العنوان: صيد الخاطر
المؤلف: ابن الجوزي
دار النشر: دار القلم
سنة الطبع: 1433هـ
أعدت قراءة صيد الخاطر في الأسابيع الماضية، بشكل متقطع. ولكن بتمعن، أو بالأحرى بعين أخرى، غير تلك التي قرأت الكتاب قبل سنوات، عين جديدة نسبيًا، وبأسئلة جديدة، أكثر راهنية، وأقل تجريدًا. وصيد الخاطر لابن الجوزي من الكتب التي تستحق التكرار في مراحل عمرية مختلفة. وهو يقدم للقارئ خلاصات علمية، وحصيلة تجارب، وتأملات وخبرات حياتية شديدة الأهمية.
وبتلخيص متسامح يمكن أن أعيّن المحاور الأساسية التي تدور عليها خواطر ابن الجوزي، وتكرر نقاشها بكثافة، على هذا النحو:
١- الجبر والقدر والرضا والتسخط:
تحدث ابن الجوزي كثيرًا عن سؤال القدر وإشكالية الشر، وكان يلفت نظري طريقة تناوله لهذا السؤال، وأتوهم أنه كان شخصيًا تمرّ به سؤالات وخواطر عارضة عن غموض الأقدار، وما ظاهره ما يحيّر، بالإضافة لتفشي التسخط وقلة الرضا عن الله وأحكامه في ناس وقته.
٢- العلاقات الاجتماعية:
قدم تحت هذا المحور خلاصات تجاربه عن العلاقة الزوجية، والتعامل مع الأنثى عمومًا، وكرر ذلك في مواضع كثيرة جدًا، (وابن الجوزي له خبرة طويلة في ذلك، فكان لا ينفك عن جارية مستحسنة، كما قالوا في ترجمته)، كما أشار مرارًا لتأملات عن الصداقة والصديق. وكذلك كرر الحديث عن رأيه في العزلة/الخلطة. وتحدث في مواضع عديدة عن الأسرار، وحفظها، والتكتم، وعدم مكافحة العدو بالكراهية، وسوى ذلك من النصائح.
٣- الموازنات في أبواب التعبدات والمباحات:
وتحت هذا المحور جادل ابن الجوزي كثيرًا من المضامين الصوفية المشتهرة عن الزهد والتوكل وخلافه، وتلمس في بعض ذلك دفاعًا شخصيًا عن نفسه، لأنه عاش عيشة مرفّهة، وقد ربى في بيت ترف -كما تحدث هو عن نفسه وكما نقل مترجموه-.
٤- آثار المعاصي:
آثار المعاصي، وشؤم الذنوب، والترخص والتأويل، وثنائيات العلم/العمل، والمظهر/المخبروهذه محور جليل القدر، أعاد فيه وزاد.
ه- مواعظ وعظات:
وابن الجوزي من أعلام بل أشهر أعلام الوعظ في تاريخ الإسلام، وله فيه تفنن عظيم، وبيان نادر.
بالنسبة لهذه الطبعة، فليست جيدة، لاسيما بتدخلات المحقق السيئة، بإضافة عناوين للخواطر، مع تضخيم الخط في بعض الفقرات التي تروق للمحقق، وهذا كالعبث بالكتاب، فالقارئ يريد كتاب ابن الجوزي كما وضعه مؤلفه، وليس كما يرغب المحقق.