نحن أقررنا بأن الإنترنت لمعظمنا لا يمكن الاستغناء عنه، وبالتالي الفكرة التي سنقدمها ستكون أن نقلل من الضرر بقدر الإمكان، وذلك باستخدام خمس نصائح:
تحدثنا سابقًا عن ما يسمى بفن تبسيط الحياة، وقد تحدثنا عن تبسيط البيئة والممتلكات والعلاقات وغيرها. وقلنا أننا لو اخترنا شعار يلخص فكرة تبسيط الحياة، فلن نجد أفضل من قول الرسول عليه الصلاة والسلام، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. فكرة التقليل هنا تتخطى التخلص مما هو غير مفيد، الفكرة تشمل التخلص من الأشياء التي فيها قدر من المنفعة.
لكن تكلفة امتلاكها أكبر من المنفعة التي تعود عليك منها، والطريقة التي سنطبق بها هذا المبدأ -ما قل وكفى- على حياتك الرقمية هي: اكتب قائمة بكل الشبكات والمواقع التي تأخذ جزء كبير من وقتك يوميًا، وبعدها ستمر على كل عنصر في القائمة وتسأل الأسئلة التالية:
هل هذا العنصر يضيف قيمة أو منفعة واضحة في حياتك؟
خد بالك لو كل الذي يقدمه هذا العنصر هو التسلية فقط، فهي مشكلة، فمن حقك أن تتسلى وترفه عن نفسك. لكن الشبكات الإجتماعية ومواقع الإنترنت من أسوأ الطرق التي ممكن أن تسلي بها نفسك، بسبب قابليتها للإدمان، مع كونها تؤثر سلبًا عليك ذهنيًا وجسديًا ونفسيًا، فالأفضل أن تبحث عن وسيلة أخرى للتسلية والترفيه.
لو أجبت على السؤال بلا، إذًا المفروض أن تتوقف عن استخدامه، اقفل الحساب واحذف التطبيق من موبايلك. أما لو كانت الإجابة هي نعم، فانتقل إلى السؤال التالي.
هل هذا العنصر هو أفضل وسيلة للحصول على المنفعة أو القيمة؟
مثلًا لو كنت تستفيد من الانستجرام بمتابعة حساب معين مفيد، فهل هذه الفائدة لا يمكن الحصول عليها بشكل أفضل من مكان آخر؟ لو فيه حساب ديني على انستجرام يشارك بعض المنشورات المفيدة فقطعا تقدر تحصل على نفس الفائدة من مكان آخر
لو هذا العنصر هو مسنجر الفيس بوك مثلًا، والفائدة التي تحصل عليها منه، هي التواصل مع الأصدقاء المقربين. فهل أنت لا تستطيع أن تقوم بهذا باستخدام الواتس آب؟ هل أنت تحتاج إلى ثلاث أو أربع وسائل للتواصل؟ تذكر أن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، اكتف بواحد فقط مع العلم إنك ممكن تخسر بعض جهات الاتصال. لو هناك وسيلة أخرى أفضل فاستخدمها، وتوقف عن استخدام هذا العنصر، ولو لم تجد انتقل إلى السؤال التالي..
هل الطريقة التي تستخدم بها هذا العنصر هي أفضل طريقة لتحقيق المنفعة منه؟
مثلًا أنت قررت أن يوتيوب يقدم المنفعة والقيمة، التي يصعب الحصول عليها من مكان آخر، لكن هل تستخدمه بالطريقة التي تعظم من المنفعة؟ أم أنك بمعظم الوقت الذي تقضيه، يذهب إلى أشياء أخرى غير المنفعة؟ لو كنت تستخدمه بالطريقة المناسبة هذا جيد. لكن لو غير ذلك، إذًا يجب أن تغير طريقة استخدامك له.
من أسهل الأمور التي ممكن أن تفعلها، هو تنظيف شبكاتك الإجتماعية بشكل دوري، من متابعة الكثير من الحسابات غير المفيدة. اختر أفضل الحسابات في مجال معين، ولا تتابع كل الذي تجده، ظنًا منك أنك تحصل على فائدة أكبر، لأنك ستصل إلى التشتت والتركيز وتضيع وقتك وفرصتك في التطبيق.
