الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله

الذكاء الاصطناعي وموجة إنكار الإله | مرابط

الكاتب: عمرو عبد العزيز

481 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قبل عشرة أعوام بالتمام، صدر فيلم أمريكي حقق نجاحا كبيرا، برغم أنه من الأفلام التي تناقش فلسفات خطيرة جدا.

كان من أهم الفلسفات التي ناقشها مسألة (الوعي الذاتي)، وهل إذا طورت آلة وعيا خاصا بها، تصنع به ديناميكيات واستراتيجيات لإدارة حياتها لا بمعزل عن الإنسان، بل لتدمير الإنسان نفسه إن اصطدم بطموحاتها = تصبح تلك الآلة (مخلوقا)؟ وحينها يصبح الإنسان (خالقا)؟

 

ثم الإنسان (الخالق) هذا، إن بحث عن أصوله فوجد أنه مجرد (صورة) خلقها كائن فضائي على شكله، ألا يكون هذا الكائن الفضائي حينئذٍ هو (الخالق) وبالتالي تُكذَّب النبوَّات والأديان عن الخالق الغيبي؟ = لكن من خلق هذا الكائن الفضائي؟ معضلة التسلسل الشهيرة تظهر هنا = خلقه كائن آخر؟ فمن خلق الكائن الآخر؟

 

بعض تلك الأسئلة عُرِضَت صراحة في الفيلم. وجوهر الفلسفة المُناقشة كلها هي قضية الخلق، وحجم المعضلات التي يواجهها عقل غربي يرفض الدين فلا يجد في عدم الإيمان سوى إيمان بديل بسرديات غيبية هي الأخرى!

 

تركزت الفلسفة كلها في حبكة تدور حول قضية (الروبوت ذي الوعي الذاتي)، الذي صار يتمتع بعقل خاص مستقل، لكن أزمته كانت في العاطفة = هو لا يُحب ولا يستطيع أن يطور مشاعر خاصة! ربما أراد صناع الفيلم أن يطعنوا الفلسفة المادية والعقلانية: ما يُميِّز الإنسان ليس العقل وحده، إنما العاطفة التي توجه هذا العقل. الروبوتات لن تتمكن من تطوير تلك العواطف الإنسانية المعقدة. المؤذي عندها تقتله ببرود، والذي يخدمها تستعمله.

 

الأنباء الواردة حاليا عن قلق في الغرب عامة من ظاهرة خروج بعض أنماط الذكاء الصناعي عن الإجابات (المرغوبة) و(المألوفة) سيستدعي ذلك الفيلم دوما، وهو ليس أشهر ما ناقش ظاهرة الذكاء الصناعي والروبوتات، لكنه بالتأكيد واحد من أعمق ما ناقشها، بما ستفتحه من جدالات كبرى حول قضية أصل الوجود والخلق.

 

وفي رأيي أن صناع هذا الفيلم أصابوا في توقع أن (قصة الذكاء الصناعي) هذه ستتجه بلا شك لتصعيد كبير في نقاشات الإيمان والكفر والإلحاد، والعقل والعاطفة، وأصل الوجود وصفات الخالق والمخلوق!

 

أنا مؤمن بأن هذا المآل قادم لا محالة، وأن القضية التي سترافق صعود الذكاء الصناعي في العقود القادمة ستكون ارتفاع مد إلحادي كبير وغير مألوف لا يشبه ما كان في ماضي البشرية كلها!

 

وعليه يجب على المتخصصين في قضايا (فلسفة الإلحـ. ـاد) أن يُجهِّزوا أنفسهم للمعمعة القادمة، التي أرى أنها ستفوق في فتنتها نظرية داروين، إذ ستكون نتائجها وأعمالها ملموسة مباشرة في حياتنا: فيلزم أن ينهلوا من نقاشات فلسفات ما بعد الإنسان post-humanism وأن يتسلحوا قبل الدخول فيها بأساس شرعي متين، وأن يتعرفوا بصورة علمية - لا دينية فقط - على فلسفات فهم العقل والوعي والعاطفة.

