شبهة حول الكسوف والخسوف

شبهة حول الكسوف والخسوف | مرابط

الكاتب: محمد الغزالي

812 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قال الكاتب: " جاء في سورة الروم: "ومن آياته يريكم البرق خوفًاوطمعًا، وينزل من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ".

"وروى البخارى في صحيحه عن أبى موسى الأشعرى قال: خسفت الشمس فقام النبى فزعًا يخشى أن تقوم الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيا موركوع وسجود، ما رأيته قط يفعله، وقال: " هذه الآيات التى يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا حياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ". (البخارى).

 

الشبهة

وبعد أن ذكر الكاتب التفسير العلمى للبرق، والكسوف، والخسوف كما هو مقرر في الكتب المدرسية قال: " إذن فالواضح أنه ليس الهدف من البرق أن يخوف الله البشر، أو الهدف من الكسوف ما ظنه البعض بجهالة أنه لموت إبراهيم (ابن النبى)، أو خشية قيام الساعة بل الأمر مجرد ظواهر طبيعية عادية، وهذا هو فضل العلم الحديث على البشرية جمعاء، ولكنهم لم يكونوا يدركون ذلك بعد، وكان تفسيرهم لتلك الظواهر نابعًا من استنتاجات محدودة ".

 

الرد

ونقول: هذه الظواهر الطبيعية العادية كما يسميها الكاتب هى آيات الله في منطق المؤمنين به. . فحياة الأرض بعد نزول الماء آية وإن سماها ظاهرة طبيعية، والتفريغ الكهربى الناشئ من تلاقى السحب آية سواء أحدث صوت الرعد أم ضوء البرق.

ورجاء الناس في أن تهمى هذه السحب طمع في محله لا يستغرب، وخوفهم أن يكون البرقوليد سحاب جهام لا خير فيه خوف في محله لا يستنكر. ولو خشوا أن يتحول التيار الكهربائى إلى صواعق مهلكة فخشيتهم طبيعية لا نكير عليها. .

أما تصور الكاتب أن الناس تخاف البرق لأن عفريتًا يصنعه فهذا تصور أطفال، والآية التى أوردها عن البرق والمطر واحدة من ثمانى آيات متتابعة تصف ما يسميه ظواهر طبيعيةوصفًا جليلًا رائعًا يحييه العلماء من قلوبهم.

أما قصة الكسوف فلا ندرى مقدار العمى الذى كان صحب الكاتب وهو يذكرها، لقد وهل الناس أن الشمس كسفت لموت إبراهيم بن النبى عليه الصلاة والسلام، فقام النبى ينفي ذلك بشدة مؤكدًا أن الكسوف والخسوف آيات إلهية، أو بالتعبير الحديث ظواهر طبيعية.

وزهد صاحب الرسالة في المجد الذى أتاحته الظروف! ! وكان فيوسعه أن يسكت تاركًا هذا الظن يستقر، ولكنه أبى، وأمر أتباعه بالصلاة تحية لرب الأرض والسماء، وانحناء أمام عظمة مسير الكواكب في الفضاء.

أهذا مسلك يعاب؟! شاهت الوجوه..

ومعروف في سيرة النبى الكريم أنه كان شديد الرقابة لله، شديد الخشية منه، وربما تعصف الريح فيقلق خشية أن تكون ريحًا مدمرة يعذب الله بها المتمردين عليه، فهل قالوا: إن هبوب الريح من علامات الساعة؟ 

وهل خوف النبى من أن يكون الكسوف إيذانًا باقتراب الساعة يدل على شىء أكثر من شعوره الحى بقرب لقاء الله.

ولنترك ما حكاه " أبو موسى الأشعرى " في ذلك ولنتدبر ماذا قال الرسول نفسه عن الكسوف والخسوف؟ قال عنهما: آيتان من آيات الله. . وحسب. .

فأى اعتراض علمى على هذا؟

ويقول الكاتب: " يحدد لنا العلم أن الكسوف للشمس، والخسوف للقمر "، وليس كما جاء في الحديث: " خسفت الشمس ".

الجواب: ليس هذا تحديدًا علميًا، وإنما هى اصطلاحات تواضع عليها بعض الناس لا تؤثر في طبيعة اللغة العربية التى تسمح باستعمال الكسوف والخسوف للشمس على سواء.

