من أبواب العقل والراحة

من أبواب العقل والراحة | مرابط

الكاتب: ابن حزم

188 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

باب عظيم من أبواب العقل والراحة: وهو طرح المبالاة بكلام الناس، واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل، بل هو باب العقل كله والراحة كلها، من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون. من حقق النظر وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن ألمتها في أول صدمة = كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه، بل مدحهم إياه إن كان بحق، وبلغه مدحهم له، أسرى ذلك فيه العجب فأفسد بذلك فضائله، وإن كان بباطل فبلغه فسر = فقد صار مسرورًا بالكذب، وهذا نقص شديد.

وأما ذم الناس إياه، فإن كان بحق فبلغه فربما كان لك سببًا إلى تجنبه ما يعاب عليه، وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا ناقص، وإن كان بباطل فبلغه، فصبر، اكتسب فضلًا زائدًا بالحلم والصبر، وكان مع ذلك غانمًا لأنه يأخذ حسنات من رماه بالباطل = فيحظى بها في دار الجزاء.. أحوج ما يكون إلى النجاة بأعمال لم يتعب فيها ولا تكلفها، وهذا حظ رفيه لا يزهد فيه إلا مجنون.

وأما أن لم يبلغه مدح الناس إياه، فكلامهم وسكوتهم سواء. وليس كذلك ذمهم إياه لأنه غانم للأجر على كل حال، بلغه ذمهم أو لم يبلغه. ولولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثناء الحسن: "ذلك عاجل بشرى المؤمن"، لوجب أن يرغب العاقل في الذم بالباطل أكثر من رغبته في المدح بالحق. ولكن إذ جاء هذا القول فإنما تكون البشرى بالحق لا بالباطل فإنما تجب البشرى بما في المدح لا بنفس المدح.


المصدر:
رسائل ابن حزم ص339

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-حزم
اقرأ أيضا
إثبات الحجة لا يستلزم الإقرار | مرابط
اقتباسات وقطوف

إثبات الحجة لا يستلزم الإقرار


إن إلقاء الحجة مع بيان ووضوح يفهمها المجادل والسامع لو أرادا الفهم - كاف في قيام التكليف عليه لذا لما كان أعظم تكليف - وهو الإسلام - يكفي في ثبوته الإسماع على وجه ولغة يفهمها المخاطب قال - تعالى -: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله التوبة:6

بقلم: عبد العزيز الطريفي
775
كثرة الجدال والمراء والخصام | مرابط
اقتباسات وقطوف

كثرة الجدال والمراء والخصام


ومما أنكره أئمة السلف: الجدال والخصام والمراء في مسائل الحلال والحرام أيضا ولم يكن ذلك طريقة أئمة الإسلام وإنما أحدث ذلك بعدهم. قال بعض السلف: إذا أراد الله بعبد خيرا فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل وإذا أراد الله بعبده شرا أغلق عنه باب العمل وفتح له باب الجدل.

بقلم: ابن رجب الحنبلي
267
الوقت | مرابط
فكر مقالات

الوقت


الوقت هو العملة الوحيدة المطلقة التي لا تبطل ولا تسترد إذا ضاعت: إن العملة الذهبية يمكن أن تضيع وأن يجدها المرء بعد ضياعها ولكن لا تستطيع أي قوة في العالم أن تحطم دقيقة ولا أن تستعيدها إذا مضت هذا المقال الماتع للأستاذ مالك بن نبي يتحدث عن الوقت وقيمته في الحياة

بقلم: مالك بن نبي
2266
كيف نتغلب على حالة هدر الوقت | مرابط
تفريغات ثقافة

كيف نتغلب على حالة هدر الوقت


يجب أن نقول في البداية: إن الواحد منا مهما أبدى من الكفاءة والألمعية في تنظيم وقته والاستفادة منه فإنه لن يستطيع استثماره على نحو تام فالعنصر الروحي الذي يتمتع به الإنسان يفقده المرونة الكافية للعمل المتواصل ولذا فإن طبيعة عمله تظل مغايرة لطبيعة عمل الآلة كما أن الظروف والأحوال المحيطة هي الأخرى تحول دون ذلك ولذا لا بد إذا أن نقنع باستثمار نسبي واستفادة منقوصة

بقلم: د عبد الكريم بكار
418
تلبيس إبليس على جاحدي النبوات | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

تلبيس إبليس على جاحدي النبوات


ققد لبس إبليس على البراهمة والهندوس وغيرهم فزين لهم جحد النبوات ليسد طريق ما يصل من الإله وقد اختلف أهل الهند فمنهم دهرية ومنهم ثنوية ومنهم على مذاهب البراهمة ومنهم من يعتقد نبوة آدم وإبراهيم فقط وقد ألقى إبليس الكثير من الشبهات ليصدهم عن إثبات النبوة واتباع الأنبياء يذكرها لنا ابن الجوزي بشكل مفصل

بقلم: ابن الجوزي
837
أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الأول ج3 | مرابط
تفريغات

أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الأول ج3


من العلماء يقسم أشراط الساعة إلى أشراط كبرى وصغرى وهذا التقسيم على سبيل الاجتهاد المحض وذلك أن فروع هذا التقسيم شروط الساعة الكبرى والصغرى هناك ما يتفق عليه ويقطع به أنه عظيم جليل القدر وهناك ما يتنازع فيه فيجعل العلماء من الكبرى هو ما نص عليها النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عوف و أبي هريرة و حذيفة وكذلك الكبرى هي ما كانت تنفرط كالعقد في آخر الزمان والصغرى تسبق ذلك

بقلم: عبد العزيز الطريفي
664