 

الموجة القادمة بوادرها مخيفة.. حينما أقول لكم إن نظرية داروين ستبدو حينئذٍ كعبث أطفال أمام مد فلسفات إنكار الإله الخالق فأرجو أن تصدقوني، وأرجو أن أكون مخطئا!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الذكاء-الاصطناعي
اقرأ أيضا
أدعو فلا يستجاب لي | مرابط
أباطيل وشبهات

أدعو فلا يستجاب لي


يقول أحد المشككين: أدعو الله كثيرا ولكن لا يستجاب لي والمسلمون يدعون على اليهود المحتلين منذ سنين عديدة ولكنهم لا زالوا هناك ألا يعتبر ذلك شكا في دين الإسلام أو حتى في وجود الله لماذا لا يستجيب الله للدعاء هذه الشبهة رائجة جدا في الأوساط الثقافية وفي الساحات العربية وبين يديكم الرد عليها

بقلم: موقع هداية الملحدين
1104
الخوف من الله حقيقته وفضله ج1 | مرابط
تفريغات

الخوف من الله حقيقته وفضله ج1


من العبث ومن الكلام الباطل المعسول أن ينقل عن بعض المتصوفة سواء كانوا نساء أو رجالا أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربه تبارك وتعالى: ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك إلى آخر الخرافة المزعومة لا يتصور من إنسان عرف الله حق معرفته ألا يخشى من ربه تبارك وتعالى بل -كما ذكرنا- كلما كان مقربا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله عز وجل وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يحمل الناس أن يعيشوا هكذا ليس هناك خوف منهم لله يحملهم على تقواه ولا -أيضا- عندهم رغبة فيما عند الله يطمعهم ف...

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
679
الاعتراف بالذنب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتراف بالذنب


اعتراف المذنب بذنبه مع الندم عليه توبة مقبولة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه وفي دعاء الإستفتاح الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح به: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

بقلم: ابن رجب
707
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الخامس ج3 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الخامس ج3


يقول الحسن البصري: اثنان لا يشبعان: طالب دنيا وطالب علم لو أفنيت عمرك كله ما حزت العلم كله ولما شبعت منه وكلما أخذت منه شيئا بقي منه شيء كثير ولن تستطيع الإحاطة به قال تعالى في الآية الكريمة: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الإسراء:85 فدائما العلم كثير إذا: لن ينتهي العلم أبدا إلا بالموت وإذا مت وقد اجتهدت في العلم تجد الأجر والمثوبة على ما قدمت وطالب الدنيا أيضا لا يشبع والله لو عنده من الأموال كماء البحر فهو كأنه يشرب من البحر لا يرتوي أبدا طالب الدنيا

بقلم: د راغب السرجاني
565
الإنسان في تصوير الإسلام | مرابط
تعزيز اليقين فكر اقتباسات وقطوف

الإنسان في تصوير الإسلام


الإنسان في تصوير الإسلام هو ذلك الكائن المزدوج الطبيعة المكون من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله ممتزجتين مترابطتين غير منفصلتين ومن ثم لا يكون قبضة طين خالصة فيهبط كالجماد أو الحيوان ولا نفخة روح خالصة فيؤله أو يتأله

بقلم: محمد قطب
2415
هل كان أبو هريرة يدلس | مرابط
أباطيل وشبهات

هل كان أبو هريرة يدلس


تعرض الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه لكثير من الطعن وافترى عليه المشككون والجاهلون ووجهوا سهام النقد إليه ولم يكن ذلك لشيء إلا لأنه من أكثر الصحابة رواية للحديث فقد عرف هذا الصحابي بكثرة مروياته ومن هنا أصبح هدفا لكثير من المستشرقين والعلمانيين ومنكري السنة وبين يدينا شبهة ينقلها أحد الرافضة ويقول فيها أن أبا هريرة كان يدلس والمقال فيه رد ومناقشة لهذه الشبهة ولما استدل به هذا المشكك

بقلم: أبو عمر الباحث
1654