صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4 | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

831 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

أحكام تكبيرة الإحرام


ثم يكبر ويقول: الله أكبر، ويرفع يديه، وهذه التكبيرة هي تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام ركن بالاتفاق.

‏صيغة تكبيرة الإحرام

ولا تنعقد الصلاة إلا بهذه التكبيرة على هذه الصيغة: الله أكبر، فإذا قالها بغير صيغة كأن يقول: الله الأكبر، أو الله الأعظم، أو الله الأجل، فلا تصح عند عامة العلماء خلافًا للحنفية الذين قالوا بانعقادها.

 

ما تقتضيه تكبيرة الإحرام بعد قولها

وهذه التكبيرة بها يحرم على المصلي ما كان مباحًا قبل ذلك، وقد جاء في المسند والسنن من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، فقوله: (تحريمها) أي: أنه يحرم عليه ما كان حلًا له قبل ذلك، وعليه فلا حاجة أن يبحث الإنسان دليلًا على حرمة أي فعل في الصلاة، فعليه أنه تسكن جوارحه، ولا يفعل إلا ما فيه دليل، ويمسك عما لا دليل عليه فإنه يحرم عليه، ولهذا قال: (تحريمها) أي: يحرم عليه أن يفعل شيئًا غير ذلك.

ولهذا لا يوجد دليل عن النبي عليه الصلاة والسلام بالنص على تحريم الأكل في الصلاة، فهل يقول قائل: إنه يجوز للإنسان أن يأكل في الصلاة؛ لأنه لم يرد دليل عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا دليل عام يعم كل شيء، أكل أو انحراف، أو كلام، أو غير ذلك، فكله محرم إلا ما دل عليه الدليل بالنص في هذه العبادة، أو دل عليه الدليل بالعموم في هذه العبادة بذاتها كقراءة الفاتحة وقراءة سورة والتلفظ بالذكر، وهذه ألفاظ وأفعال دل عليها الدليل.

وما دل عليه الدليل بالعموم من غير خصوص كرد السلام على قول، أو إجابة المؤذن حال سماعه على قول، فقد قال بعض الفقهاء ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى في الاختيارات: إن المؤذن إذا أذن وكان حوله من يصلي أنه يردد معه ولا حرج عليه، وهذا قول له وجه من النظر، ومن قال بهذا القول كشيخ الإسلام ابن تيمية فإنه أخذ بالعموم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ).

وعليه حمل بعضهم الاستحباب برد السلام، ولم يثبت عن رسول الله رد السلام في الصلاة لا لفظًا ولا إشارة، وما جاء في هذا الباب فكله معلول، وقد صححه بعض المتأخرين، ولا يصح منه شيء، ولكنه قد ثبت عن بعض السلف حتى بالغ بعضهم، وروي عن عبد الله بن عباس أنه سلم عليه رجل فمد يده فصافحه وهو يصلي, وإسناده صحيح عنه، ولكن يقال: إن مثل هذا يحتاج إلى خبر مرفوع، والأصل في مثل هذا الوقف في العبادات حتى يثبت الدليل، ومثل هذا يقال: إن من فعله هو خلاف الأولى، ولكنه لا يبدع لوجود السلف سبق في هذا.

 

رفع اليدين في تكبيرة الإحرام

ويرفع يديه، ورفع اليدين هنا سنة، وهو آكد مما جاء بعدها من المواضع التي يرفع فيها اليدين، ويأتي الكلام عليها بتفصيلها بإذن الله.

 

موضع رفع اليدين

ويرفع يديه حذو منكبيه أو حذو أطراف أذنيه أو حتى يحاذي شحمة أذنيه، وكل هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح، فقد جاء من حديث عبد الله بن عمر ومن حديث مالك وغيرهما، وجاء أيضًا من حديث وائل بن حجر في السنن وغيرها.

 

استقبال القبلة باليدين عند التكبير

واستقبال القبلة باليدين عند التكبير لا يثبت فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا: ( إذا كبر أحدكم فليستقبل بيديه القبلة فإن الله أمامه )، فخبر منكر تفرد به عمير بن عمران، ولا يحتج به, ولكنه قد ثبت عن عبد الله بن عمر أنه كان يستقبل بيديه القبلة، كما رواه ابن سعد في طبقاته من حديث محمد بن يحيى بن حبان عن عمه، عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى أنه كان إذا كبر استحب أن يستقبل بإبهاميه القبلة، وإسناده صحيح عن عبد الله بن عمر، وهذا أمثل شيء في استقبال اليدين القبلة عند رفعهما في الصلاة، ولا يثبت في هذا شيء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد في هذا شيء عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى.

