كسوف الشمس وإثبات النبوة

كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط

الكاتب: د. حسام الدين حامد

324 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

أريدك أن تتخيل معي دجالًا كذابًا يدعي أنه مرسل من عند الله، ويموت ولده، ويوم موت ولده تنكسف الشمس، وحين تنكسف الشمس يقول الناس: "إن الشمس انكسفت من أجل ولده".. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرًا لبطن وبطنًا لظهر، وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرًا في هذه المسألة، ور كيف سيتصرف دجالٌ وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

ثم تعال معي..

يموت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وتنكسف الشمس، ويتحدث الناس: "إن الشمس قد انكسفت لموت ابن النبي صلى الله عليه وسلم"، ويشمت المشركون: "لقد بتر محمد" أي: لم يعد له أولاد يحملون اسمه من بعده، ويصرخ أحد الصحابة حزنًا..

أما عن انكساف الشمس: فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم سكت ولم يتكلم لاستقر عند الناس أن الشمس انكسفت لموت ولده إبراهيم، فمجرد السكوت كان يكفي! ولو أنه سكت؛ لقلنا: كانت مصيبة موت ولده شديدة! مجرد السكوت كان كافيًا! لكن..

لكنه صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا).

هكذا بوضوح ودون أي لبس وغموض!

إن رجلًا لا يكذب على الله عز وجل في مسألة كهذه لن يكذب عليه في أنه رسول من عنده، أليس كذلك؟ بلى.

ثم ماذا؟

ثم في خضم هذا الحزن تُشرع صلاة الكسوف ويصلي النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف، ويخطب فيهم خطبة يتكلم فيها عن عذاب القبر ولا يتكلم عن ولده بشيء!

ثم ماذا؟

ثم عندما يسمع من يصرخ من الصحابة حزنًا على موت ولد النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه عن ذلك ويقول: إن ذلك من الشيطان!

ثم ماذا؟

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: (تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى الرب، والله‏!‏ إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون‏).

ثم ماذا؟

ثم لا يرد على المشركين! ولا يتوعدهم من حينه! ولا يرد لهم الصاع صاعين! بل تنزل السورة الكريمة: (إنا أعطيناك الكوثر* فصل لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر).

لو تأملت السورة لوجدتها بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بالكوثر، ولو كان -وحاشاه- دعيًّا، أكان يسلي نفسه بالكذب؟

إن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان سيكذب -وحاشاه- فلن يكذب على نفسه ويقول: "إنا أعطيناك الكوثر" أو يقول: "والله يعصمك من الناس"، وعندما تنزل عليه الآية يأمر الصحابة الذين كانوا يحرسونه بترك الحراسة لأن الله وعده أن يعصمه من الناس، أتراه إلا صادقًا؟ نعم والله صادقًا مصدوقًا.

ثم تتأمل السورة فتجدها تكليف بالعبادة: "فصل لربك وانحر"، ألو كان الرد من عنده -وحاشاه- وليس من عند الله، أكان يكلف نفسه المزيد من العبادة في هذا الوقت الذي مات فيه ولده، وشمت به الكفرة؟

ثم يأتي الرد عليهم في آخر السورة: (إن شانئك هو الأبتر).

هذا موقف واحد من حياة النبي صلى الله عليه وسلم تجاه حدث موت ابنه صلى الله عليه وسلم، وجدناه فيه يدفع عن نفسه ما زعمه الناس أن الشمس كسفت لموت ولده، ويصلي صلاة الكسوف، ويخطب عن عذاب القبر، ويأتي الرد على الكفار فيه تسلية له بما له في الجنة، وتكليف بالعبادة، وفي آخره الرد عليهم، ويمنع أصحابه من المبالغة في الحزن مع حزن قلبه على ولده، وهو في ذلك لا يقول إلا ما يرضي الرب عز وجل..

