ما أحسن الرجوع إلى الله

ما أحسن الرجوع إلى الله | مرابط

الكاتب: سعيد بن مسفر

384 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ما أحسن الرجوع إلى الله! كلمة عظيمة رددها أخونا فهد بن سعيد ثلاث مرات، وهي كلمة ذات معنى؛ لأنها تخرج بعد معاناة؛ معاناة رجل عاش فترة من الزمن في ظل البعد عن الله، ثم رجع إلى الله فذاق لذة الرجوع إلى الله، وليس من ذاق كمن لم يذق، هذا الرجل يقول: الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني، هو يشعر الآن بنعمة الحياة في ظلال الإيمان، والله يقول: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام:122]

 

هل يستوي هذا وهذا؟ لا يستوون أبدًا، ويقول عز وجل: "وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ" [فاطر:21-22].

 

فالذين قبروا في قبور الشهوات لا يسمعون أبدًا، والذين يريد الله حياتهم يقول الله: "وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ" [الأنفال:23]، وقال: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ [الأنفال:21]، ثم قال فيهم: "إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ" [الأنفال:22].
الهداية بعد الضلال حياة

 

يقول هذا الرجل: الحمد لله الذي أحياه بعد ما أماته، أحياه الله بالهداية وبالتوبة والإيمان والالتزام بعد ما كان ميتًا، بماذا؟ ميتًا بالطرب وبالعود والغناء والبعد عن الله عز وجل.

 

وهذه يعتبرها الناس هي الحياة، والله إنها ليست حياة .. إنها ذلة وخسارة وندامة في الدنيا والآخرة، إنما الحياة الحقيقية هي حياة القلب، ليست الحياة -أيها الإخوة- كما هي في مفهومنا تردد الأنفاس وجريان الدم، فهذه حتى الصراصير تعيش هذه الحياة، وحتى الذباب والحشرات تعيش هذه الحياة، إن الحياة حياة القلب وحياة الدين، فمن أحياه الله فقد حيا الحياة الحقيقية، ومن هو ميت فليطلب الحياة، يقول الشاعر:

 

الناس صنفان موتى في حياتهم     وآخرون ببطن الأرض أحياء

 

فالذين ماتوا وهم على قلوبٍ حية هم أحياء إلى يوم القيامة، وأما الذين ماتوا وقلوبهم ميتة فهم أموات، وأولئك لا يزالون أحياء ...

وأرواحهم في وحشة من جسومهم     وأجسادهم قبل القبور قبور

 

ولازلت أذكر حين قرأت في جريدة الرياض في تحقيق صحفي أُجري مع الأخ: فهد بن سعيد قبل سنوات، قرأت في الجريدة التحقيق فقال بعد توبته: الحمد لله الذي أحياني حتى هداني، ولو أني مت في حياتي الأولى لكانت موتتي موتة حمار! نعم، لقد صدق، بل ألعن من الحمار، الحمار موتته لا يوجد بعدها شيء، إنما يسحبونه برجله وتأكله الأرض وانتهى، لكن الفاجر الذي يموت وهو على غير دين يتمنى يوم القيامة أنه كان حمارًا، يقول الله سبحانه وتعالى: "يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40] فماذا يقدم الذي ليس عنده دين؟ هل يقدم سلسلة أغاني؟ أم يقدم كراتين دخان؟ أم يقدم مكتبة أشرطة غنائية، ومجلات، وجرائد نسائية؟ يقدم له زور وفجور وزنا وخمور وضلال؟! فليس لديه شيء يلقاه إلا ما قدم من العمل .. "يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40].

 

الذي يموت على الضلال يتمنى أن يصير ترابًا يوم أن تتحول الحمير والحيوانات إلى تراب، فيقول: "يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" [النبأ:40] أي: حمارًا أو أي حيوان يحول إلى تراب، لكم الفاجر والكافر والضال عن الله يحول إلى النار وبئس القرار.

 


المصدر:

محاضرة أحوال الناس في رمضان

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التوبة
اقرأ أيضا
الحداثة الغربية والإمبريالية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحداثة الغربية والإمبريالية


إن هذا الإله الصناعي الحديث إغتال عرقا بأكمله العرق الأحمر أي السكان الأصليين في الأمريكتين وأخذ زبدة عرق آخر العرق الأسود عن طريق النخاسة واستعباد ملايين مما يضع عدد ضحايا هذه العملية نحو مائة مليون إنسان باعتبار أن عبدا واحدا يحتفظ به النخاسون الغربيون كان يقتل مقابله تسعة عبيد

بقلم: عبد الوهاب المسيري
585
توحيد المحبوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

توحيد المحبوب


لا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور أبدا بل هما ضدان لا يتلاقيان بل لا بد أن يخرج أحدهما صاحبه فمن كانت قوة حبه كلها للمحبوب الأعلى الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها صرفه ذلك عن محبة ما سواه وإن أحبه لم يحبه إلا لأجله أو لكونه وسيلة إلى محبته أو قاطعا له عما يضاد محبته وينقصها والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب

بقلم: ابن القيم
720
تحريف المراد من أمية النبي | مرابط
أباطيل وشبهات

تحريف المراد من أمية النبي


من الشبهات التي يروجها البعض حول أمية الرسول أن أصل هذه التسمية ترجع إلى نسبته إلى مكة وهي أم القرى أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يقرأ ويكتب بثلاث وسبعين لسانا وإليكم الرد على هذه الشبهة في مقال موجز.

بقلم: قاسم اكحيلات
352
مصدر تفسير القرآن | مرابط
تعزيز اليقين

مصدر تفسير القرآن


وكل ما استقر عليه فهم الصدر الأول من القرآن فهو مراد الله فيه لأن الله أنزله بلسانهم ليفهموه ولا يسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى باطل استقر في نفوسهم فهذا يخالف مقتضى الرسالة والله مطلع على ما في نفوسهم من فهم.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
363
الفتور بعد الهمة | مرابط
مقالات

الفتور بعد الهمة


لقد جعل الله تعالى للباقيات الصالحات مواسم زمانية ومكانية ترتفع فيها الهمة والنشاط على العبادة والعمل الصالح وعندما تنتهي تلك المواسم يعود المرء بطبيعة الحال إلى ما كان عليه من قبل وربما يشعر الصادقون عندئذ بحالة من عدم الرضا بل ربما يتهمون أنفسهم بالنفاق وهنا لا بد من تقديم الطرح العلمي المتوازن الذي يستند إلى أدلة الشرع الذي يراعي طبائع النفس البشرية

بقلم: د. جمال الباشا
450
رد الإمام أحمد على الحلولية | مرابط
اقتباسات وقطوف

رد الإمام أحمد على الحلولية


مقتطف من كلام الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أثناء رده على الحلولية حينما زعموا أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان ونتعلم هنا كيف يلزمهم بلوازم تفضي كلها إلى نتائج محددة ونستقي من كلامه أسلوب المناظرة والمحاورة لأهل الفرق الضالة الأخرى

بقلم: أحمد بن حنبل
2128