بالرب الرحيم العطوف كأنه في منافسة خفية مع ذلك الرب الأعلى الذي يؤمن به كثير من البشر تاركينه هو ذلك البشري الإله بلا عبادة ولا حمد برغم عطفه وحبه لهم

بقلم: عمرو عبد العزيز
737
مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1 | مرابط
مناقشات

مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج1


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الخطأ أو ربما الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها وبين يديكم أحد أهم مقالاته في الرد على كتاب طه حسين حول موضوع الحياة الجاهلية وهل نلتمس ملامحها من القرآن أم من الشعر

بقلم: محمد الخضر حسين
777
المعاصي تنسي الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعاصي تنسي الله


ومن عقوباتها المعاصي: أنها تستدعي نسيان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة وأعظم العقوبات نسيان العبد لنفسه وإهماله لها وإضاعته حظها ونصيبها من الله وبيعها ذلك بالغبن والهوان وأبخس الثمن فضيع من لا غنى له عنه ولا عوض له منه واستبدل به من عنه كل الغنى أو منه كل العوض

بقلم: ابن القيم
248
ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر | مرابط
مناقشات

ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر


كتاب ردود علماء الغرب على الإلحاد المعاصر هو في الأصل رسالة دكتوراه نوقشت وأجيزت في قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية لكن الكتاب ليس مجرد عمل أكاديمي بحت وإنما هو في الحقيقة نتيجة تجربة ومجاهدة ثرية ومثيرة للباحث الدكتور عبدالله السويدي يتبين بها معنى أن الله تعالى إذا أراد شيئا هيأ أسبابه وأن الإنسان إذا جاهد في الله وسعى بإخلاص في طلب الحق هداه الله تعالى ووفقه وصرف عنه ما يعيقه عن الوصول إلى غايته.

بقلم: عبد الله القرني
547
النسبوية وما بعد الحداثة الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات الجندرية

النسبوية وما بعد الحداثة الجزء الأول


النسبوية وإن كانت فلسفة قائمة بذاتها إلا أنها أيضا عماد نظريات ما بعد الحداثة وأثرها عارم في مئات الأفكار الغربية والعالمية وفي اليسار الليبرالي خاصة وسنتخير الحديث عما يوضحها لنا كموثر على المسار الفلسفي اللوطي موضحين كيف كانت تلك الفلسفة أحد أسس التكوين

بقلم: عمرو عبد العزيز
2324