ما أحسن الرجوع إلى الله

ما أحسن الرجوع إلى الله | مرابط

الكاتب: سعيد بن مسفر

325 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ما أحسن الرجوع إلى الله! كلمة عظيمة رددها أخونا فهد بن سعيد ثلاث مرات، وهي كلمة ذات معنى؛ لأنها تخرج بعد معاناة؛ معاناة رجل عاش فترة من الزمن في ظل البعد عن الله، ثم رجع إلى الله فذاق لذة الرجوع إلى الله، وليس من ذاق كمن لم يذق، هذا الرجل يقول: الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني، هو يشعر الآن بنعمة الحياة في ظلال الإيمان، والله يقول: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام:122]

 

هل يستوي هذا وهذا؟ لا يستوون أبدًا، ويقول عز وجل: "وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ" [فاطر:21-22].

 

فالذين قبروا في قبور الشهوات لا يسمعون أبدًا، والذين يريد الله حياتهم يقول الله: "وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ" [الأنفال:23]، وقال: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ [الأنفال:21]، ثم قال فيهم: "إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ" [الأنفال:22].
الهداية بعد الضلال حياة

 

يقول هذا الرجل: الحمد لله الذي أحياه بعد ما أماته، أحياه الله بالهداية وبالتوبة والإيمان والالتزام بعد ما كان ميتًا، بماذا؟ ميتًا بالطرب وبالعود والغناء والبعد عن الله عز وجل.

 

وهذه يعتبرها الناس هي الحياة، والله إنها ليست حياة .. إنها ذلة وخسارة وندامة في الدنيا والآخرة، إنما الحياة الحقيقية هي حياة القلب، ليست الحياة -أيها الإخوة- كما هي في مفهومنا تردد الأنفاس وجريان الدم، فهذه حتى الصراصير تعيش هذه الحياة، وحتى الذباب والحشرات تعيش هذه الحياة، إن الحياة حياة القلب وحياة الدين، فمن أحياه الله فقد حيا الحياة الحقيقية، ومن هو ميت فليطلب الحياة، يقول الشاعر:

 

الناس صنفان موتى في حياتهم     وآخرون ببطن الأرض أحياء

 

فالذين ماتوا وهم على قلوبٍ حية هم أحياء إلى يوم القيامة، وأما الذين ماتوا وقلوبهم ميتة فهم أموات، وأولئك لا يزالون أحياء ...

وأرواحهم في وحشة من جسومهم     وأجسادهم قبل القبور قبور

 

ولازلت أذكر حين قرأت في جريدة الرياض في تحقيق صحفي أُجري مع الأخ: فهد بن سعيد قبل سنوات، قرأت في الجريدة التحقيق فقال بعد توبته: الحمد لله الذي أحياني حتى هداني، ولو أني مت في حياتي الأولى لكانت موتتي موتة حمار! نعم، لقد صدق، بل ألعن من الحمار، الحمار موتته لا يوجد بعدها شيء، إنما يسحبونه برجله وتأكله الأرض وانتهى، لكن الفاجر الذي يموت وهو على غير دين يتمنى يوم القيامة أنه كان حمارًا، يقول الله سبحانه وتعالى: "يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40] فماذا يقدم الذي ليس عنده دين؟ هل يقدم سلسلة أغاني؟ أم يقدم كراتين دخان؟ أم يقدم مكتبة أشرطة غنائية، ومجلات، وجرائد نسائية؟ يقدم له زور وفجور وزنا وخمور وضلال؟! فليس لديه شيء يلقاه إلا ما قدم من العمل .. "يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40].

 

الذي يموت على الضلال يتمنى أن يصير ترابًا يوم أن تتحول الحمير والحيوانات إلى تراب، فيقول: "يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40] أي: حمارًا أو أي حيوان يحول إلى تراب، لكم الفاجر والكافر والضال عن الله يحول إلى النار وبئس القرار.

