
﴿أوَمَن كانَ مَيِّتًا فَأحْيَيْناهُ وجَعَلْنا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنها كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكافَرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾
كتاب الله هو النور الذي ترى به وتمشي، واللهِ لم أتعلم أي صنف من العلوم الشرعية أو الإنسانية أو الفكرية إلا رجاء أن يكون سبيلا بوجهٍ ما للعلم بالقرآن الكريم.
وأكثرُ ما أعطيه انشغالي وجهدي ووقتي هو لكتاب الله تلاوةً وتفسير وتدبرا وحفظا ومراجعة وطلبا لما فيه من الهدى والبينات والفرقان والنور، وكتابُ الله كما قال الشافعي رحمه الله بكلمة جامعةٍ موجزة: لا يعلمُ من جهلَه ولا يجهلُ مَن علِمه..
كلما وجدتُ شخصا يريد الفقه في الدين ويلتمسُ العلم يبذل ويتعب ويجتهد في التحصيل والقراءة ويصبر على قراءة واستماع سجالات فكرية ومسائل مُثارة وكتب فكرية ونحوها.
لكنّه مصروفٌ عن القرآن لا يصبر على تلاوته ولا على تعلُّمه ولا يسعد به، ولا يطلب معانيه ولا يطلبه أن يكون في صدره، بل لو قرأ شيئا منه يقرأه قراءة روتينيّة قراءة موظَّف يفكِّر متى ينتهي من ورده (لو كان له وردٌ أصلا)؛ أقولُ: هذا شخص مسكين جدا واللهِ أُشفِق عليه جدا
نفسُ صرفِه عن القرآن وعدم صبره عليه وظنه أنه لمجرد البركة والثواب وليس مصدر الهدى =تلك نفسها مصيبة عظيمة.. ومِن أول وأخصّ ما أُوصي به كلَّ مَن أتدارسُ معهم علوم الشريعة وغيرهم ممن يقضي وقتا في طلب العلم ، وأُشدّد عليه فيه وأكرّره:
أن يكون أهمَّ ما يدّخر له وقتَه وجهده ( كتابُ الله) حفظًا وفقهًا وتفسيرا.. ليس ذلك لقيمته في تكوين طالب العلم فحسب ،فهذا أقلُّ ما أقصده منه.
ولكن لأن كتابَ الله حياةٌ ورُوحٌ يهتدي به العبدُ لنفسه أولًا، وينعمُ به، ويعيشُ به حياةً طيّبةً في الدنيا والآخرة بقدر تمسّكه به ولا أعلمُ أحدًا أجَّلَ الاشتغالَ به وتعلّمه وحفظه وانشغل بغيره( آمِلًا أن يتفرّغ له يومًا ما ويُنجزَه) وتحقق أملُه.. بل يصيرُ شاقًّا عليه جدا..
خيركُم = مَن تعلّم القرآن وعلّمه.. ونحن إنما نطلب كل العلوم لأجل القرآن
انظر كَم تُضيّع من العمر فيما تُوقن أنّه لا ينفعُك ؟ وسل اللهَ مُصرّف القلوب: أن يُصرّف قلبك إلى كتابه.