ذكر في سورة النحل إنعامه على عباده فذكر في أول السورة أصول النعم التي لا يعيش بنو آدم إلا بها، وذكر في أثنائها تمام النعم التي لا يطيب عيشهم إلا بها؛ فذكر في أولها الرزق الذي لا بد لهم منه، وذكر ما يدفع البرد من الكسوة بقوله: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} ثمّ في أثناء السورة ذكر لهم المساكن والمنافع التي يسكنونها: مساكن الحاضرة والبادية، ومساكن المسافرين فقال تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا} الآية. ثم ذكر إنعامه بالظلال التي تقيهم الحر والبأس فقال: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا} إلى قوله: {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون}. ولم يذكر هنا ما يقي من البرد لأنه قد ذكره في أول السورة وذلك في أصول النّعم؛ لأن البرد يقتل فلا يقدر أحد أن يعيش في البلاد الباردة بلا دفء بخلاف الحر فإنه أذى لكنه لا يقتل كما يقتل البرد فإن الحر قد يتقى بالظلال واللباس وغيرهما وأهله أيضا لا يحتاجون إلى وقاية كما يحتاج إليه البرد؛ بل أدنى وقاية تكفيهم.
المصدر:
مجموع الفتاوى (12/ 256)