القلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن

القلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

454 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وهذا القلب إنما يستمد مادة حياته من المحن ومن العوارض ومن المتاعب، وأول ما تريحه يموت، فالقلب بخلاف الجوارح، فعندما تأكل وتشرب جيداً تنمو الجوارح، وتكبر العضلات، وينتفخ صدرك، وتصير بحالة جيدة، فإذا قطعت الأكل لمدة أسبوع، تجد أنك قد نحفت، وأن العضلات بدأت تتفسخ تضمر؛ فالجوارح تستمد حياتها من الراحة أما القلب فهو يستمد حياته من المحن، ففيها سلامة القلب، فالقلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن، ولذلك اختار الله عز وجل البلاء، فجعله من نصيب أوليائه؛ لا لهوانهم عليه، ولكن ليحصن قلوبهم؛ لأن أحدهم لو استراح، وركن إلى الدنيا، ضعف قلبه، ولذلك تجد أضعف الناس قلوباً وأدناهم الناس همة هم أهل الترف، يقول الله تبارك وتعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا [الإسراء:16].

(أمرنا مترفيها) يعني: بالطاعة: "فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [الإسراء:16]، وفي قراءة أخرى (وإذا أردنا أن نهلك قرية آمرنا مترفيها) أو (أمّرنا مترفيها) لكنها قراءة شاذة -أعني: (أمّرنا)- لكن العلماء يقولون: إن القراءات الشاذة تستخدم للتأنيس، كقراءة: (أمّرنا مترفيها) أي: جعلناهم أمراء، تخيل إنساناً أميراً وجاهلاً، فلا يشتهي شهوةً إلا وجدها عند أطراف أصابعه.

إذاً: حين ابتلاك الله عز وجل ليس لهوانك عليه، ولكن ليضمن سلامة قلبك له تبارك وتعالى، فلا تبتئس.

 


 

المصدر:

أبو إسحاق الحويني، محاضرة جيل الصحابة ج2

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الابتلاء #الحويني #القلوب
اقرأ أيضا
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
716
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
517
هوان الذنوب بتكرارها | مرابط
اقتباسات وقطوف

هوان الذنوب بتكرارها


أحيانا ترى الناس تستعظم ذنبا من الذنوب ويتخذون مواقف صارمة تجاه فاعله بينما هناك ذنوب أخرى أكبر وأعظم عند الله تعالى ولكن الناس لا يتخذون تجاهها نفس الموقف وفي هذا المقتطف يحلل أبو حامد الغزالي هذه الظاهرة ويرجعها إلى الإلف فما اعتاد الناس على رؤيته يسقط وقعه في قلوبهم على عكس الذنوب التي لم يعتدها الناس ولم تنتشر بينهم

بقلم: أبو حامد الغزالي
1922
نساؤنا ونساء الإفرنج | مرابط
مقالات

نساؤنا ونساء الإفرنج


لقد فقدت المرأة الغربية الزوج ففقدت المعيل فاقتحمت كل عمل لتعيش فصارت تعمل في المصنع وتشتغل في الحقل وتكنس الطريق من الأقذار! وقد خبرنا من رأى في أوربا البنات موظفات في المراحيض العامة ينظفنها لمن يريد الدخول

بقلم: علي الطنطاوي
280
الإلحاد نفق مظلم | مرابط
فكر الإلحاد

الإلحاد نفق مظلم


أفكار الإلحاد ما هي إلا أفكار متسلسلة تقود باتجاه واحد وذلك بعكس ما يحاول الملاحدة إظهاره حتى يختلط على المتشكك الفرق بين حرية الملحد في تصرفاته اليومية مع حرية فكره وتعدد خياراته والحقيقة هي أن للملحد أن يفعل ما شاء وقتما شاء ولكن عقله يظل دائما داخل ذلك النفق المظلم

بقلم: سامي أحمد الزين
625
آثار العالمانية في الغرب: موت العالم والنفع المادي | مرابط
فكر مقالات العالمانية

آثار العالمانية في الغرب: موت العالم والنفع المادي


مثلت العالمانية علامة فارقة في تاريخ الغرب إذ نقلته من عصر السلطان الكنسي إلى عصر سلطان العالم المادي والفجوة بين العصرين هائلة حتى لا يكاد يربط الزمن الأول بالزمان الآخر كثير لكنهما يشتركان في التيه بعيدا عن حقيقة الإنسان وجوهر حاجته إلى ما يروي غلته والنظر عن كثب في حال الغرب المتعلمن في زمن ما بعد الحداثة يكشف أن الآلة الدعائية الخارجية للغرب وآلة التجميل لأقنانه في بلاد المسلمين قد نقلا عن عمد صورة تكاد تكون عديمة الصلة بالعالمانية الغربية وأدوائها القاتلة

بقلم: د سامي عامري
2466