الدعاء والشكر

الدعاء والشكر | مرابط

الكاتب: خالد بهاء الدين

433 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحمد لله وحده.

 

من متع الحياة الدُّنيا: أن تكون عبدًا مكروبًا بكربٍ دنيويٍّ، أو محتاجًا لشيء من لعاعة الدُّنيا، فتُلحَّ بالدُّعاء والطَّلب من الله. 
ربِّنا العظيم الكبير الجليل المالك، ذي الجلال والجبروت والملكوت.. فتدعوه مع التَّذلُّل له، ويرزقك الخضوعَ والانصياع التام، والفقر التام، ولو بعد حين من الدعاء. 

 

فتدعو بالشيء نفسه، دعاء مكروب ملتجئ. 
يومًا، ويومين، وأسبوعًا، وشهرًا وشهرًا وشهرًا..
عامًا بعد عامٍ..
وأنت موقنٌ أن أجرك على هذه العبادة؛ محفوظٌ مشكورٌ.
فهذا الدعاء مع هذا اليقين: متعة متجرِّدة خالصة، وحلاوتها منصوصة في دين الملك سبحانه. 

 

وأمتع من ذلك وأفضل منزلة:
أن ترى استجابة دعائك، وتحقُّقه في الدُّنيا بعينك! 
فتسعى وتريد أن تشكر الله، فيرزقك الفهم، وتعرف أنّ وفاء الشكر مستحيل!

 

أتشكره على أن قدَّر لك الإسلام أولا؟ 
أم على أنه قدّر لك الخير فأصابك بكربٍ تشعر معه بفقرك وغناه، وذلّك وعزَّته، وحاجتك وقيّوميته، سبحانه؟ 
أم على أن هداك بعد الكرب لدعائه وعبادته؟ 
أم على أنه رزقك اليقين فلم تيأس، ولم تتزحزح عن منزلة الفقر أبدا؟
أم على أنه سميع مجيب، سمع دعاءك واستجاب، فأعطاك ما أردته، ولم يفتنك بعده ويصيِّرك من الغافلين اللاهين؟ 
بل هداك إلى إرادة شكره، والتَّأمُّل في فقرك قبل الاستجابة وبعدها؟ 

 

فإذا يئستَ - حينئذٍ - من قدرتك على شكره؛ شكرتَه بالتوحيد والتجرد، والثبات على التفقُّر والتذلُّل، ورجاء أن ينجيك يوم الدين.
فإنك فهمتَ الآن، أن الخير كلَّه بيديه، وأنه الأول، المبدئ، الذي لا قوة إلا به، ولا تحوُّل إلا بإذنه.
فهذا خير لك وأفضل من حاجتك الدنيوية التي استجيبت لك. 
ولعلك لم تكن لتصيب هذه الحال ولا هذا الفهم: لولا كربك الأول، ثم منة الله عليك بعد الاستجابة! 

 

وإن من أعظم الخير الذي يقدِّره الله لإنسانٍ:
ألا يستجيب دعاءه هذا في الدُّنيا، رغم إلحاح العبد وصدقه في الدعاء والطلب والتذلل! 
وذلك إذ علمَ العليم الحكيم تعالى: أنَّ العبدَ فلانًا، إذا استُجيب دعاؤه: نسي فقره الذاتي الذي لا يزول، أو تبطَّر. 
أو غفل عن الشكر الموصوف، فاستراح للدُّنيا، وركن إليها، وترك الدُّعاء الذي كان عليه.

 

فبقاؤه - إذًا - على حال الدعاء العبادة؛ خير له في الآخرة، وإن لم يكن خيرا له في الدُّنيا.
بل خير له في الدُّنيا، إذا علم الله أنه ينسى أو يتبطر! 

 

ولعلَّ بعض المحرومين من استجابة دعاء الدنيا؛ يكون في الآخرة: أسعد الناس بالحرمان من زينة السحَّارة الفتَّانة! 

 

فهذه حال واحدة فقط، تكون عدم استجابة الدعاء في الدنيا فيها خيرا للعبد. 
وهذا إذا قلنا: إن الداعي استكمل شروط الاستجابة كلها، ودعا بخير. 

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الدعاء #الشكر
اقرأ أيضا
الاستشراق الجندي الخفي للاستعمار | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاستشراق الجندي الخفي للاستعمار


اشتهر محمود شاكر شيخ العربية باهتمامه البالغ بقضايا اللغة وتصدى لكثير من المحاولات الداخلية والخارجية التي حاولت طمس معالم هذه اللغة لأنه فهم ما يترتب على ذلك من هدم للدين بأكمله وهذا مقتطف يتحدث فيه عن المستشرقين وكيف يعملون تحت ستار الاستعمار وحمايته وكيف كان هدم اللغة من ضمن أهدافهم الكبرى

بقلم: محمود شاكر
2136
المؤثرون الذين لا يؤثرون | مرابط
فكر

المؤثرون الذين لا يؤثرون


ما أعظمها من مصيبة حين يتحول الإيجابيون والمؤثرون وطلبة العلم والدعاة والمستشارون من الإنتاج المعرفي والعلمي والتطبيق العملي وتحقيق الأهداف وخدمة المجتمع إلى الاستهلاك فحسب وحين يتحول هؤلاء الصفوة من البحث عن الدقائق الضائعة طمعا في توظيفها والاستفادة منها إلى إهدار الساعات الطوال على توافه شبكة الإنترنت

بقلم: محمد بن سعد العوشن
914
اجتياحات أزمة الرجولة | مرابط
فكر الجندرية

اجتياحات أزمة الرجولة


وتتداخل مسألة الجماليات المعممة في التطورات الحديثة لمفاهيم الرجولة من خلال إعادة إنتاج أساليب الجسد الرجولي عبر تأثير الموضة الحديثة فبحسب جوان انتويسل لعب كل من المصورين وخبراء التجميل ومصممي الأزياء من الشواذ دورا في تغيير التمثيلات الخاصة بالرجولة من خلال جماليات الموضة التي أنتجت جماليات شاذة للجسد الرجولي.

بقلم: أ. سامي الحربي
528
الإنصاف عزيز | مرابط
مقالات

الإنصاف عزيز


وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى

بقلم: ابن القيم
326
القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات العالمانية

القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي الجزء الثاني


عندما يجري الحديث عن القراءة العلمانية للتاريخ الإسلامي فإن الأمر يتجاوز الحديث عن وقائع معينة تمت روايتها وتدوينها في كتب التاريخ ليجري الحديث عن الأرضية التي يجري على أساسها تحليل واستنباط النتائج من الوقائع كما أن هذا يشمل المنهج المتبع في التحقق من تلك الوقائع إنه في المقام الأول حديث عن فلسفة التاريخ عن المنهج الذي يسلكه المحلل في قراءته وتوظيفه للأحداث التاريخية في نسقه التحليلي قبل المنهج المتبع في التحقق من صدق الرواية التاريخية

بقلم: يوسف سمرين
1472
الرجولة الحديثة | مرابط
مقالات

الرجولة الحديثة


الرجولة الحديثة يتم نسونتها وغيبت عنها معاني الخشونة وتحمل شظف العيش ونزعة العنف والصراع والصبر على الأذى والجلد كما محيت معاني تحمل المسؤولية ورعاية الضعيف والعناية بالأهل والنخوة والشهامة والمروءة والترفع عن صغائر الأمور.

بقلم: إسماعيل عرفة
411