وأما ما رواه النسائي من حديث وائل بن حجر (أن النبي عليه الصلاة والسلام رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه في الموضع الذي يستقبل بهما القبلة) فهو خبر لا يصح أيضًا، وأمثل شيء في هذا كما تقدم هو الموقوف على عبد الله بن عمر.

وقال به ابن القيم عليه رحمة الله تعالى في الزاد: (ويشرع ويسن أن يستقبل بيديه القبلة)، والقول بالسنية بعيد، وهذا غريب منه عليه رحمة الله فإنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا خبر, وإنما هو موقوف على عبد الله بن عمر، ولا يقال بمثل ما ثبت عن الصحابة السنية.

وأما من يستدل بالعموم وما يقول به بعض الفقهاء أنه يشرع الاستقبال؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام استقبل بكامل جسده القبلة، واستقبل بأصابعه عند سجوده القبلة أصابع قدميه القبلة، والنبي عليه الصلاة والسلام يروى عنه: ( قبلتكم أحياء وأمواتًا )، وفي قوله كذلك وما جاء في الوحي: ( واجعلوا بيوتكم قبلة، وخير بيوتكم ما استقبلتم به القبلة )، مما يدل على تعظيم القبلة وتشريفها فيما هو ليس بعبادة، والعبادة من باب أولى، لكن يقال: إن قول النبي عليه الصلاة والسلام مما يروى عنه: ( قبلتكم أحياء وأمواتًا ) لا يصح، وقد جاء من طرق لا يصح منها شيء.

وأما ما يستدل به البعض من مشروعية استقبال الجسد القبلة على وجه العموم في الحياة والموت، واستقبال الميت القبلة في حال قبره فيقال: لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في استقبال المحتضر الميت عند موته القبلة، ولا عند دفنه أن يستقبل القبلة لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما الثابت عن حذيفة بن اليمان لما قال: (وجهوني إلى القبلة) وفيه كلام, وثبوته ليس ببعيد عن حذيفة عليه رضوان الله تعالى، وجاء عن البراء عليه رضوان الله تعالى وهو ضعيف، وقد جاء من طرق عدة مضطربة لا يثبت منها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعليه يقال: إن استقبال القبلة بباطن الكفين لا يشرع، ومن فعله لا حرج، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد.

 

حكم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام

ثم فقد قال الحنفية بوجوب رفع اليدين في هذا الموضع، والجماهير على أنه سنة، ففعل النبي عليه الصلاة والسلام على السنية، وغاية ما يدل عليه السنية.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، والنبي عليه الصلاة والسلام قد داوم على الرفع، هل يقال بالوجوب؟ لا يقال بالوجوب، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قد عف عن أفعال عدة في صلاته ولا نقول بوجوبها مع أنه عليه الصلاة والسلام قد داوم عليها كالتورك والافتراش والإشارة بالإصبع، وجاء فيها أحاديث كثيرة، وكذلك قبض اليدين جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أحاديث ولا نقول بوجوبها، فمن قال بالوجوب فعليه بالاطراد في كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا عليه أن يقول بكل مسألة بنظيرها من جهة الحكم فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

موضع النظر بعد التكبير

ثم في نظره أين يضع نظره بعد تكبيره؟

جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع بصره في موضع سجوده، وهذا خبر لا يصح، وهذا في صلاة النبي عليه الصلاة والسلام في الكعبة، ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر في موضع بصره في الصلاة إلا ما جاء أنه (كان إذا أشار بإصبعه لا يجاوز بصره إشارته)، أي: في التشهد، وهذا أمثل شيء جاء فيه وهو معلول أيضًا, ويأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى.

وعليه يقال: إن الصحيح أن المصلي ينظر فيما شاء مما هو أخشع له، إلا أنه يحرم عليه النظر إلى السماء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك.

