الديمقراطية في ميزان الإسلام

الديمقراطية في ميزان الإسلام | مرابط

الكاتب: مجموعة كتاب

984 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الديمقراطية هي في الأصل كلمة لاتينية مكونة من شقين وهما Demos وتعني الحكم أو السلطة، و Kratos وتعني الشعب، وبذلك فإن الديمقراطية هي حكم أو سلطة الشعب، ويقصد بها حكم الشعب بواسطة الشعب أو من خلال اختيار الشعب لمن ينوب عنه في الحكم، ويمكن القول بأن تداول كلمة الديمقراطية في أوروبا ازداد منذ القرن السابع عشر وخاصة في القرن الثامن عشر وذلك من خلال ازدهار الليبرالية السياسية، أما بالنسبة للعرب فلم تدخل كلمة الديمقراطية اللغة العربية إلا من خلال الغرب في أواخر القرن التاسع عشر.

 

عناصر الديمقراطية:

فقد أجمع العديد من المفكرين الغربيين على ضرورة وجود عناصر أساسية لاعتبار النظام القائم ديمقراطيًا، ومن بين هؤلاء المفكرين (روبرت دال)، ويمكن دمج هذه العناصر مع بعضها البعض في عناصر خمسة أساسية وهي:

١ - توافر الحريات الأساسية مثل حرية التعبير عن الرأي، حرية الصحافة، حرية إنشاء جمعيات سياسية، وكذلك الحرية الدينية.

٢ - وجود انتخابات حرة ونزيهة تعقد بشكل دوري كل سنتين أو مرة كل أربع سنوات.

٣ - التعددية السياسية بمعنى وجود حزبين سياسيين أو أكثر تتنافس للوصول إلى السلطة.

٤ - فصل السلطات، وهو فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، وكذلك فصلهما عن السلطة القضائية مع تحديد وظيفة كل من هذه السلطات.

٥ - مبدأ سيادة القانون، وهو أن الجميع متساوون أمام القانون حتى ولو كان رئيسًا للدولة أو أعلى منصب سياسي في الدولة، فمن يخالف القانون يجب أن يحاكم ويعاقب.

 

الوجه القبيح للديمقراطية

هذا عن الوجه الحسن للديمقراطية، أما الوجه الآخر القبيح الذي لا يفصح عنه الكثير فهو ما يلي:

إن أهم عناصر الديمقراطية عنصران:

الأول: سيادة الشعب.

الثاني: الحقوق والحريات مكفولة.

فمعنى السيادة للشعب: أي هو سيد السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية، فالسلطة التشريعية فيها يشرع الشعب ما يريد ولو خالف حكم الله، والسلطة القضائية فيها يقضي الشعب بما شرعه، والسلطة التنفيذية فيها ينفذ الشعب ما قضى به.

إذن أين الله ورسوله من هذه الأحكام؟!! غير موجودين، مع أن الله تعالى قال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، فالسلطة التشريعية من الله تعالى من كتابه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -، والسلطة القضائية والتنفيذية من الشعب على مراد الله تعالى.

أما معنى الحقوق والحريات مكفولة: فكل واحد حر، ففي النظام الديمقراطي حرية الردة مكفولة، يتنقل بين الأديان كيف شاء ويسب ويلعن القرآن والسنة كيف شاء تحت مظلة القانون الديمقراطي، وفي النظام الديمقراطي تحمل المرأة من سفاح فحريتها مكفولة، وفي النظام الديمقراطي لا دين ولا رجولة ولا أنوثة لا مسلم لا كافر لا بوذي لا شيء يمس الدين، كلهم سواسية.

إن الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب، إن الديمقراطية تعني أن نحتكم إلى الشعب ولا نحتكم إلى شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نحكم المجالس التشريعية حتى ولو خالفت شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق عليه غالبية أعضاء المجلس ولو كان مخالفًا لشريعة ربنا.

وهذه أيها الأفاضل مخالفة صريحة لما أمرنا به الله عز وجل من الاحتكام إلى شريعته ونبذ قوانين البشر؛ حيث يقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (يوسف: ٤٠)، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب: ٣٦)، إن الديمقراطية من وضع وتأصيل أعداء الإسلام، واجهوا بها علماء ضلال ووثنية، وكهنة شر وفساد، أما نحن المسلمين فلسنا بحاجة إلى الديمقراطية، وإنما أبدلنا الله بها شريعته الإسلامية، فإذا كانوا يتحاكمون إلى قوانين البشر، فنحن نتحاكم إلى قوانين رب البشر: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: ٥٠).

