حفظ اللسان

حفظ اللسان | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

1229 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

إن ربنا سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد جاء عنهما الأمر بحفظ اللسان، هذا العضو السريع الحركة، أسرع الأعضاء حركة وأنشطها، لا يكل ولا يمل من كثرة الاستعمال، قال الله عز وجل في كتابه العزيز: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق 18]. فكل ما خرج منه يُكتب ويُرصد، ويُحفظ ويُجمع؛ لينشر يوم الدين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».

وجاء سفيان بن عبد الله الثقفي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له سائلًا: "يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: «هذا» أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. 

وقال صلى الله عليه وسلم:  «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»  وقال للصحابي: فكف لسانك إلا من خير وقال لمن سأله ما النجاة؟ قال: املك عليك لسانك رواه الترمذي وحسنه، وفي حديث معاذ المشهور قال له النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أوصاه: « ألا أخبرك بملاك ذلك كله، كف هذا وأشار إلى لسانه»، قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم»  (رواه الترمذي وغيره وهو حديث صحيح).

ألا أخبرك بملاك ذلك؛ أي ما يحكم الأمور ويعين على تقويتها، أخذ صلى الله عليه وسلم بلسانه وأشار إلى هذا العضو وقال قولًا بعد الفعل كف، أي: امنع هذا، هذه الإشارة والقول تدل على اهتمام الشارع بحفظ هذا العضو، وقدم عليك على قوله هذا إشارة للاهتمام بهذا الأمر، فلم يقل أمسك هذا عليك، وإنما قال أمسك عليك هذا، وهذه الإشارة في اللغة تكون لمزيد من التعيين، أو التحقير؛ لأن الناس كثير ما يتساهلون به، ولم يكتفِ صلى الله عليه وسلم بالقول وإنما أخذ بلسانه بالفعل؛ ليدل بقوله وفعله على هذا الأمر، بيانًا لصعوبة ضبط اللسان، ومعنى الحديث لا تتكلم بما لا يعنيك كما ورد في الحديث الآخر من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، وكثرة الكلام لها مفاسد لا تُحصى.

وقال الصحابي: وإنا لمؤاخذون، أي: معاقبون ومحاسبون بما نتكلم به، أي: على جميع الكلام الخارج، لأن معاذًا لا يخفى عليه أن بعض الكلام يحسب للإنسان، فقال له: وهل يكب ويلقي الناس ويسقطهم ويصرعهم على وجوههم أو على مناخرهم -وهي أول ما يصل إلى الأرض إذا سقط الإنسان على وجهه- إلا حصائد ألسنتهم، وفي هذا بلاغة نبوية عظيمة، فإنه شبه ما يتكلم به الإنسان بالزرع المحصود، شبهه بالمنجل، فكما أن المنجل الذي يُحصد به الزرع يقطع ولا يميز بين الرطب واليابس، والجيد والرديء، فكذلك لسان بعض الناس يتكلم بكل نوع من الكلام حسنًا وقبيحًا مثل المنجل، يحصد كل ما يأتي عليه، لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم، من الكفر، والقذف، والشتم، والغيبة، والنميمة، والبهتان.

فعليك يا عبد الله بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان، ومن صمت نجا، والإسلام في السلامة من اللسان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:  «المسلم من سلم المسلمون من لسانه» خص اللسان بالذكر؛ لأنه يعبر عما في النفس، وهو أمضى من اليد، ولذلك قدمه على اليد، في قوله من لسانه ويده؛ لأن اللسان يؤثر ويقول في الماضين، والموجودين، والحادثين بعد، وأما اليد فيمن هو أمامها، ولذلك كان التأكيد عليه، وتقديمه في هذا الحديث.

