منهاج السنة.. والسلف المتخيل

منهاج السنة.. والسلف المتخيل | مرابط

الكاتب: عبد الله القرني

413 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

التحقق الواقعي لمنهج أهل السنة عبر القرون وإلى أن تقوم الساعة هو مقتضى الضمان الإلهي بحفظ الدين من التحريف، والمقصود بالتحقق الواقعي هنا أن تبقى طائفة من الأمة ظاهرين على الحق محافظين على الدين الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يلحقه تبديل أو تحريف، وهم الطائفة المقصودة في الحديث المتفق عليه واللفظ لمسلم :" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ".

وعلى هذا فيلزم أن الحق كما يتبين بالدلائل والبراهين عليه فهو يتبين كذلك بأن يتحقق في الواقع في طائفة تتمسك به وتظهره وتعرف به، وبذلك يكون للمسلم سلف صالح يقتدي بهم ويهتدي بهديهم، وهذا السلف ليس خاصا بالقرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وإنما هو متحقق في كل عصر، ظاهر لمن أراد سلوك سبيلهم والالتزام بمنهجهم.

فكما جعل الله الأمة شاهدة على جميع الأمم كما في قوله تعالى :" {وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ} فقد جعل الله هذه الطائفة شاهدة على الأمة بالتزامها بالحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على أن يكون الوحي هو مرجعية الأمة  فيما تختلف فيه، وعلى هذا يفهم قول الإمام أحمد في بيان المقصود بهذه الطائفة: “إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم”، وقول الإمام البخاري إنهم أهل العلم.

وإنما قالوا ذلك لبيان أن التحقق لهذه الطائفة لا يكون إلا بشرط السلامة من الانحراف في المنهج، والوضوح التام في الالتزام بمصدرية الوحي والتسليم المطلق بالنصوص، بخلاف ما يحصل من الطوائف المبتدعة من إحداث الخلل في هذه المرجعية، بما يزعمونه من ضرورة تقييد التسليم بنصوص الوحي بما أحدثوه من أصول بدعية جعلوها حاكمة على دلالات النصوص، وهذا الضابط المنهجي هو الذي يميز على التحقيق أهل الاتباع عن أهل الابتداع، وأهل الإجماع المعتبر عن أهل الشذوذ والانحراف في أصول الاعتقاد.

وهذا المعنى لا يقوم معه القول بالسلف المتخيل الذي لا تحقق له في الواقع، بل هي دعوى مناقضة له تمام المناقضة، بحيث يلزم عنها أن الحق هو نتيجة جهد شخصي لكل أحد من أفراد الأمة، وأنه لا تميز لطائفة عن غيرها في التزامها بالحق وقيامها به، بل يمكن أن يكون الحق عند طائفة من طوائف الأمة في أصل من أصول الاعتقاد الكبرى، وتكون تلك الطائفة مخالفة للحق في أصل آخر، لا يستثنى من جميع الطوائف طائفة على التعيين، وعلى هذا يكون كل مسلم مكلفا بأن ينظر فيما يلتزم به من أصول الاعتقاد بحسب ما يؤديه إليه اجتهاده، وأنه لا إشكال في أن ينتقل ويتحول من أصل إلى آخر على الدوام، لأن فرضه أن يستمر في الاجتهاد والتطواف بين الأصول، ويبقى حاله على أنه لا حرج في افتراض نسبية الحق وإمكان التحول عما يعتقده، وأن يكون الشك والتساؤل المستمر هو الثابت الوحيد الذي يحافظ عليه ويوصف به 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#منهاج-السنة
اقرأ أيضا
الاعتراف بالذنب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاعتراف بالذنب


اعتراف المذنب بذنبه مع الندم عليه توبة مقبولة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه وفي دعاء الإستفتاح الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح به: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

بقلم: ابن رجب
820
قصور العقل عن درك جميع المطلوب | مرابط
مقالات

قصور العقل عن درك جميع المطلوب


ثم رأيت أشياء من هذا الجنس أظرف منه: مثل اخترام شاب ما بلغ بعض المقصود بنيانه! وأعجب من ذلك أخذ طفل من أكف أبويه يتململان١ ولا يظهر سر سلبه والله الغني عن أخذه وهما أشد الخلق فقرا إلى بقائه! وأظرف منه إبقاء هرم لا يدري معنة البقاء وليس له فيه إلا مجرد أذى! ومن هذا الجنس تقتير الرزق على المؤمن الحكيم وتوسعته على الكافر الأحمق. وفي نظائر لهذه المذكورات يتحير العقل في تعليلها فيبقى مبهوتا.

بقلم: ابن الجوزي
402
التربية وضياع الأبناء | مرابط
تفريغات

التربية وضياع الأبناء


جاءني أحد الآباء يبكي بدموع حارة وقد مات ابنه ويريد أن يعرف: هل تسبب هو في ضياعه قال: كان ابني من الصالحين من الذين يحافظون على الصلوات ويحفظون القرآن وفجأة بدأت أحواله تتغير وبدأ يكثر السهر وبدأ يلازم الشارع أكثر من لزومه للبيت وبدأت طباعه تتغير والطيور على أشكالها تقع فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه فكم فاسقا أردى مطيعا حين آخاه

بقلم: خالد الراشد
517
العبر من الحروب الصليبية الجزء الأول | مرابط
تفريغات

العبر من الحروب الصليبية الجزء الأول


عندما نختار أن نأخذ مرحلة الحروب الصليبية بالذات فإن ذلك له دلالته الخاصة من جهة أنها تحكي أو تشابه الواقع الذي نعيشه الآن والمرحلة التي تحياها هذه الأمة في ظل هذه الهجمة الخبيثة الماكرة التي يستجمع الغرب فيها قواه مرة أخرى فما أشبه الليلة بالبارحة إن المؤرخين يقولون: التاريخ يعيد نفسه ونحن نقول: سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا هذه هي سنة الله تعالى في الأمم وبالذات في الأمة الإسلامية كل حياتها كر وفر وكل مواقفها إقبال وإدبار

بقلم: سفر الحوالي
731
المسلمة والفكر المادي للرزق | مرابط
مقالات المرأة

المسلمة والفكر المادي للرزق


العلمانية نخرت فكر كثير من المسلمات فجعلت المسلمة تفكر تفكيرا ماديا لدرجة صارت المسلمة تخاف من الرزق! فصارت تتساءل ماذا لو مات والدي؟ ماذا لو طلقت أو ترملت؟! متناسية بوجود رب اسمه الرزاق الكريم الرحيم

بقلم: قاسم اكحيلات
398
من أبواب العقل والراحة | مرابط
اقتباسات وقطوف

من أبواب العقل والراحة


باب عظيم من أبواب العقل والراحة: وهو طرح المبالاة بكلام الناس واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل بل هو باب العقل كله والراحة كلها من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون. من حقق النظر وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن ألمتها في أول صدمة

بقلم: ابن حزم
266