امرأة عمران تبني بيتا

امرأة عمران تبني بيتا | مرابط

الكاتب: محمد المنجد

270 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لقد وردت أيتها الأخوات الكريمات سيرة المرأة في القرآن الكريم في عدة مواضع دالة على ما أولاه هذا الدين لهذه المرأة وعلى ما أعطاها من الرعاية والاهتمام البالغين، انظرن مثلاً في هذه القصص التي نسردها الآن مع بعض تحليلات وذكر للعبر منها.. إن على رأسها قصة امرأة عمران التي تطالعنا في سورة آل عمران، شخصية المرأة المسلمة.. المرأة المؤمنة التي تبدأ في تكوين البيت المسلم بداية من الحمل.

إن رعاية هذا الطفل والقيام عليه من الأمور المنوطة بالمرأة ولا شك، وتحتاج إلى جهد بالغ؛ ولذلك فإن امرأة عمران قالت: "رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [آل عمران:35].
ثم لما وضعت حملها، قالت: "رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [آل عمران:36].

أولا:ً ملاحظة كيف أن هذه المرأة المسلمة رضيت بما آتاها الله عز وجل، لم تسخط أن آتاها أنثى كما تفعل كثير من النساء، تريد ذكرًا لأن زوجها يريد ذكرًا؛ لأن المجتمع يطلب منها أن تأتي بذكر؛ لأن أمها وأباها وأم زوجها وأبا زوجها والجميع ينتظرون ذكرًا، ولكن ليس دائمًا تأتي الأمور بما تشتهي النفوس، وبذلك فإن امرأة عمران قد وضعت أنثى ولكنها امرأة تعرف ربها، وتعرف بأنه يجب عليها أن ترضى بالقضاء والقدر وبما قسم الله لها، ولذلك قالت: “إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى” [آل عمران:36] والصحيح أنها تعترف بالقاعدة.. تعترف بقضية ليس الذكر كالأنثى، ولكن هذا قدر الله، ماذا تفعل؟ أتمسكه على هون؟! أتدسه في التراب؟! .. كلا.

اختيار الاسم

انتقت الاسم المناسب، "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ" [آل عمران:36] الاسم الجيد لهذه المولودة.

وإنني أقول لكن أيتها النساء: إنه قد حدث من الخلط في قضية التسمية من البعد عن شريعة الله أمورٌ كثيرة في المجتمع، فقد رأينا نساءً سمين بناتهن بأسماء أجنبية، رأينا من سمت ابنتها: سوزان، ورأينا من سمت ابنتها: مايا، ورأينا من سمت ابنتها: ليندا، ورأينا من سمت ابنتها: سالي، وغير ذلك من الأسماء التي جاءت من بلاد الكفار، ورأينا من انتقت لابنتها اسمًا تافهًا يدل على تفاهة ما تفكر به هذه المرأة من الواقع، اسمًا مقتبسًا من كثير من المسلسلات والمسرحيات التي تذكر فيها أسماء الدلع لكثير من النساء فيها، وبعد ذلك تكبر هذه البنت لكي تنادى وهي جدة بذلك الاسم التافه الذي ألصق بها.

إن الجرائم والذنوب من الممكن أن تمحى ومن الممكن أن يزول أثرها، ولكن الاسم باقٍ ومشهور، فإذا تفشى بين الناس وانتشر فكيف يُغير؟! لا يُغير بسهولة، فلا بد من البداية أن يحصل رفع شعار الإسلام بتسمية المواليد تسمية إسلامية.

دعاء الوالد لولده

ثم الدعاء لهذه المولودة: "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [آل عمران:36] ليس الدعاء لها هي فقط وإنما الدعاء لذريتها، هل تفقه الأم المسلمة في هذا الزمان أهمية تعويذ الطفل من الشيطان والدعاء له حتى لا يتسلط عليه الشيطان؟
فإذا أخلصت الأم المسلمة فإن الله سيتقبل وليدها بقبول حسن، ألم يقل الله عن امرأة عمران: “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا” [آل عمران:37].

بعض النساء تظن أن الأخذ بالأسباب البشرية في التربية كافية، ولا لجوء إلى الله، وهذا جهل فظيع، فإن بعض الناس يبذلون من الأسباب الكفيلة لصلاح الأولاد شيئًا عظيمًا ومع ذلك لا يصلح الأولاد، لماذا؟

لم يكن هناك لجوء إلى الله بالدعاء، فما معنى قوله عز وجل: "وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا" [آل عمران:37]؟!

