طاعة المرأة: للزوج أم للوالدين

طاعة المرأة: للزوج أم للوالدين | مرابط

الكاتب: شيخ الإسلام ابن تيمية

408 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية: عن امرأة تزوجت وخرجت عن حكم والديها. فأيهما أفضل: برها لوالديها أو مطاوعة زوجها؟

فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب قال الله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة؛ إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك}.

وفي صحيح أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت} وفي الترمذي عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة} وقال الترمذي حديث حسن. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها} أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وأخرجه أبو داود ولفظه: {لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحقوق}.

وفي المسند عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تجري بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه} وفي المسند وسنن ابن ماجه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أحمر: لكان لها أن تفعل} أي لكان حقها أن تفعل.

وكذلك في المسند وسنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى قال: {لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعلوا ذلك فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها؛ ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه}

وعن طلق بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور} رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي وقال حديث حسن وفي الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها: لعنتها الملائكة حتى تصبح}. والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله تعالى {وألفيا سيدها لدى الباب}.

وقال عمر بن الخطاب: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته. وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان}.

فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة.

وإذا أراد الرجل أن ينتقل إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك: فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها؛ فإن الأبوين هما ظالمان؛ ليس لهما أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها: مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها فلا يحل لها أن تطيع واحدا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيا لله فيها.

ففي السنن الأربعة وصحيح ابن أبي حاتم عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة} وفي حديث آخر {المختلعات والمنتزعات هن المنافقات} وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله: مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهيها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه: فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها.

فكيف إذا كان من أبويها وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه: لم يكن لها أن تطيعه في ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصية فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
اتباع رخص المذاهب | مرابط
اقتباسات وقطوف

اتباع رخص المذاهب


مقتطف من كتاب الموافقات للإمام الشاطبي يعلق فيه على ما يفضي إليه تتبع رخص المذاهب وجمعها من فساد الدين والانسلاخ عن اتباع الأمر المنزل الثابت في الوحي بل وترك اتباع الدليل كلية والاكتفاء بالرخص والاستهانة في النهاية بأمر الدين كله

بقلم: الإمام الشاطبي
1857
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها | مرابط
اقتباسات وقطوف

عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها


مقتطف هام من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية يضع بين يدينا عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها العبد مهما بذل فيها من وقت وجهد وكدح ثم بعدما يذكرها يقف على أعظم الإضاعات التي قد يقع فيها العبد وهما إضاعة القلب وإضاعة الوقت

بقلم: ابن القيم
623
موقف شحرور من قدرة الله | مرابط
فكر مقالات

موقف شحرور من قدرة الله


ويوضح شحرور مذهبه فيقول: هل قضى الله سلفا أن يحكم هتلر ألمانيا ويسبب كوارث الحرب العالمية الثانية وهل حكم المستبدين والطغاة من قضاء الله الجواب: كلا ﻷنها لم تخضع لقوله كن فيكون فهو يحتج بالمصائب فالحرب والطغاة والله يقول بأن ذلك كله في كتاب قبل أن يكون لكن شحرورا يزعم أن حركة تصحيح عقيدة المسلمين التي يريدها في هذا الباب تتلخص في قوله بأن الله لم يكتب الشقاء والسعادة والغنى والفقر وطول العمر وقصره على أحد أبدا منذ الأزل وفي هذا المقال استعراض لرؤية شحرور للقدر ورد عليه

بقلم: يوسف سمرين
1352
مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج3 | مرابط
مناظرات

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج3


أما بعد.. فقد كتبت ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر البطائحية يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس أي بعد السبعمائة لتشوف الهمم إلى معرفة ذلك وحرص الناس على الاطلاع عليه. فإن من كان غائبا عن ذلك قد يسمع بعض أطراف الواقعة ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
488
الزلازل ومحدودية العلم | مرابط
فكر

الزلازل ومحدودية العلم


حدث مثل الزلازل وآثاره من القتلى والمصابين والخسائر رحم الله موتى المسلمين وخفف عن الناس يكشف لك بوضوح محدودية قيمة العلم وتهافت دعاوى تعظيمه ومقارنته ب الدين ..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
240
النفس جبل عظيم شاق | مرابط
اقتباسات وقطوف

النفس جبل عظيم شاق


النفس جبل عظيم شاق في طريق السير إلى الله عز وجل وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل فلابد أن ينتهي إليه ولكن منهم من هو شاق عليه ومنهم من هو سهل عليه وإنه ليسير على من يسره الله عليه.

بقلم: ابن القيم
439