تفاسير المتأخرين

تفاسير المتأخرين | مرابط

الكاتب: أحمد عبد المنعم

390 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

تفاسير المتأخرين هي تفاسير مهمة جدًا بالنسبة إلينا، لماذا؟ تفاسير المتأخرين تعاني مما نعانيه نحن من الواقع. فمن بعد ألف هجريًا وألف ومائتين هجريًا تجد أن التفاسير بدأت تُثوِّر معاني جديدة، فمثلًا: محمد عبده قد أثَّر تأثيرًا كبيرًا في رشيد رضا، وفي المراغي، وفي أبو زهرة، مدرسة كاملة تأثرت به... ومثلهم الموصلي العراقي في كتابه ((أولى ما قيل))؛ وقد تأثر به تأثرًا كبيرًا. وبالرغم من أن محمد عبده لم يُكمل التفسير وكذلك رشيد رضا.

 

لكن التفاسير التي اكتملت وتأثرت بفكر محمد عبده واستصحبت فكره في بقية التفسير مثل تفسير: ((أولى ما قيل))، وتفسير المراغي. فهناك أناس كانت تحت ضغط المخترعات والاكتشافات مثل: طنطاوي الجوهري في ((الإعجاز العلمي))، وتأثرت بقضية كقضية الاستضعاف والحاكمية كما في ((تفسير الظلال)). فكل مفسر من المتأخرين عاش قضية مما نعايشها الآن فكان لهذه التفاسير قيمة لدينا. فهم عاشوا قضايا مما نعايشها مثل: قضية السنن والتعامل معها. وكما قلت أن الدكتور محمد عمارة حاول أن يستخلص ما قيل في قضية السنن  من محمد عبده ورشيد رضا. والكتب عن سنن الله الكونية  كثيرة جدًا.

 

مثلًا إذا أردنا أن نعقد مقارنة بين تفسير الإمام الشوكاني وتفسير الإمام القاسمي.

 

الإمام القاسمي هو شبه خليط مجموعة من المدارس. والإمام الشوكاني هو خليط مجموعة من التفاسير.
الإمام الشوكاني هو الجامع بين فني الرواية والدراية، فهو جمع بين الطبري وبين أبي حاتم والسيوطي وهذه تفاسير الرواية، ثم اهتم بالجانب الآخر مثل تفسير الزمخشري وابن عاشور وأبو السعود، فهو جمع بين عدة التفاسير.

 

أما الإمام القاسمي خليط عجيب بسبب تأثره بمدرسة ابن تيمية وابن القيم، وتأثره بالتفاسير الصوفية المهيمي والقشاني وغيرهم، وتأثره بمحمد عبده، فتجد أن القاسمي حقيقةً به خليط عجيب، وكذلك تأثر جدًا بأبي سعود وكان كثيرًا ما ينسب إليه. ولكن الشوكاني كان يقلل من النسب إليه. فالقاسمي كمدرسة متأخرة أو كمفسر متأخر استوعب مجموعة من المدارس.

 

فقيمة تفاسير المتأخرين أنها عايشت واقعنا ولخَّصت وجمعت كثيرًا من كلام المتقدمين، بل وقد تُفصِّل وتكون كنزًا!

 

مثل الألوس، فهو يذكر كثيرًا من كلام المتقدمين. وبالتالي فتفاسير المتأخرين قد توفر علينا الجهد، وقد تنقل لنا أشياءً من مصادر لم تصل إلينا مثل الدرر المنثور للسيوطي، وقد تعايش واقعنا وتسقط على واقع لم يتكلم فيه المتقدمين. فقد تجد مفسر متقدم يتكلم في مرحلة وصول الخلافة إلى أطراف الأرض؛ وعند آية {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ}[النور 55] يقول: "وهذا ما نراه بأعيننا". ولكننا عندما تقرأ هذا تبكي وتتعجب: رآه بعينه!! ألا ترى واقعنا المعاصر الذي نعيش فيه نحن! وتقول له: أين هذا التمكين الذي تراه بعينيك؟! أعطني عينيك لأرى بها هذا التمكين! فأنت هنا لا ترى شيئًا لأنك في قمة الاستضعاف، وبالتالي تريد أن تقرأ لمن يعايش واقعك.

