ومن المعلوم: أن مذهب السلف إن كان يعرف بالنقل عنهم فليرجع في ذلك إلى الآثار المنقولة عنهم وإن كان إنما يعرف بالاستدلال المحض بأن يكون كل من رأى قولا عنده هو الصواب قال: " هذا قول السلف لأن السلف لا يقولون إلا الصواب وهذا هو الصواب " فهذا هو الذي يجرئ المبتدعة على أن يزعم كل منهم: أنه على مذهب السلف فقائل هذا القول قد عاب نفسه بنفسه حيث انتحل مذهب السلف بلا نقل عنهم بل بدعواه: أن قوله هو الحق.
وأما أهل الحديث: فإنما يذكرون مذهب السلف بالنقول المتواترة يذكرون من نقل مذهبهم من علماء الإسلام وتارة يروون نفس قولهم في هذا الباب كما سلكناه في جواب الاستفتاء.
فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة. والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره. فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع.
المصدر:
ابن تيمية، مجموع الفتاوى 4/152