إن الله سبحانه وتعالى قد رعى هذه البنت وجعلها تنبت في منبت حسن، جعلها تنشأ على طاعته عز وجل متمسكة بشرعه، حفظها من السوء ومن أهل السوء، بل إن الله قيَّض لها رجلًا كريمًا شريفًا عفيفًا إنه نبيٌ وهو زكريا عليه السلام، صار يكفلها، كفلها زكريا وجعل أمر رعايتها إليه، ألقوا الأقلام، وجعلوا يستهمون من يكفل مريم، فكانت من حظ ونصيب زكريا عليه السلام: “كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا” [آل عمران:37].

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#امرأة-عمران
اقرأ أيضا
الحجاب.. والفتاة المؤمنة | مرابط
المرأة

الحجاب.. والفتاة المؤمنة


وإن الفتاة المؤمنة هي التي لا تتحايل على ربها بلباسها فتظهر زينتها من حيث هي تزعم التدين والانتماء لأهل الصلاح بل الفتاة المؤمنة هي التي تلبس جلبابها الشرعي ثوبا هادئا ساكنا خاشعا على بدنها يسترها ولا يفضحها ويرفعها ولا يضعها ويكرمها ولا يمسخها ثم يقربها من ربها ولا يبعدها ويرفعها في الجنة إلى منازل الصالحين والصالحات والصديقين والصديقات.

بقلم: فريد الأنصاري
294
انو الخير.. وصية الإمام أحمد لولده | مرابط
مقالات

انو الخير.. وصية الإمام أحمد لولده


قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه يوما أوصني يا أبت فقال يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير. وهذه وصية عظيمة سهلة على المسئول سهلة الفهم والامتثال على السائل وفاعلها ثوابه دائم مستمر لدوامها واستمرارها وهي صادقة على جميع أعمال القلوب المطلوبة شرعا سواء تعلقت بالخالق أو بالمخلوق

بقلم: ابن مفلح
447
موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات

موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الجزء الأول


ولما طال الأمد نبتت في المسلمين نابتة من أهل الأهواء ممن لم يستضئ بنور الوحي وتبنت أقوالا شاذة في أصول الدين كالكلام في القدر والكلام في صفات الله تعالى والوعد والوعيد والموقف من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المقالات ونصروها وتعصبوا لها فتكونت الفرق واحتدم النزاع والخلاف بينها ولاذت كل فرقة بكتاب الله تعضد به أقوالها ولما عجزوا تأولوا آياته وحرفوها عن ظاهرها ثم كروا على السنة النبوية فلما وجدوها على خلاف ما يعتقدون قالوا ما نقبل منها إلا ما وافق عقولنا وانخدع بتلك الدعوى ب...

بقلم: الشبكة الإسلامية
1386
الدعاء والشكر | مرابط
تعزيز اليقين

الدعاء والشكر


من متع الحياة الدنيا: أن تكون عبدا مكروبا بكرب دنيوي أو محتاجا لشيء من لعاعة الدنيا فتلح بالدعاء والطلب من الله. ربنا العظيم الكبير الجليل المالك ذي الجلال والجبروت والملكوت.. فتدعوه مع التذلل له ويرزقك الخضوع والانصياع التام والفقر التام ولو بعد حين من الدعاء.

بقلم: خالد بهاء الدين
352
حول تكريم المرأة في الإسلام | مرابط
المرأة

حول تكريم المرأة في الإسلام


قل هو شرع الله والله لم ينزل شرعه على ذوقك! بل لا تؤمنين إلا إذا كان هواك تبعا لما جاء به محمد! لا تقل لها أن القيمة التي تود النسوية رفعك لها هي موجودة في الإسلام لا بل الإسلام هو أعلى قيمة عليك أن تحرصي عليها كي ترفعي لا أنك قيمة باهضة والإسلام والنسوية يتنافسان على الظفر باتباعك عبر الإغراء بمفهوم التكريم

بقلم: باسم بشينية
336
عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج1 | مرابط
تفريغات

عن الدعاء والتوسل والاستغاثة ج1


محاضرة هامة حول مسائل الدعاء والتوسل والاستغاثة.. وهي التي أثار بها علماء السوء جدلا واسعا في الفترة الأخيرة حيث أباحوا ما يفعله العوام عند الأضرحة والقبور وحاولوا الاستدلال ببعض الآثار والأخبار وحاولوا لي أعناق النصوص وهنا توضيح لهذه المسائل ورد على تلك المزاعم وإزالة للإشكال الحادث وتبيين لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسائل.

بقلم: محمد الحسن الددو الشنقيطي
402