ولم يسكت ليفهم الناس أن الشمس انكسفت من أجل ولده، ولم يقعد عن العبادة، وقام لصلاة الكسوف، ولم يكن ليخدع نفسه بتسلية من عند نفسه بالكوثر، ولم يكن ليزيد العبادات عليه، ولم يكن ليمنع أصحابه من المبالغة في الحزن لو كان كاذبًا صلى الله عليه وسلم وحاشاه!

التفسير الإسلامي: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)

التفسير الإلحادي: لن تجد تفسيرًا مقنعًا!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إثبات-النبوة
اقرأ أيضا
ما أحسن الرجوع إلى الله | مرابط
تفريغات

ما أحسن الرجوع إلى الله


ما أحسن الرجوع إلى الله! كلمة عظيمة رددها أخونا فهد بن سعيد ثلاث مرات وهي كلمة ذات معنى لأنها تخرج بعد معاناة معاناة رجل عاش فترة من الزمن في ظل البعد عن الله ثم رجع إلى الله فذاق لذة الرجوع إلى الله وليس من ذاق كمن لم يذق

بقلم: سعيد بن مسفر
382
واجبنا تجاه ما أخبر به الله ورسوله | مرابط
تفريغات

واجبنا تجاه ما أخبر به الله ورسوله


فعلى العبد أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أسماء الله وصفاته على الوجه الذي يليق به سبحانه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته فنؤمن بذلك على الوجه الذي يليق به سبحانه ليس له مثيل ولا نظير ولا كفء ولا ند جل وعلا فعلمه كامل ليس كعلمنا وقدرته كاملة ليست كقدرتنا وبصره كامل ليس كبصرنا وهكذا بقية صفاته سبحانه وتعالى وهكذا يسمع ويبصر ليس كسمعنا وبصرنا بل هو أكمل وأعظم

بقلم: ابن باز
364
المال في نظر الإسلام | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

المال في نظر الإسلام


إن كثيرا من الدعاة اليوم لا يفهمون هذه القضية فهم يظنون أن المسلمين ينبغي أن يتركوا المال ويكونوا فقراء بينما نجد أقواما آخرين يتركونهم ويذهبون إلى الدنيا والأمر ليس كذلك ولا كذلك فالأمر كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم وليس هناك من خير إلا وقد دل الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عليه

بقلم: عمر سليمان الأشقر
686
من الأمور التي كرهها الله لنا | مرابط
تفريغات

من الأمور التي كرهها الله لنا


في الشطر الثاني من الحديث يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله يكره لنا أن تشغل أوقاتنا بقيل وقال قال فلان كذا وقالت فلانة كذا وفلان روى وفلانة روت ونتناقل الأحاديث نشغل بها الساعات الطويلة فنبتعد عن القضايا المهمة بالحديث في سفاسف الأمور كما هو حادث في هذه الأيام أخبار تنقل من المشرق والمغرب لا ندري منها الصحيح من الباطل والقوي من السقيم نشغل بها أنفسنا ونعيش في دوامة لا ندري ما الصحيح منها وما غير الصحيح فنتناقل الأحاديث والأقوال نشغل بها أنفسنا

بقلم: عمر الأشقر
746
الاستغاثة بالأموات | مرابط
مقالات

الاستغاثة بالأموات


سؤال الميت والغائب نبيا كان أو غيره من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين لم يأمر الله به ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
586
شخصية مريم المؤمنة | مرابط
تفريغات

شخصية مريم المؤمنة


مريم المسلمة المؤمنة العابدة القانتة الطائعة لربها التي جعلت لها محرابا تصلي فيه وتعبد ربها ومحراب المرأة أيتها النساء في قعر بيوتهن كلما كان أعمق في البيت كلما كان أفضل تصلي فيه الفرائض والنوافل.. تجلس لتقرأ القرآن وتحاول أن تقوم بهذه العبادات لله عز وجل كما أمرها الله سبحانه وتعالى

بقلم: محمد المنجد
382