إن كلمة " التبشير " شاعت فيما يفرح، ولكنها لغة تستعمل فيما يسر، وفيما يسوء.

وكلمة " أصاب " أو " مصيبة " تستعمل في الآلام والمتاعب، ولكنها لغة تستعمل كذلك في الأفراح

" ما أصابك من حسنة فمن الله " (النساء: 79) و" نصيب برحمتنا من نشاء " (يوسف: 56)ولكن عبقرى أسيوط الذى لا يعرف من لغة العرب إلا نزرًا يريد أن يتصيد أخطاء لغوية لرجال البلاغة العربية.

 


 

المصدر:

محمد الغزالي، قذائف الحق، ص135

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
حب الدنيا والجاه يصدان عن الحق | مرابط
اقتباسات وقطوف

حب الدنيا والجاه يصدان عن الحق


إن فتنة الدنيا وحب الجاه والرياسة من أعظم الأمراض التي تصيب القلب وتسيطر عليه وتصده عن الحق خوفا عليها وأملا في دوامها حتى لو كان الثمن هو الاستمرار في طريق الباطل وحتى لو كان الإنسان مقتنعا في داخله بأن الحق مع الآخر وهذا مقتطف من كتاب هداية الحيارى لابن القيم يتحدث عن مناظرته لبعض علماء النصارى وفيه بيان لهذا المرض الذي صدهم عن قبول الحق

بقلم: ابن قيم الجوزية
2483
حدود العلم | مرابط
فكر ثقافة

حدود العلم


العلم لا يغطي إلا جانب ضيق جدا من حقل المعرفة وهو ليس موضوعيا وإنما ذاتي يخضع للرؤية البشرية وتحلله القدرة البشرية والعلم لن يقترب من أسئلة الوجود الكبرى مثل: لماذا نحن هنا وإلى أين نحن ذاهبون؟ ولذا لما سألت دير شبيغل هايدغر عما إذا كان في مقدرة الانسان الوصول للأفضل والأكمل عبر مساعيه وأبحاثه قال : الله فقط يمكن أن ينقذنا.

بقلم: د. هيثم طلعت
300
أسباب الإلحاد | مرابط
فكر الإلحاد

أسباب الإلحاد


لا يمكن التعامل مع الظواهر الكبرى بنماذج تفسيرية اختزالية بل لا بد من النماذج المركبة التي تجمع عددا من المؤثرات والأسباب ولا يخرج الإلحاد عن هذا المعنى فإنه لا يمكن حصره في سبب منفرد بل هي ظاهرة أوجدتها منظومة مركبة من الأسباب

بقلم: البشير عصام المراكشي
2333
سقوط الجانب الأخلاقي في الغرب | مرابط
اقتباسات وقطوف

سقوط الجانب الأخلاقي في الغرب


مقتطف من كتاب العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة لعبد الوهاب المسيري يذكر فيه أصل الإشكالية الأخلاقية في الغرب وكيف قادت النسبية المتزايدة إلى انهيار كل شيء تقريبا فالإنسان في النهاية يحتاج إلى وجود متجاوز يحتاج إلى إله فوق كل شيء وليس مثله شيء ولما تلاشت هذه الفكرة أصبح الإله الجديد هو الجسد

بقلم: عبد الوهاب المسيري
2067
أصل ضلال البشرية | مرابط
تفريغات

أصل ضلال البشرية


أضعف الناس عقلا وأقلهم إدراكا واستعمالا للعقل أولئك الذين يجحدون وجود الخالق سبحانه وتعالى الإنسان خلق بإحكام وخلقه الله عز وجل في أحسن تقويم لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم التين:4 أحسن تقويم من جهة نظامه وقوامه وكذلك أيضا دب الحياة فيه واتساقها وانتظامها وما جعل الله سبحانه وتعالى له من قدرة يؤتيها الله عز وجل إياه للاكتساب وجلب الخير ودفع الضر الذي يلحق به هذا من حسن خلق الله عز وجل وصنعه في الإنسان.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
553
النشوز ما هو؟ | مرابط
المرأة

النشوز ما هو؟


النشوز ما هو؟ يقول صاحب أضواء البيان: النشوز في اصطلاح الفقهاء الخروج عن طاعة الزوج. يقول الطبري: نشوزهن: استعلاءهن على أزواجهن وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه بغضا منهن وإعراضا عنهم

بقلم: باسم بشينية
379