ويكره له الالتفات يمينًا ويسارًا، ويحرم عليه الانحراف، أما اللحظ والنظر إلى الأمام أو موضع القدمين أو موضع السجود فينظر فيما هو أخشع له على السواء، ويتجنب ما نهي عنه.

وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يطأطئ رأسه، ولكن هل يلزم من طأطأة الرأس أنه كان يضع بصره موضع سجوده؟ نقول: قد يكون الإنسان يطأطئ رأسه وينظر إلى كفيه، أو ينظر إلى قدميه أصابع قدميه، أو ينظر إلى سجوده أو ينظر إلى أمامه؛ لأن البصر لا يملكه الطأطأة، وإنما الطأطأة تعني الخشوع والسكينة والتأدب بين يدي الله سبحانه وتعالى، وهذا غاية ما تدل عليه، ويأتي الكلام على مسألة البصر ووضعه عند الإشارة في الصلاة بإذن الله تعالى.

 

تكبيرة الإحرام

 

قول دعاء الاستفتاح

ويشرع بعد تكبيرة الإحرام أن يذكر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستفتاح، وأدعية الاستفتاح قبل الاستعاذة، وهي عامة في كل صلاة إلا في صلاة الجنازة على قول الجماهير، وقال بعض الفقهاء من الشافعية والحنفية بمشروعيتها، والصواب عدم المشروعية؛ لأن المشروع في صلاة الجنازة التخفيف، ولا دليل على الإتيان بها.

والإتيان بدعاء الاستفتاح سنة عند جمهور العلماء، وهو قول أبي حنيفة و الشافعي و أحمد، خلافًا للإمام مالك فإنه قال بعدم مشروعية أدعية الاستفتاح، وقال بعض الفقهاء من المالكية بالبدعية، ويقابل قول بعض المالكية هنا ما حكاه ابن رجب عليه رحمة الله تعالى أو ما حكاه ابن حجر عليه رحمة الله تعالى عن بعض الحنابلة أنهم قالوا ببطلان من لم يدع بدعاء الاستفتاح، وهذا قول بعيد لا يعول عليه وشذوذه ظاهر.

ودعاء الاستفتاح سنة لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد جاء فيه من أدعية الاستفتاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة، منها: حديث أبي هريرة، و علي بن أبي طالب، و أنس بن مالك، و عبد الله بن عمر وغيرها، وأمثل ما جاء في هذا حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في دعاء الاستفتاح: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي..) الخبر، وقد رواه البخاري وغيره، وهذا أصح خبر.

وقد جاء صحيحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث علي بن أبي طالب في قول النبي عليه الصلاة والسلام حينما استفتح صلاته: ( وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين )، ولكن هذا الدعاء إنما هو استفتاح لصلاة الليل، كما قال البزار حينما أخرج الخبر قال: (وحمله الناس على صلاة الليل، ليس في صلاة الفريضة، ولا في صلاة النافلة من النهار).

وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا ما رواه الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمر: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس، فجاء رجل فقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله العظيم بكرة وأصيلًا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: عجبت لها فتحت لها أبواب السماء )، وهذا ثابت من حديث عبد الله بن عمر عند الإمام مسلم، وكذلك حديث أنس بن مالك فيما رواه الإمام مسلم: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس، فجاء رجل قد حبسه النفس، فقال هذا الرجل: الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، قال النبي عليه الصلاة والسلام: من قال هذا القول؟ فقال: أنا، قال: رأيت اثني عشر من الملائكة يبتدرونها، أيهم يرفعها ).

وجاء في هذا أيضًا كما في السنن من حديث عمرة عن عائشة عليها رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يستفتح الصلاة بقوله: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك )، وهذا الخبر لا يصح مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن خزيمة في الصحيح: (وأما ما يقوله العامة من أهل خراسان من الاستفتاح في الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، فلا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل المعرفة في الحديث)، لكنه ثابت عن عمر بن الخطاب، وقد أخرجه الإمام مسلم عليه رحمة الله تعالى في صحيحه.

وثبت عن عمر و ابن مسعود، وروي عن أبي بكر و عثمان.