 

فهذه قيمة تفاسير المتأخرين مثل: القاسمي، الشوكاني، ابن عاشور. وابن عاشور قد أبدع حقيقةً؛ وإن كان قد اهتم بالجانب البلاغي، لكن لديه اسقاطات واقعية كثيرة. وأيضا: الظلال. وكذلك: ((التفسير القرآني للقرآن)) للخطيب؛ على ما فيه من أخطاء وإنكاره لأحاديث متواترة صحيحة، وغلَّب قضية القرآن وحكّم الأحاديث بطريقة خاطئة، لكن فيه بعض الإبداعات خصوصًا في القصص القرآني، وله كتاب في القصص القرآني جيد.

 

وكذلك: حبنكة الميداني ((معارج التفكر ودقائق التدبر)) فبعدما أصَّل في قواعد التدبر طبَّق في معارج التفكر بصورة جيدة. وإن كنت أرى أن الكتب المفردة التي كتبها الشيخ حبنكة الميداني -عليه رحمة الله- مثل: ((ظاهرة النفاق))، و((أمثال القرآن)) كانت أقوى من بعض الأبحاث التي جاءت في التفسير، ولكن في كلٍ خير.

 

ومع أهمية تفاسير المتقدمين؛ لا نريد أن نُغفل تفاسير المتأخرين، بل قد تكون عونًا لنا حينما نريد أن نتفاعل مع النص القرآني ونقدمه للناس.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التفاسير
اقرأ أيضا
إظهار المنكرات | مرابط
اقتباسات وقطوف

إظهار المنكرات


مقتطف لشيخ الإسلام ابن تيمية يتحدث عن المظهرين للذنوب فالرجل من المسلمين لو جاهر بالذنب وجب على المسلمين أن يبغضوه بقدر ما أظهر من الذنب وأن يظهروا له الخير إذا تاب إلى الله وتراجع عن ذنبه وفي المقتطف نماذج عملية من السيرة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
517
شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج2


يردد المبغضون للحجاب من العالمانيين والمنصرين أن الحجاب الحقيقي هو حجاب القلب وليس هو مجرد قطعة قماش تلقى على الرأس والحقيقة أن الرد على هذا القول من أسهل ما يكون فهو ينطوي على الكثير من المغالطات العقلية والعقدية والمقال الذي بين يديكم يناقشها جميعا ويوضح الرد على هذه الفرية الحادثة

بقلم: سامي عامري
950
حكم قطز والاستعداد لمواجهة التتار ج2 | مرابط
تفريغات

حكم قطز والاستعداد لمواجهة التتار ج2


صرح قطز لأمرائه أنه ما طلب الملك إلا لحرب التتار فبدأ الأمراء المماليك يترددون فقد وصلت أنباء التتار المخيفة عن حرب التتار لكن قطز رحمه الله بدأ يضرب لهم مثلا رائعا في فهمه للإسلام ويعطي لهم قدوة راقية في الجهاد لقد أعلن قطز لهم أنه سيذهب بنفسه لحرب التتار ويكون مع جنوده في قلب المعركة ولن يرسل جيشا ويبقى هو في عرينه بمصر بل سيذوق مع شعبه ما يذوقون ويتحمل ما يتحملون ولو أرسل قطز جيشا وبقي هو في القاهرة ما لامه أحد ولكنه لم ير هناك وسيلة أفضل من ذلك لتحميس القلوب الخائفة وتثبيت الأفئدة المضط...

بقلم: د راغب السرجاني
631
معارضة الوحي بالعقل: ميراث الشيخ أبي مرة | مرابط
اقتباسات وقطوف

معارضة الوحي بالعقل: ميراث الشيخ أبي مرة


مقتطف من كتاب الصواعق المرسلة لابن قيم الجوزية يدور حول معارضة الوحي بالعقل ويقف بنا أمام القياس العقلي المركب في قول إبليس أنا خير منه والفاضل لا يسجد للمفضول والاحتجاج بأنه مخلوق من نار بينما آدم مخلوق من طين أي من خلق من نار خير ممن خلق من طين

بقلم: ابن القيم
794
في التحذير من فتن إبليس ومكايده | مرابط
اقتباسات وقطوف

في التحذير من فتن إبليس ومكايده


مقتطف لابن الجوزي من كتاب تلبيس إبليس يحذر فيه أهل الإسلام من مكائد إبليس وفتنته ويشير إلى طبيعة الإنسان منذ خلقه حيث ركب فيه الهوى والشهوة وبيده أن يختار طريق الهدى أو طريق الضلال بيده أن يجلب ما فيه نفعه وصلاحه أو ينساق وراء شهواته وحبائل إبليس

بقلم: ابن الجوزي
1663
الدليل العقلي عند السلف ج1 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج1


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
366