واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل، فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول، وأما أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع، والمعقول تبع، ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي، وعن الأنبياء -صلوت الله عليهم-، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء، ولو كان الدين بُني على المعقول لجاز للمؤمنين ألا يقبلوا شيئًا حتى يعقلوا. ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله عز وجل وما تعبد الناس (باعتقاده) وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما أمور لا تدرك حقائقها بعقولنا وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها
المصدر:
- أبو القاسم الأصبهاني، الحجة في بيان المحجة، 318/1