والسنة في هذا أن يغاير الإنسان بين دعاء ودعاء, ولا يجمع بينها، فإن جمع بينها فيظهر أنه خلاف الأولى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسكت هنيهة كما جاء في حديث أبي هريرة في صحيح الإمام مسلم، وهنيهة يعني: قدرًا يسيرًا مما لا يكفي لأداء هذه الأذكار جميعًا، وإنما هو يغاير بينها، والمغايرة بينها هي السنة، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يجمع بينها.

والقرينة على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام لو قرن بينها، فمن سمع هذا لماذا لم يسمع الذي بعده، ولم يروه أحد من الصحابة؟ ومن سمع ذاك لماذا لم يسمع الذي قبله؟ ومن سمع الذي قبله لماذا لم يسمع الذي بعده؟ فلم يثبت أن هذه الأذكار جاءت بخبر واحد، أو روي عن النبي عليه الصلاة والسلام دعاءين في خبر واحد؛ مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يغاير في هذا، وهذا هو الأولى.

 

الاستعاذة من الشيطان الرجيم

وبعد ذلك يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم على الصيغ الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما جاء عنه، وأما ما رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يستعيذ في صلاته: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه )، فلا يثبت، قال عبد الله بن أحمد: لم يحمد أبي إسناده، فقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري، وفي إسناده علي بن علي الرفاعي ولا يحتج به، وقد جاء أيضًا من حديث جبير بن مطعم أنه قد تفرد به عاصم العنزي، وقد جاء من حديث عائشة، وأعله أبو داود، وجاء من حديث أبي أمامة وفي إسناده مجهول، وروي من غير هذا الوجه، ولا يثبت فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واختلف العلماء في أيها أفضل؟ ففي قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه السميع العليم، وقول: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقال بعضهم وفي ثبوته نظر: أستعين بالله من الشيطان الرجيم، وأشهرها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

وذهب إلى هذا الإمام الشافعي وأكثر القراء على هذا، وهو مروي عن الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى أيضًا.

وذهب الإمام أحمد وغيره إلى قول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وذهب إلى هذا جماعة من القراء كـنافع و ابن عامر و الكسائي.

وذهب محمد بن سيرين و حمزة الزيات إلى قول: أستعين بالله من الشيطان الرجيم، وقالوا في لفظ: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

وذهب قلة قليلة وندرة إلى وجوب الاستعاذة استدلالًا بعموم قول الله سبحانه:  فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98].

 

البسملة قبل قراءة الفاتحة

وأما البسملة فذهب بعض العلماء إلى وجوبها، وهو مروي عن الشافعي عليه رحمة الله، وذهب بعضهم إلى المشروعية وعدم الوجوب.

والبسملة فيها أحكام عدة ومسائل متشعبة كثيرة، وقد صنف فيها جماعة من العلماء مصنفات، فصنف فيها ابن خزيمة و ابن عبد البر و ابن عبد الهادي و ابن الصبان له الرسالة الكبرى في أحكام البسملة، وغيرهم من الأئمة لهم مصنفات في البسملة وأحكامها وأبوابها، وما دل الدليل فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ما يعنينا هنا الاستفتاح فيها قبل الفاتحة.

ويقال: إن البسملة في الفاتحة جاءت في بعض القراءات ولم تأت في بعضها، فمن كان يقرأ على قراءة معينة فيها قراءة البسملة قبل الفاتحة فإنه يقرأ بها في الصلاة، ومن كان يقرأ بقراءة ليس فيها الفاتحة فإنه لا يقرأها، وعدم ورودها في بعض القراءات دليل على جواز عدم قراءتها.

ويقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف, ومن هذه الأحرف ورود لفظ وعدم وروده في بعض الآي، وهذا كما أنه في البسملة كذلك في بعض الحروف في كلام الله سبحانه وتعالى، كما في قول الله سبحانه وتعالى في سورة الحديد:  هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الحديد:24]، فقد جاءت في قراءة سبعية، ولم تأت في قراءة أخرى، وكذلك في قول الله سبحانه وتعالى في:  لَمْ يَتَسَنَّهْ [البقرة:259]، في الهاء، جاء في قراءة سبعية ذكر الهاء، ولم يأت في أخرى بذكر الهاء، وكلها صحيحة بالحذف والإثبات، وكذلك في ذكر بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة، فمن أثبتها على قراءة فإنها قراءة, ومن لم يثبتها على قراءة فإنه لا حرج في ذلك.