 


المصدر:

محاضرة أحوال الناس في رمضان

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التوبة
اقرأ أيضا
مأزق المترقب | مرابط
فكر مقالات

مأزق المترقب


واضعا يده على ذقنه يتفرج باهتمام بالغ على مشروعات العلم والدعوة والثقافة والحقوق تتسابق فعالياتها بين ناظريه هو يعرف أسماءها جيدا وفي أيام مضت تواصل مع بعض رجالات الإنتاج في هذه المشروعات بل له الآن علاقات طيبة مع بعضهم وبحوزته أيضا رقم الهاتف الخاص لبعضهم كما أن أحدهم دعاه يوما لمجلس ضم بعض هؤلاء المنتجين بل هو لا يزال يتذكر أنه أرسل لبعضهم رسالة جوال أو بريد إلكتروني ورد عليه لكنه إلى الآن ليس جزءا من أي مشروع ولم يبدأ الخطوة الثانية في أي حلم سبق أن فتح له ملفا في جهازه المحمول

بقلم: إبراهيم السكران
975
مفاهيم تحتاجها الأمة ج2 | مرابط
تفريغات

مفاهيم تحتاجها الأمة ج2


وأنا سأطرح بعض المفاهيم التي أشعر أن الأمة بحاجة لها وأخاطب بها كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا حاكما كان أو محكوما عربيا كان أو عجميا قريبا كان أو بعيدا يعيش في بلد محتل أو حر

بقلم: د راغب السرجاني
574
بين المتقاعسين والسباقين | مرابط
تفريغات

بين المتقاعسين والسباقين


وحتى تنجلي صورة الذين يعيشون خارج العصر على الوجه المطلوب فإني سأعرض لمقارنة بين أشخاص يعيشون عصرهم بوعي وكفاءة وسميتهم: السباقين وبين الذين يعيشون خارج العصر وسميتهم: بالمتقاعسين وبعض هذه المعاني قد يتكرر في موضع آخر لكني سأذكرها في سياق هذه المقارنة حتى تترسخ في العقول والنفوس

بقلم: د عبد الكريم بكار
310
أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين | مرابط
فكر مقالات

أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين


من الظواهر الأليمة والمنتشرة بشكل واسع بين الباحثين الغربيين هي أزمة التفكير النصوصي الجامد وغياب العقلانية المفتوحة وهذا ما سبب احتباس وتخلف العلوم الغربية وضعف هيمنتها على العالم ومن المضحك بين الباحثين الغربيين أنهم في سياق البرهنة والاثبات يدورون في حلقة نصوصية متقوقعة ولا يفكرون بعقول مفتوحة غير مرتبطة وخاضعة لنصوص وفي هذا المقال يناقش الكاتب هذه الإشكالية ويوضح معالمها

بقلم: إبراهيم السكران
1397
محور دعوة الرسل والمزاحمات المعاصرة الجزء الثاني | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

محور دعوة الرسل والمزاحمات المعاصرة الجزء الثاني


من أظهر الأمور الدينية: أن المهمة الأولى لدعوة الرسل والهدف المركزي فيها هو تعبيد الناس لله تعالى وغرس التعلق به في كل حياتهم كما قال تعالى:ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة النحل:36 فمقصد بعثة الرسل وأساس دعوتهم ومنتهى أعمالهم وغاية جهادهم وقطب الرحي في حياتهم والفكرة التي حولها يدندنون ومنها يقصدون وإليها يرجعون وفيها يبذلون هي: عبادة الله وحده وغرس فكرة العبودية في عقول الناس وقلوبهم وإنكار عبادة كل الأوثان

بقلم: سلطان العميري
2226
إضاءات حول الأعراس وما يجري فيها | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

إضاءات حول الأعراس وما يجري فيها


واجب الشكر على كل رجل وامرأة وفقهما الله في مثل هذه الظروف إلى الزواج ولم الشمل يقتضي التذلل التام والانخلاع عن الحول والقوة وإظهار الفرح المشروع برحمة الله وعدم ارتكاب أي مخالفة مقصودة تعرض هذه الحياة الجديدة والزيجة لخطر مقت الله تعالى.

بقلم: محمد حشمت
403