عليك بدين الصبي

عليك بدين الصبي | مرابط

الكاتب: عبد الله القرني

51 مشاهدة

تم النشر منذ شهر

روى الآجري في الشريعة واللالكائي في شرح الأصول وغيرهما عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال لرجل سأله عن الأهواء:
"عليك بدين الصبي الذي في الكتاب والأعرابي، واله عما سواهما".

وهذا الذي قاله عمر بن عبدالعزيز رحمه الله هو أصل عظيم، وبه يتميز الدين الواضح البين الذي أراده الله من جميع عباده على اختلاف مراتبهم في الفهم عن الشذوذات البدعية التي يدعي أصحابها التفرد بالحق مع مخالفتهم لمحكمات الدين وما يشترك في العلم به المخاطبون الذين لم يتلوثوا بشبهاتهم.

وإلا فكيف يمكن أن يكون مما يقبله عموم المخطابين الذين سلمت فطرهم عن شذوذات المبتدعة أن الإيمان بالله مقيد بما أحدثوه من دليل الحدوث وناقضوا به دلالة الحدوث الفطرية، فزعموا اشتراط إثبات الجواهر والأعراض وما ركبوه بعد ذلك من الاستدلال النظري على حدوثها بمقدمات هي في غاية العسر والإشكال حتى حصل لأذكياهم بسبب خفائها التوقف والحيرة في كثير منها، ثم إذا جاء الكلام في معاني نصوص الصفات جعلوا تلك المقدمات المخالفة للمنهج الفطري حاكمة على النصوص بما يؤدي إلى تأويلها أو تفويضها، بل يصل الأمر إلى تسويغ القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه، مع الجهل بحقيقة ما يؤول إليه هذا الافتراء الشنيع الذي لا يقبله عقل عاقل بقي على الفطرة التي خلقه الله عليها.

وكيف يمكن أن يكون مما يقبله عموم المخاطبين أن تكون قدرة العبد بلا تأثير، وأن يكون المكلف مضطرا في صورة مختار، مع أن الناس يدركون بالضرورة التي يجدونها من نفوسهم أن أفعالهم مترتبة على اختيارهم وما أودعه الله في قدرهم من التأثير، وأنه لا يعقل تكليف وثواب وعقاب مع كسب لا حقيقة له إلا القول بالجبر واستحالة التكليف.

وكيف يمكن أن يكون مما يقبله عموم المخاطبين أن حقيقة الإيمان تدور على  التصديق الباطن وأن حقيقة الكفر هي التكذيب، مع ما يعلمونه ضرورة من أن الله تعالى لا يمكن أن يكون قد بعث رسوله صلى الله عليه وسلم لهذه الغاية.

وليتأمل المنصف حال الذين دخلوا في دين الإسلام في عصرنا من ثقافات مختلفة، وكيف أن الخطاب القرآني وما فيه من البراهين التي تخاطب العقل والوجدان كانت هي التي حملهتم على قبول الإسلام والرضا به دينا من بين جميع الديانات التي شابها من التحريف والتشويه ما أخرجها عن الأصل الذي كانت عليه، وما المتوقع من حالهم لو تمت دعوتهم إلى الإسلام بتوسط مقدمات كلامية أصبحت في علوم العصر من النظريات البالية، وتركت مع ما ترك من موروث الفلسفة اليونانية الوثنية.

والبلاء الوبيل أن هذه الأصول الفاسدة المخالفة لمحكمات الدين ومعهود الخطاب الفطري المعقول لم تبق محصورة فيما أحدث في الإسلام من كتب علم الكلام والتصوف، بل قد انتشرت في كثير من التفاسير وشروح الأحاديث مما هو عائق عن فهم الدين على الوجه الذي أراده الله تعالى، وانحراف عن حقيقة البلاغ النبوي الذي هو حجة الله على الناس أجمعين، وأنه لابد لتجديد الدين وإحيائه من كشف بطلان هذه الأصول الفاسدة وإظهار المعاني الصحيحة للنصوص، وبيان أن ذلك هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وما أثر عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما تواتر عليه الفهم والعمل من العلماء المعتبرين الذين لم يقعوا في تلك الشذوذات والشبهات، وأن من أراد السلامة لدينه فليس له إلا أن يتمسك بطريقتهم، ويبقى على الأصل الذي به نزل الخطاب وقامت به الحجة على المخاطبين، ويحذر من كل ما يخالف ذلك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#دين-الصبي
اقرأ أيضا
حديث: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد.. | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

حديث: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد..


ومن أعظم أسباب فساد البيوت وارتفاع معدلات الطلاق هو تلك المفاهيم الفاسدة التي حشروها حشرا في رؤوس النساء كأن لا تحترم زوجها ولا تبالغ في إكرامه وتبجيله حتى لا يتمرد عليها وأن تعامله معاملة الند للند واحدة بواحدة وأحيانا من أول يوم لدخول الخاطب إلى البيت يبدأ الصراع الملحمي بين العريس وأهله والعروسة وأهلها والنصائح المفسدة من أصدقاء الطرفين وأقربائهما!

بقلم: كريم حلمي
140
الدليل العقلي عند السلف ج1 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج1


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
102
مسائل في الحجاب | مرابط
تفريغات المرأة

مسائل في الحجاب


في هذا التفريغ جملة من المسائل مما اتفق عليه العلماء فيما يخص الحجاب مثل الأمر مجملا بالتعفف والاستتار ولون اللباس الذي تلبسه المرأة وأقوال العلماء في كشف شعر المرأة وحكم النقاب وغير ذلك من المسائل الهامة المرتبطة بحجاب المرأة المسلمة.

بقلم: عبد العزيز الطريفي
111
حكم الأنام إذا عمهم الحرام | مرابط
اقتباسات وقطوف

حكم الأنام إذا عمهم الحرام


مقتطف هام لإمام الحرمين أبو المعالي الجويني من كتاب غياث الأمم في التياث الظلم يتحدث فيه عن حكم الأنام إذا عمهم الحرام هل يؤول الأمر إلى المساواة بينهم وبين حكم المضطر في تعاطي الميتة وما مآلات هذا القول إذا طبق بشكل عملي في الواقع

بقلم: أبو المعالي الجويني
1722
وبدأ الانحراف يسبل إزاره | مرابط
مقالات

وبدأ الانحراف يسبل إزاره


وإذا رأى متدبر القرآن -أيضا- ما في القرآن من عناية شديدة بالتحفظ في العلاقة بين الجنسين كوضع السواتر بين الجنسين كما في قوله وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب الأحزاب من الآية:53 وحثه المؤمنات على الجلوس في البيت وقرن في بيوتكن الأحزاب من الآية:33 ونهيه عن تلطف المرأة في العبارة فلا تخضعن بالقول الأحزاب من الآية:32 ونهيه عن أي حركة ينبني عليها إحساس الرجل بشيء من زينة المرأة ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن النور من الآية:31 ونحو ذلك.

بقلم: إبراهيم السكران
45
العلاقة بين الإسلام والإيمان والإحسان | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

العلاقة بين الإسلام والإيمان والإحسان


بالنسبة للعلاقة بين الإسلام والإيمان والإحسان إذا أطلق الإسلام في نص شرعي دون اقترانه بالإيمان فهو يدل على كل الدين وإذا أطلق الإيمان في نص شرعي مستقل عن الإسلام فهو يطلق على كل الدين لكن إذا اجتمعا في نص واحد يصبح معنى الإسلام الأعمال الظاهرة من صلاة وصيام وحج وزكاة ويصبح الإيمان بمعنى الأعمال الباطنةكالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وغيرها

بقلم: عبد الرحيم السلمي
354