تفاسير المتأخرين

تفاسير المتأخرين | مرابط

الكاتب: أحمد عبد المنعم

494 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

تفاسير المتأخرين هي تفاسير مهمة جدًا بالنسبة إلينا، لماذا؟ تفاسير المتأخرين تعاني مما نعانيه نحن من الواقع. فمن بعد ألف هجريًا وألف ومائتين هجريًا تجد أن التفاسير بدأت تُثوِّر معاني جديدة، فمثلًا: محمد عبده قد أثَّر تأثيرًا كبيرًا في رشيد رضا، وفي المراغي، وفي أبو زهرة، مدرسة كاملة تأثرت به... ومثلهم الموصلي العراقي في كتابه ((أولى ما قيل))؛ وقد تأثر به تأثرًا كبيرًا. وبالرغم من أن محمد عبده لم يُكمل التفسير وكذلك رشيد رضا.

 

لكن التفاسير التي اكتملت وتأثرت بفكر محمد عبده واستصحبت فكره في بقية التفسير مثل تفسير: ((أولى ما قيل))، وتفسير المراغي. فهناك أناس كانت تحت ضغط المخترعات والاكتشافات مثل: طنطاوي الجوهري في ((الإعجاز العلمي))، وتأثرت بقضية كقضية الاستضعاف والحاكمية كما في ((تفسير الظلال)). فكل مفسر من المتأخرين عاش قضية مما نعايشها الآن فكان لهذه التفاسير قيمة لدينا. فهم عاشوا قضايا مما نعايشها مثل: قضية السنن والتعامل معها. وكما قلت أن الدكتور محمد عمارة حاول أن يستخلص ما قيل في قضية السنن  من محمد عبده ورشيد رضا. والكتب عن سنن الله الكونية  كثيرة جدًا.

 

مثلًا إذا أردنا أن نعقد مقارنة بين تفسير الإمام الشوكاني وتفسير الإمام القاسمي.

 

الإمام القاسمي هو شبه خليط مجموعة من المدارس. والإمام الشوكاني هو خليط مجموعة من التفاسير.
الإمام الشوكاني هو الجامع بين فني الرواية والدراية، فهو جمع بين الطبري وبين أبي حاتم والسيوطي وهذه تفاسير الرواية، ثم اهتم بالجانب الآخر مثل تفسير الزمخشري وابن عاشور وأبو السعود، فهو جمع بين عدة التفاسير.

 

أما الإمام القاسمي خليط عجيب بسبب تأثره بمدرسة ابن تيمية وابن القيم، وتأثره بالتفاسير الصوفية المهيمي والقشاني وغيرهم، وتأثره بمحمد عبده، فتجد أن القاسمي حقيقةً به خليط عجيب، وكذلك تأثر جدًا بأبي سعود وكان كثيرًا ما ينسب إليه. ولكن الشوكاني كان يقلل من النسب إليه. فالقاسمي كمدرسة متأخرة أو كمفسر متأخر استوعب مجموعة من المدارس.

 

فقيمة تفاسير المتأخرين أنها عايشت واقعنا ولخَّصت وجمعت كثيرًا من كلام المتقدمين، بل وقد تُفصِّل وتكون كنزًا!

 

مثل الألوس، فهو يذكر كثيرًا من كلام المتقدمين. وبالتالي فتفاسير المتأخرين قد توفر علينا الجهد، وقد تنقل لنا أشياءً من مصادر لم تصل إلينا مثل الدرر المنثور للسيوطي، وقد تعايش واقعنا وتسقط على واقع لم يتكلم فيه المتقدمين. فقد تجد مفسر متقدم يتكلم في مرحلة وصول الخلافة إلى أطراف الأرض؛ وعند آية {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ}[النور 55] يقول: "وهذا ما نراه بأعيننا". ولكننا عندما تقرأ هذا تبكي وتتعجب: رآه بعينه!! ألا ترى واقعنا المعاصر الذي نعيش فيه نحن! وتقول له: أين هذا التمكين الذي تراه بعينيك؟! أعطني عينيك لأرى بها هذا التمكين! فأنت هنا لا ترى شيئًا لأنك في قمة الاستضعاف، وبالتالي تريد أن تقرأ لمن يعايش واقعك.

