لماذا ندعو الله إذا كان كل شيء مقدر ومكتوب

لماذا ندعو الله إذا كان كل شيء مقدر ومكتوب | مرابط

الكاتب: ابن حجر الهيتمي

2838 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

السؤال

وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله: أنكر بعضهم الدعاء... محتجا بحديث (فرغ ربك من ثلاث رزقك وأجلك وشقي أم سعيد) فهل هو كذلك؟

 

فأجاب بقوله:

ليس الأمر كما زعم هذا المنكر، ويلزمه إبطال الدعاء من أصله، لأن كل ما سيقع لك قد فرغ منه، وبذلك قال بعض المبتدعة، فأبطلوا الدعاء من أصله، وقالوا لا فائدة له؛ لأنه إن سبق وصول المدعو به للداعي، فالدعاء بوصوله عبث، وإلا فهو عبث أيضا.

وردَّ عليهم أهل السنة بأن المطلوب من الدعاء التذلل والخضوع؛ ولذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لم يسأل الله يغضب عليه) وفي بعض الآثار أن الله قال لموسى عليه الصلاة والسلام: (يا موسى اسألني كل شيء حتى ملح عجينك).

على أن له فائدة، وهي أن تلك المقدرات على قسمين:
منها ما أُبرم، وهو المعبر عنه بما في أم الكتاب الذي لا يقبل تغييرا ولا تبديلا.
ومنها ما عُلق على فعل شيء، وهو المعبر عنه باللوح المحفوظ القابل للتغيير والتبديل، وأصل ذلك قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) [الرعد: 39]. فمن ذلك حديث أن زيارة الرحم تزيد في العمر...

وكذلك الدعاء: قد يكون المدعو به معلقا على الدعاء، فكان للدعاء فائدة أي فائدة.
على أن الدعاء لا يخيب أبدا؛ لأنه إن كان بما علق على الدعاء، فواضح وجود الفائدة فيه، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).

وإن كان بما لم يعلق على ذلك، ففائدته الثواب؛ لأن الدعاء من العبادة.

وأيضا: فيبدل الله الداعي بدل ما دعا به، مما لم يقدر له، بما هو مثل ذلك، أو أفضل منه، كما يليق بجوده وكرمه وسعة فضله وحلمه، ومن ثم أطلق سبحانه وتعالى الاستجابة للدعاء ولم يقيدها بشيء، فقال عز وجل: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60]، وقال: (أجيب دعوة الداع إذا دعان) [البقرة: 186]

والفعل وإن كان في حيز الإثبات فلا عموم له، لكنه في مقام الامتنان للعموم، كما قالوا به في النكرة في سياق الامتنان، إذ الفعل والنكرة المثبتة من واد واحد، عموما وعدمه، فتأمل ذلك كله، فإنه ظهر لي بحمد الله ولا مزيد على حسنه وتحقيقه.

ثم رأيت بعضهم أشار لبعض ذلك فقال: لا ينكر الدعاء إلا كافر مكذب بالقرآن؛ لأن الله تعالى تعبد عباده به في غير ما آية، ووعدهم بالاستجابة على ما سبق في علمه من أحد ثلاثة أشياء على ما ورد في الحديث: استجابة، أو ادخار، أو تكفير عنه.

 


 

المصدر:

ابن حجر الهيتمي، الفتاوى الحديثية، ص92

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الدعاء #الجبر
اقرأ أيضا
استشرفها الشيطان | مرابط
المرأة

استشرفها الشيطان


ربط المؤلف -مؤلف كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة- بين عورة المرأة -كما فهمها هو- واستشراف الشيطان وجعل الاستشراف مبنيا على كشف المرأة لعورتها أو التقصير في سترها في حين أن الحديث صريح في أن الاستشراف مربوط بخروج المرأة من غير التعرض لقضية التبرج والتقصير في ستر العورة وهذا ما فهمه العلماء من الحديث.

بقلم: د. عادل بن حسن الحمد
413
قاعدة الخمس ثواني ج1 | مرابط
ثقافة

قاعدة الخمس ثواني ج1


كتاب اليوم اسمه قاعدة الخمس ثوان the 5 second rule مؤلفة الكتاب هي ميل روبينز والكتاب تحدث عن تكنيك أو خدعة نفسية بسيطة تسميها المؤلفة قاعدة الخمس ثوان والمؤلفة ابتكرت هذه القاعدة أو التكنيك خلال مرحلة سيئة في حياتها حيث سقطت من قمة النجاح إلى قاع الفشل وباستخدام هذا التكنيك عادت الأمور إلى مسارها من جديد وحققت نجاحا أكبر من السابق

بقلم: علي محمد علي
377
شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل


يعلق بعض المشككين حول الآية وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين حيث ووقع بصرهم على كلمة الظالمين وصورت أوهامهم أن فيها خطأ نحويا لأنها عندهم فاعل والفاعل حكمه الرفع لا النصب فكان حقه أن يكون هكذا: لا ينال عهدى الظالمون لأنه جمع مذكر سالم وعلامة رفعه الواو وبهذا تخيلوا بل توهموا أن القرآن لا سمح الله قد أخطأ فنصب الفاعل الظالمين ولم يرفعه الظالمون هذا هو منشأ هذه الشبهة وبين يديكم الرد عليها

بقلم: مجموعة كتاب
869
المسلم وشارة دعم اللوطية | مرابط
فكر الجندرية

المسلم وشارة دعم اللوطية


أي شيء في الدنيا.. أي مصلحة تلك التي تجعل مسلما يلبس إشارة دعم لمن يعملون عمل قوم لوط! أو يداهن في مثل ذلك أو يعتذر عن إغضابه لأهل القرية التي تعمل الخبائث. وكيف لمسلم أن يشاهد ويتابع ويعلق على مبارايات تروج لاستحلال الفواحش والمجاهرة بها .. الله الغني عن الكورة واللي جاب الكورة!

بقلم: حسين عبد الرازق
338
المسلمة والفكر المادي للرزق | مرابط
مقالات المرأة

المسلمة والفكر المادي للرزق


العلمانية نخرت فكر كثير من المسلمات فجعلت المسلمة تفكر تفكيرا ماديا لدرجة صارت المسلمة تخاف من الرزق! فصارت تتساءل ماذا لو مات والدي؟ ماذا لو طلقت أو ترملت؟! متناسية بوجود رب اسمه الرزاق الكريم الرحيم

بقلم: قاسم اكحيلات
282
فضائل سورتي الفلق والناس | مرابط
تفريغات

فضائل سورتي الفلق والناس


فمعلوم أن التعوذ هو الالتجاء وهو أيضا نوع من أنواع الرقية والدعاء فيكتفي الإنسان بذلك فتكون حينئذ رقية وتكون كذلك أيضا تعوذا من الجان وكذلك أيضا تعوذا من العين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ويتعوذ من العين فلما نزلت اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما

بقلم: عبد العزيز الطريفي
3927