 


 

المصدر:

 http://iswy.co/e2blf8

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#حفظ-اللسان
اقرأ أيضا
عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني | مرابط
مقالات الجندرية

عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني


تستند الموجة اللوطية الجديدة على عدد من العوامل في صعودها السريع وانتشارها الملحوظ في بعض المجتمعات ومن أبرز هذه العوامل: التقدم الطبي الذي أتاح للشواذ واللوطيين إجراء تعديلات جسدية وتجميلية وظاهرية موافقة للميول الجندرية الجديدة وكذلك الإتخام الجنسي وإتاحته بكل الصور في كل مكان عبر الشبكة مثلا أحدث نوعا من الملل والتخمة لدى مشاهدي ومدمني البورنو وهو كا دفعهم إلى أشكال جديدة من الجنس مثل اللوطية وفي هذا المقال يناقش الكاتب عمرو عبد العزيز هذه العوامل وغيرها بشكل موجز

بقلم: عمرو عبد العزيز
2125
العضلة الأهم | مرابط
اقتباسات وقطوف

العضلة الأهم


كلنا يريد الانطلاق نحو الله في رمضان.. والقوة المحركة لهذا الانطلاق هي القلب.. وكلما كان حمله من المعاصي أقل.. كانت انطلاقته أكبر وأعظم.. ومن أكبر أثقال القلب التي تبطئ حركته:الغل والأحقاد نحو الآخرين في قلبك..

بقلم: د. أيمن خليل البلوي
433
علمنة الأحكام الشرعية | مرابط
فكر مقالات العالمانية

علمنة الأحكام الشرعية


يناقش هذا المقال ظاهرة خطيرة يشهدها واقعنا المعاصر ألا وهي علمنة الأحكام الشرعية حيث يبقى المسمى الشرعي كما هو ولكن يتم تفريغه من مضمونه وتبديله بمضامين أخرى لا تخالف الذائقة العلمانية وقد ضرب الكاتب العديد من الأمثلة بأحكام شرعية مل الردة والربا والجهاد وموضوعات الاختلاط والولاء والبراء وبين كيف تغير معناها الإسلامي إلى معنى علماني مخالف

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2233
استقبال رمضان | مرابط
مقالات

استقبال رمضان


منا من يرى تقصيره وغفلته وقسوة قلبه ويتساءل ماذا سيحصد في رمضان إن كان قد ضيع البذر والسقاية كما يقولون منا من يخاف من أن تحاصره أصوات المآذن وزحامات المساجد وهمهمات المرتلين ومناجاة الساجدين فتدفعه دفعا للعبادة أو تأنيب الهروب منها مع شعوره بالكسل والملل والفتور وعدم الرغبة

بقلم: كريم حلمي
437
بين الشعائر والطقوس! | مرابط
فكر

بين الشعائر والطقوس!


من أكثر الدول رعاية للطقوس والمراسم الدقيقة بريطانيا..ومن شاهد مراسم وفاة ملكتهم مؤخرا لاحظ بذلك بقوة.. هنا..لن تسمع اعتراضات المنهزمين نفسيا أمام الغرب والعلمانيين..لن تسمع عبارات: لماذا الاهتمام بالقشور وهذه الحركات الرمزية؟! بل على العكس..سترى منهم إعجابا وتسبيحا بعراقتهم واهتمامهم بثقافتهم وتقاليدهم!

بقلم: الدكتور أيمن خليل البلوي
263
قصة الله محبة وموقف الأناجيل منها ج1 | مرابط
فكر مقالات

قصة الله محبة وموقف الأناجيل منها ج1


وقال لى أحدهم وهو يحاورنى: إننا نرى أن الله محبة على عكس ما ترون فأجبت ساخرا كأننا نرى الله كراهية إن الله مصدر كل رحمة وبر وكل نعمة وخير وصحيح أننا نصفه بالسخط على الفجار والظلمة والأمر فى ذلك كما قال جل شأنه ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين أفليس الأمر كذلك لديكم إنكم تخدعون العالمين بذكر هذه الكلمة وحدها ووضع ستائر كثيفة على ما عداها من كلمات تصف الجبروت الإلهى بأشد مما ورد فى الإسلام

بقلم: محمد الغزالي
703