 

فهذه قيمة تفاسير المتأخرين مثل: القاسمي، الشوكاني، ابن عاشور. وابن عاشور قد أبدع حقيقةً؛ وإن كان قد اهتم بالجانب البلاغي، لكن لديه اسقاطات واقعية كثيرة. وأيضا: الظلال. وكذلك: ((التفسير القرآني للقرآن)) للخطيب؛ على ما فيه من أخطاء وإنكاره لأحاديث متواترة صحيحة، وغلَّب قضية القرآن وحكّم الأحاديث بطريقة خاطئة، لكن فيه بعض الإبداعات خصوصًا في القصص القرآني، وله كتاب في القصص القرآني جيد.

 

وكذلك: حبنكة الميداني ((معارج التفكر ودقائق التدبر)) فبعدما أصَّل في قواعد التدبر طبَّق في معارج التفكر بصورة جيدة. وإن كنت أرى أن الكتب المفردة التي كتبها الشيخ حبنكة الميداني -عليه رحمة الله- مثل: ((ظاهرة النفاق))، و((أمثال القرآن)) كانت أقوى من بعض الأبحاث التي جاءت في التفسير، ولكن في كلٍ خير.

 

ومع أهمية تفاسير المتقدمين؛ لا نريد أن نُغفل تفاسير المتأخرين، بل قد تكون عونًا لنا حينما نريد أن نتفاعل مع النص القرآني ونقدمه للناس.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التفاسير
اقرأ أيضا
فن أصول التفسير ج1 | مرابط
تفريغات

فن أصول التفسير ج1


فالموضوع الذي بين يدي: هو أصول التفسير وكما يقال الآن من المصطلحات المعاصرة لفظة التوظيف لأني سأجتهد في توظيف أصول التفسير وهي مادة نوع ما ممكن تكون متخصصة لكن سأجتهد قدر استطاعتي أن أنزل بالمعلومات إلى ما يمكن أن تستوعبه شرائح متعددة الذي علمه قليل والذي علمه كثير والذي يستوعب استيعابا سريعا والذي يكون استيعابه بطيئا

بقلم: مساعد الطيار
738
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها | مرابط
اقتباسات وقطوف

عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها


مقتطف هام من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية يضع بين يدينا عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها العبد مهما بذل فيها من وقت وجهد وكدح ثم بعدما يذكرها يقف على أعظم الإضاعات التي قد يقع فيها العبد وهما إضاعة القلب وإضاعة الوقت

بقلم: ابن القيم
733
العقل وإدراك الحقائق | مرابط
فكر تفريغات

العقل وإدراك الحقائق


إن الروح التي تسري في نفس الإنسان هي أقرب الأشياء إليه لأنها نفسه ومع ذلك فإن الإنسان يشتد جهله بها كل ما زاد بحثه عنها فالروح ليست من جنس الأشياء المشهودة التي يمكن للعقل الإنساني البحث فيها فليس لها وزن ولا لون ولا حجم ولا تدخل تحت المقاييس الإنسانية فأنى للعقل أن يعرف كنهها وحقيقتها

بقلم: عمر الأشقر
410
النعمة في البرد والحر | مرابط
اقتباسات وقطوف

النعمة في البرد والحر


من النعم التي لا يلتفت إليها كثير من الناس: نعمة الوقاية من البرد والحر وفي هذا المقتطف الماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية تعليق سريع حول هذه النعمة من وحي القرآن الكريم حتى يعلم المسلم قدر النعم التي أحاطه الله بها وهي لا تحصى

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
492
دعاة تحرير المرأة | مرابط
تفريغات المرأة

دعاة تحرير المرأة


قاسم أمين صاحب الدعوة الباطلة المنحرفة لما جاء بدعوى تحرير المرأة أخذ يدعو إلى باطله السنوات الطوال حتى حصل على مراده في تغيير البنية الاجتماعية بعد سنة ثمانية وعشرين وإلى الآن ما زلنا نتجرع غصص هذا التحرر وهذا الكتاب والتوصيات فهذا صاحب دعوة باطلة فكيف بدعوة الحق فكن طويل النفس ولا تكن مستعجلا تنظر تحت قدمك سيأتيك الفرج لو صدقت النية

بقلم: أبو إسحق الحويني
677
نصيحة ابن تيمية: لا تجعل قلبك كالإسفنجة | مرابط
اقتباسات وقطوف

نصيحة ابن تيمية: لا تجعل قلبك كالإسفنجة


وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقرا للشبهات أو كما قال فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.

بقلم: ابن القيم
493