يبدو أن الانقطاع سمة أساسية لحضارتنا، وربما لعصرنا، هناك شيء اسمه العلم يزعم أنه يتعامل مع التفاصيل ومع البيئة الشاملة للعالم، ويحاول أن يفسر: كيف أتت المادة إلى الوجود وكيف نشأت الحياة، ومتى وبأي أسلوب وصلت الكائنات البشرية إلى الأرض، ويبدو أن العلم يتعلق بكل شيء، ولكنّ العلم في الواقع قاصر جدًا، ودعوني أقرأ لكم ما كتبه جاك مونو، وهو عالم بيولوجيا جزيئية وناشط سياسي فاز بجائزة نوبل، عن الرؤية الكونية للعلم قائلًا:
باردة متجهمة لا تقترح أي تفسير وإنما تفرض تخلّيًا قاسيًا عن كل شأن روحي (فكرة أن المعرفة الموضوعية هي المصدر الوحيد للحق الثابث( على نحو لم يخفف من قلقنا وإنما زاد فيه. فبضربة واحدة يبدو أنها مسحت كل ما ورثناه من مئة ألف عام، وهو ميراث كان قد اتّحد مع طبيعة البشر نفسها. لقد كتبت هذه الفكرة نهاية الميثاق الروحي القديم بين الإنسان والطبيعة، ولم تترك شيئًا مكان هذه الرابطة القديمة إلا سعيا قلقًا في كون من العزلة الجامدة..، (الصدفة والحتمية، نيويورك1962، ص170)
يقول مونو أن العلم يقدم معلومات ويمارس تجارب، فهو لا يبتعد فقط عن التعامل مع المعاني وإنما يزيد عمدا كل شيء يكون ارتباطه غامضًا بها، والنتيجة: أنه كلما علمنا أكثر عن الكون بدا أنه لا جدوى من ذلك -كما كتب ستيفن واينبرغ
المصدر:
بول فييرابند، طغيان العلم، ص33