 

الشورى ليست الديمقراطية:

وأما ما يتعلق بالشورى – كما يُلَبِّسُ البعض أي أنهم يلبسون على الناس ويقولون إن الديمقراطية مثل الشورى في الإسلام – فالشورى في الإسلام في الأمور التي لا نص فيها قطعيًّا، وفي تنفيذ الشرع، فإذا نزلت بنا نازلة، كيف نقيم حكم الله في هذه النازلة؟ أي نص ينطبق على هذه النازلة؟ هنا تكون الشورى، إما بالنص إذا كان النص آية أو حديثًا، وإما بالاستنباط، (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: ٨٣)، فنستنبط ونجتمع ونأخذ الرأي من أهله، هذا كانت مشكلة أو نازلة حربية مثلًا، يجمع العسكريون مع العلماء مع من يكون فيهم الثقة، ويقال لهم: ما رأيكم في هذا؟ كيف نواجههم؟ كيف نقاومهم؟

أما الآيات والأحاديث نحن ما اجتمعنا إلا لنعمل بها ولنقيمها، ولا نقاش في ذلك، لكن أهل الديمقراطية يجتمعون يقولون: نحرم الخمر أو لا نحرم؟، بل وصل الأمر والعياذ بالله إلى أن بعض مجالسهم الديمقراطية أباحت اللواط زواجًا أي يعقد الرجل على الرجل والعياذ بالله، هذه هي الديمقراطية نسأل الله العفو والعافية.

إذن فالشورى في الإسلام نقاش: في كيف نطبق شرع الله على مراد الله؟، وما هي الأدلة التي توافق المسائل؟، أما الديمقراطية: النقاش في كيف نشرع الشرائع؟ ولو خالفت حكم الله.

 


 

المصدر:

مجموعة مؤلفين، العلمانية والليبرالية والديمقراطية والدولة المدنية في ميزان الإسلام، ص21

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الديمقراطية
اقرأ أيضا
لماذا نصوم الجزء الرابع | مرابط
تفريغات

لماذا نصوم الجزء الرابع


أما التائهون يسهرون إلى نصف الليل على الباطل ثم يتسحرون وينامون فلا يستيقظون لصلاة الصبح أبدا فتفوتهم صلاة الصبح لكن أمثالكم ينامون بعد صلاة التراويح أربع ساعات أو خمس ساعات ثم يقومون فيتسحرون فإذا أذن الصبح توضئوا وصلوا

بقلم: أبو بكر الجزائري
817
الانقياد المشروط | مرابط
فكر مقالات

الانقياد المشروط


اعتاد كثير من ذوي التوجهات المنحرفة عن النص الشرعي أن يقلب في كتب الفقهاء أو يستفيد من التقنية الحديثة لاستخراج الأقوال والاختيارات الفقهية القديمة والحديثة التي يرونها تتفق مع بعض رؤاهم ليصنعوا من أجزائها زورقا آمنا لتجاوز أمواج الاعتراض والنكير التي لا تزداد نحو عبثهم إلا دفعا وتصاعدا وقف بعدها يشير بطرف عينه إلى كل من يذكره بقول الله وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن فلانا يرى كذا وأنه يرى رجحان اختيار فلان وأن المسألة فيها اختلاف فلا يصح التضييق على الناس ما دام في المسألة خلاف لأحد...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
917
أراكان مأساة شعب يباد | مرابط
تاريخ توثيقات

أراكان مأساة شعب يباد


وكانت بورما منذ سيطرتها على أراكان المسلمة عام 1784م تحاول القضاء على المسلمين ولكنها فقدت سلطاتها بيد الاستعمار البريطاني عام 1824م وبعد مرور أكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام 1938م وأول أمر قامت به بورما بعد الحكم الذاتي هو قتل وتشريد المسلمين في جميع مناطق بورما حتى في العاصمة رانجون واضطر أكثر من 500000 خمسمائة ألف مسلم إلى مغادرة بورما

بقلم: ياسر الفخراني
815
مكابرة عدم التفريق بين الذكر والأنثى | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

مكابرة عدم التفريق بين الذكر والأنثى


ومن أعظم صور المكابرة للفطرة وللعقل في الفكر الليبرالي: هي مكابرة عدم التفريق بين الذكر والأنثى وبهذا يهونون من الغايات كفاحشة الزنى لو وقعت وأن الغايات لا تستحق لأجلها وضع كل هذه الوسائل التي يسمونها عراقيل وعقبات فهم ينظرون لزنى الجنسين كمصافحة الكفين لبعضهما بل من المسلمين من يعظم أمر مصافحة الجنسين الأجنبيين بعضهما البعض أعظم من تعظيم زناهما في الفكر الليبرالي انتكست الفطرة وزالت الغايات وزالت الوسائل معها

بقلم: عبد العزيز الطريفي
1039
الموظفة: الترغيب في المحتارة والزهد في المختارة | مرابط
المرأة

الموظفة: الترغيب في المحتارة والزهد في المختارة


المرأة العاملة غارقة في مخالفات شرعية كالاختلاط وكثرة الخروج ومزاحمة حق الرجل في العمل لكن لا ينبغي تعميم الحكم فمنهن المضطرة التي تسأل الله القرار ولم يتيسر لها بعد

بقلم: قاسم اكحيلات
343
كيف تتفاضل الأعمال؟ | مرابط
مقالات

كيف تتفاضل الأعمال؟


إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.

بقلم: ابن القيم
295