ولكن المسألة المشكلة عند كثير من الفقهاء هي مسألة الجهر بها، هل يجهر بالفاتحة أم لا؟

ونرجئ الكلام على الجهر بالفاتحة بإذن الله سبحانه وتعالى. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#صلاة-النبي
اقرأ أيضا
أصول الانحراف الدرس الأول ج2 | مرابط
تفريغات

أصول الانحراف الدرس الأول ج2


إن من مقاصد الوحي وضوح طرق الضلال أن تكون واضحة أمامنا وفي سورة الأنعام بعد شوط طويل من الشرح والتوضيح والتبيين للآيات البينات ذكر ربنا سبحانه وتعالى محاولة خبيثة من أهل الباطل لإضلال النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الله سبحانه وتعالى عصمه ومحاولة لدس الحقد والضغينة بين المسلمين

بقلم: أحمد عبد المنعم
642
الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج1 | مرابط
تاريخ تعزيز اليقين

الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج1


إن التأمل والتدبر في تفاصيل الهجرة النبوية المباركة يجعلنا نتيقن وبما لا يدع مجالا للشك أن الهجرة النبوية كانت حدثا حاسما في الدعوة المحمدية أرست الأسس والنواة الصلبة لدولة الإسلامية الناشئة كما حملت لنا عبرا ودروسا وافرة نستفيد منها ونستجلي منها قيما وأخلاقا حميدة وبين يديكم مجموعة من الفوائد والدروس والمآثر من وحي السيرة

بقلم: علي الصلابي
857
الغاية من الوجود | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الغاية من الوجود


إذا كان كل شيء في هذا الكون -ابتداء من أصغر ذرة في جسم الإنسان مرورا بالمجرات وانتهاء بما لا يزال يكتشف إلى اليوم في هذا الكون الفسيح- يدل على أنه ليس نتاج الصدفة فإنه يدل -كذلك- على وجود الغاية وانتفاء العبثية وراء إيجاده وإثبات الغاية ونفي العبثية هو أمر زائد على مجرد نفي الصدفة والعشوائية فإن نفي الصدفة يعني أن هناك سببا مناسبا وراء الشيء الذي حدث -فقط- وأما نفي العبثية فيعني أن هذا السبب كان له حكمة وغاية وقصد في إيجاد ما أوجد وليس لمجرد العبث

بقلم: أحمد يوسف السيد
2556
شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام


تقول الشبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام فكيف يتفق ذلك وما جاء في القرآن حيث علمنا أنه ألقى سيدنا إبراهيم عليه السلام في القرآن بينما استنادا إلى بعض المصادر وعلى رأسها الكتاب المقدس نجد أنه لم يكن موجودا بعصر إبراهيم بين يديكم في هذا المقال الرد على الشبهة

بقلم: محمد عمارة
1208
من خصائص القرآن البيانية | مرابط
اقتباسات وقطوف

من خصائص القرآن البيانية


فإذا أنت لم يلهك جمال العطاء عما تحته من الكنز الدفين ولم تحجبك بهجة الأستار عما وراءها من السر المصون بل فليت القشرة عن لبها وكشفت الصدفة عن درها فنفذت من هذا النظام اللفظي إلى ذلك النظام المعنوي تجلى لك ما هو أبهى وأبهر ولقيك منه ما هو أروع وأبدع

بقلم: محمد عبد الله دراز
968
يؤمنون بالشريعة إلا قليلا | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

يؤمنون بالشريعة إلا قليلا


أين من يقرأ في نصوص الشريعة ويبحث في أحكامها لينظر في مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم لأجل أن يؤمن به ويعمل بمقتضاه ويؤمن بعد ذلك كله أن هذا هو العقل والمصلحة ويعتمد في سبيل ذلك على أقاويل الصحابة وتفاسير التابعين ومذاهب الفقهاء واللغويين حتى يهتدي إلى مراد الله و مراد رسوله صلى الله عليه وسلم أين هذا ممن يضع أحكاما عقلية مسبقة و مصالح دنيوية معينة يرى أنها بحسب هواه وعقله القاصر هي العقل و المصلحة التي لا تأتي الشريعة بما ينافيها فإذا وجد آية محكمة أو حديثا صحيحا يهز بعض جوانب هذه...

بقلم: د فهد بن صالح العجلان
2281