نصيحة: إذا لم تكن صادقا مع نفسك في إجابتك عن هذه الأسئلة، فهذا يعني أنك لا تساعد نفسك، وإذا لم تستطع أن تساعد نفسك فلن يستطيع أحد أن يساعدك!
وجود الإنترنت معنا في كل مكان، أصابنا بنوع من الخوف اسمه، fear of missing out الخوف من فوات الأشياء. الشخص الذي كان يخرج من منزله، دون وسيلة اتصال، الآن لا يستطيع أن يبتعد عن الموبايل نصف ساعة. ولو اكتشف أنه نسي الموبايل، سيعود ليجلبه، حتى لو تأخر على عمله، نحن نشعر بضرورة زائفة لمتابعة الأحداث.
نشعر أننا لو انقطعنا عن الإنترنت لفترة طويلة، ستفوتنا أشياء عظيمة، لا يمكن تعويضها، وهذا شعور زائف، ينتج عنه إدمان التفحص المستمر للإنترنت والشبكات الاجتماعية. ولكي نقضي عليه نحتاج أن نتدرب على البقاء بدون اتصال، لفترة من الزمن، حتى نعتاد ونكتشف أنه شعور زائف.
ومن الأشياء التي ستساعدك لهذا الأمر:
وأسلوب جلسات العمل، هو أنك تختار شيء واحد تعمل عليه، والفترة الزمنية هي، من 15 إلى 20 دقيقة حسب قدرتك. هذا الأسلوب سيزيد إنتاجك في العمل والدراسة، وهو تمرين على التركيز، وهناك ثلاث أشياء تساعدك على النجاح باستخدام هذا الأسلوب:
الإنسان يحب الانعزال من وقت لآخر، ينعزل ليتأمل بعض أفكاره ويحللها، ولكن ذلك أصبح في غاية الصعوبة لأننا في حالة اتصال دائم، ليس هناك مجال للوحدة والتأمل. السوشيال ميديا مثلا تحرمك من إيجابيات العزلة، لكنها تعطيك سلبياتها، فالسلبيات منها الشعور بالوحدة.. فهي تجعلك تراقب وتتابع عشرات -إن لم يكن مئات- الناس على السوشيال ميديا وتعرف أحوالهم وأخبارهم، وهذا سيدفعك لمقارنة حالهم بحالك، لأنهم يشاركون أحداثهم السعيدة، فتجعلك تشعر بالعزلة والشفقة على نفسك، وأنك لست مثلهم وأن حياتك أنت فقط هي المملة التي لا يوجد فيها شيء للمشاركة.
العزلة مهمة لنضوج الأفكار، ومن الصعب الحصول عليها، عند متابعتك هذا الشباك المفتوح على المئات من الناس تتواصل مع بعضهم وتتابع حياة البعض الآخر. فالنصيحة أن تعود نفسك أن تجلس أو تتمشى لوحدك، مع أفكارك، بدون الموبايل، وبدون اتصال مع أي شخص.
من السهل تقليل مشكلة ضعف التركيز، والضرر الناتج على مستوى اليوم، ولكن خلال سنوات يمكن أن تكون فارقًا بين إنسان ناجح في حالة مادية ومعنوية مرتفعة وإنسان فاشل يشعر أنه قضى الكثير من السنوات بدون فائدة. مصادر العلم والمعرفة أصبحت متاحة، وسهلة الوصول، لكن القدرة على اكتساب العلم والمعرفة، أصبح أصعب. والسبب الأساسي هو ضعف قدرة معظمنا على الصبر على العلم، فيه ناس تشتكي لمجرد وجود فيديو علمي مدته 10 دقايق فقط وناس لم يعد لديهم قدرة على قراءة مقال طويل! فالشخص الذي لديه القدرة على التركيز لفترات معتبرة عنده نقطة تفوق كبيرة على أقرانه وفرصته لتحقيق مشاريعه وأهدافه أكبر بمراحل من الذي يترك نفسه للتشتت وينتظر من يأتي ويقدم له العلم بطريقة مسلية ممتعة في كبسولات يقدر يبتلعها بسرعة بدون تعب ولا يدري أن أقصى ما سيحصل عليه بهذه الطريقة هي القشور وليست معرفة حقيقية يعتمد عليها في عمله وحياته.
