الدعاء والشكر

الدعاء والشكر | مرابط

الكاتب: خالد بهاء الدين

331 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله وحده.

 

من متع الحياة الدُّنيا: أن تكون عبدًا مكروبًا بكربٍ دنيويٍّ، أو محتاجًا لشيء من لعاعة الدُّنيا، فتُلحَّ بالدُّعاء والطَّلب من الله. 
ربِّنا العظيم الكبير الجليل المالك، ذي الجلال والجبروت والملكوت.. فتدعوه مع التَّذلُّل له، ويرزقك الخضوعَ والانصياع التام، والفقر التام، ولو بعد حين من الدعاء. 

 

فتدعو بالشيء نفسه، دعاء مكروب ملتجئ. 
يومًا، ويومين، وأسبوعًا، وشهرًا وشهرًا وشهرًا..
عامًا بعد عامٍ..
وأنت موقنٌ أن أجرك على هذه العبادة؛ محفوظٌ مشكورٌ.
فهذا الدعاء مع هذا اليقين: متعة متجرِّدة خالصة، وحلاوتها منصوصة في دين الملك سبحانه. 

 

وأمتع من ذلك وأفضل منزلة:
أن ترى استجابة دعائك، وتحقُّقه في الدُّنيا بعينك! 
فتسعى وتريد أن تشكر الله، فيرزقك الفهم، وتعرف أنّ وفاء الشكر مستحيل!

 

أتشكره على أن قدَّر لك الإسلام أولا؟ 
أم على أنه قدّر لك الخير فأصابك بكربٍ تشعر معه بفقرك وغناه، وذلّك وعزَّته، وحاجتك وقيّوميته، سبحانه؟ 
أم على أن هداك بعد الكرب لدعائه وعبادته؟ 
أم على أنه رزقك اليقين فلم تيأس، ولم تتزحزح عن منزلة الفقر أبدا؟
أم على أنه سميع مجيب، سمع دعاءك واستجاب، فأعطاك ما أردته، ولم يفتنك بعده ويصيِّرك من الغافلين اللاهين؟ 
بل هداك إلى إرادة شكره، والتَّأمُّل في فقرك قبل الاستجابة وبعدها؟ 

 

فإذا يئستَ - حينئذٍ - من قدرتك على شكره؛ شكرتَه بالتوحيد والتجرد، والثبات على التفقُّر والتذلُّل، ورجاء أن ينجيك يوم الدين.
فإنك فهمتَ الآن، أن الخير كلَّه بيديه، وأنه الأول، المبدئ، الذي لا قوة إلا به، ولا تحوُّل إلا بإذنه.
فهذا خير لك وأفضل من حاجتك الدنيوية التي استجيبت لك. 
ولعلك لم تكن لتصيب هذه الحال ولا هذا الفهم: لولا كربك الأول، ثم منة الله عليك بعد الاستجابة! 

 

وإن من أعظم الخير الذي يقدِّره الله لإنسانٍ:
ألا يستجيب دعاءه هذا في الدُّنيا، رغم إلحاح العبد وصدقه في الدعاء والطلب والتذلل! 
وذلك إذ علمَ العليم الحكيم تعالى: أنَّ العبدَ فلانًا، إذا استُجيب دعاؤه: نسي فقره الذاتي الذي لا يزول، أو تبطَّر. 
أو غفل عن الشكر الموصوف، فاستراح للدُّنيا، وركن إليها، وترك الدُّعاء الذي كان عليه.

 

فبقاؤه - إذًا - على حال الدعاء العبادة؛ خير له في الآخرة، وإن لم يكن خيرا له في الدُّنيا.
بل خير له في الدُّنيا، إذا علم الله أنه ينسى أو يتبطر! 

 

ولعلَّ بعض المحرومين من استجابة دعاء الدنيا؛ يكون في الآخرة: أسعد الناس بالحرمان من زينة السحَّارة الفتَّانة! 

 

فهذه حال واحدة فقط، تكون عدم استجابة الدعاء في الدنيا فيها خيرا للعبد. 
وهذا إذا قلنا: إن الداعي استكمل شروط الاستجابة كلها، ودعا بخير. 

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الدعاء #الشكر
اقرأ أيضا
المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج1 | مرابط
تفريغات الديمقراطية

المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج1


السبب في فرح الغرب بالديمقراطية واعتباره أنها من أعظم مفاخر الإنسانية هو: أنه استطاع بها تجاوز المجتمع والنظام الإقطاعي ليعطي الشعوب حق التعليم والانتقال من مكان إلى مكان وحق العمل وحق الانتقاد وحق التفكير وحق الانتخاب وحق المشاركة السياسية وغيرها من الحقوق

بقلم: عبد الرحيم السلمي
631
الاغترار بصوم عاشوراء | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاغترار بصوم عاشوراء


فرمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة لا يقوى على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم يوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها؟! هذا محال.

بقلم: ابن القيم
367
الركون إلى الدنيا | مرابط
تفريغات

الركون إلى الدنيا


والله عز وجل مع أنه رفع الهمة وبث الأمل ونشط المسلمين فقد علم المسلمين المنهج الواقعي في معالجة الأمور فليس معنى رفع الهمة الغفلة عن الأخطاء وعدم ذكر العيوب لا فلابد أن نذكر ولكن بصيغة لطيفة ولنرفع الهمة ونصلح الأوضاع ولنكن إيجابيين نكتشف الأخطاء ونصلحها ونرفع الهمة عند المسلمين ولا نقرع الأبدان ولا نلهب الظهور بالسياط ولكن بلطف وبرقة وببث الأمل

بقلم: د راغب السرجاني
832
مهارة الحفظ | مرابط
ثقافة

مهارة الحفظ


قدرة الحفظ لها لياقة تنمو بالمراس والمران والدربة والمزاولة ومعيار اللياقة أمران: أن تزيد كفاءة وفعالية المهارة وأن تثمر المهارة نتائجها دون مشقة وتعب مفرط. وهذان يحصلان كما سبق بكثرة التمرين واستمراره.

بقلم: إبراهيم السكران
300
طريقة ابن خلدون في إثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

طريقة ابن خلدون في إثبات النبوة


ومن علاماتهم أيضا: أنه يوجد لهم -قبل الوحي- خلق الخير والزكاة ومجانبة المذمومات والرجس أجمع. وهذا هو معنى العصمة. وكأنه مفطور على التنزه عن المذمومات والمنافرة لها. وكأنها منافية لجبلته.

بقلم: البيهقي
199
تفسير سورة العصر 3 | مرابط
تفريغات

تفسير سورة العصر 3


سورة العصر سورة عظيمة فيها من النصح وفيها من التوجيه وفيها من بيان الأحكام وفيها من دلالة الإنسان وإيقاظ عقله وقلبه وتنبيهه أيضا إلى رشده ما يستيقظ منه الغافل لو تدبر وتأمل هذه السورة التي يقول فيه الإمام الشافعي رحمه الله: لو ما أنزل على أمة محمد إلا هذه السورة لكفتهم يعني: سورة العصر وهذه السورة فيها من المعاني العظيمة التي يتوقف الإنسان عندها حائرا مما تضمنته مع قصرها فهي من قصار سور القرآن ولكنها عظيمة المعاني

بقلم: عبد العزيز الطريفي
2132