فصول في خروج النساء وملابسهن

فصول في خروج النساء وملابسهن | مرابط

الكاتب: ابن الحاج

778 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قد تقدم رحمك الله نية العالم وهديه في لبسه وغير ذلك وبقي الكلام هنا على لبس أهله فليحذر من هذه البدعة التي أحدثها النساء في لباسهن، وهن كما ورد ناقصات عقل ودين فلبسهن كذلك ليس بحجة، فالذكر للنساء والكلام مع من سامحهن من العلماء والأزواج، والعالم أولى من يأخذ على أهله وبردهن للاتباع مهما استطاع في كل الأحوال، فمن ذلك ما يلبسن من هذه الثياب الضيقة القصيرة وهما منهي عنهما ووردت السنة بضدهما؛ لأن الضيق من الثياب يصف من المرأة أكتافها وثدييها وغير ذلك، هذا في الضيق، وأما القصير فإن الغالب منهن أن يجعلن القميص إلى الركبة، فإن انحنت أو جلست أو قامت انكشفت عورتها، ووردت السنة أن ثوب المرأة تجره خلفها ويكون فيه وسع بحيث إنه لا يصفها، فإن قلن إن السراويل يغني من الثوب الطويل فصحيح أن فيه سترة لكن يشترط فيه أن يكون من السرة وهن يعملنه تحتها بكثير.

وحكم المرأة مع المرأة على المشهور كحكم الرجل مع الرجل وحكمهما أن من السرة إلى الركبة لا يكشفه أحدهما للآخر بخلاف سائر البدن، فتكون قد ارتكبت النهي فيما بين السرة إلى حد السراويل اللهم إلا أن يكون الثوب كثيفا لا يصف ولا يشف وقد اتخذ بعضهن هذا السراويل عند الخروج ليس إلا، وأما في البيت فتقعد بدونه وهي لا تخلو إما أن يكون البيت لا يدخله غير زوجها أو هو وغيره، فإن كان الأول فذلك جائز لها في غير الصلاة، وكذلك الثوب الرفيع والضيق الذي يصف كل ذلك جائز لها، وإن كان الثاني مثل أن يكون معها جارية في البيت أو عبد أو أخ أو ولدان أو غير ذلك فلا يجوز لها ذلك؛ لأن المرأة كلها عورة إلا ما استثني من ظهور أطرافها لذي المحارم، والغالب عليهن أن يقعدن في بيوتهن بهذه الثياب على الصفة المذكورة بغير سراويل بين من تقدم ذكرهم، ولا يلبسن السراويل إلا عند الخروج فيكون العالم ينهى عن هذه القبائح ويذمها ويعلمهن أمر الشرع في ذلك. ومن العتبية قال مالك - رحمه الله - وبلغني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نهى النساء عن لبس القباطي قال، وإن كانت لا تشف فإنها تصف.

قال ابن رشد - رحمه الله - القباطي ثياب ضيقة ملتصقة بالجسد لضيقها فتبدي ثخانة جسم لابسها من نحافته وتصف محاسنه وتبدي ما يستحسن مما لا يستحسن فنهى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يلبسنها النساء امتثالا لقوله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: ٣١].

فصل لبس النساء العمائم التي يعملنها على رؤسهن

(فصل) وينبغي له أن ينهاهن عن هذه العمائم التي يعملنها على رؤسهن كما ورد في الحديث «لا تقوم الساعة حتى يكون نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام» قال الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبي - رحمه الله - في معنى ذلك ما هذا نصه: قوله - عليه الصلاة والسلام - «نساء كاسيات عاريات» يعني أنهن كاسيات بالثياب عاريات من الدين لانكشافهن وإبداء بعض محاسنهن، وقيل كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما تحتها وما خلفها فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة وقيل كاسيات في الدنيا بأنواع الزينة من الحرام ومما لا يجوز لبسه، عاريات يوم القيامة، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «مائلات مميلات» قيل معناه زائغات عن طاعة الله تعالى وعن طاعة الأزواج وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر عن الأجانب ومميلات يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن، وقيل مائلات متبخترات يملن رءوسهن وأعطافهن للخيلاء والتبختر ومميلات لقلوب الرجال بما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن، وقيل يتمشطن الميلاء يهي مشطة البغايا، والمميلات اللواتي يمشطن غيرهن مشطة الميلاء، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» معناه يعظمن رءوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رءوسهن شيئا يسمى عندهن الناهرة لا عقص الشعر والذوائب المباحة للنساء انتهى.

وقوله - عليه الصلاة والسلام - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» فهذا مشاهد مرئي، إذ أن في عمامة كل واحدة منهن سنامين،

وأقل ما فيه من الضرر أن رأسها يعتل بسبب هذه العمامة؛ لأنهن اتخذنها عادة من فوق الحاجبين وفي ذلك مفاسد:

أحدها: أن المرأة محل لاستمتاع الرجل وأعظم جمال فيها وجهها وهي تغطي أكثره فتقع بذلك في الإثم؛ لأنها تمنع زوجها حقه ولو رضي زوجها بذلك فإنها تمنع منه لمخالفتها للسنة.

والثاني: أنها إذا كانت هذه المواضع مستورة، فإذا احتاجت إلى الوضوء تحتاج إلى كشفها حتى تغسل ما يجب عليها، فإذا غسلته فقد تستهوى؛ لأن الموضع قد اعتاد التغطية فإذا كشفته عند الغسل قد تتضرر فيكون ذلك سببا لترك فرضين:

أحدهما: غسل الوجه.
والثاني: مسح الرأس.
والثالث: الزينة التي جملها الله تعالى بها في وجهها سترتها عن زوجها، وقد يفضي ذلك للفراق؛ لأنها تبقى في تلك الحالة بشعة المنظر، فإن قيل: إن فيه بعض جمال لها فهذا نادر والنادر لا حكم له،

فإن فرض أن الغالب فيه جمال لها فتمنع من ذلك

لما تقدم من مخالفتها للسنة والخير كله في الاتباع

فصل توسيع النساء الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم

فصل ويجب عليه أن يمنعهن من توسيع الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم فإنها إذا رفعت يدها ظهرت أعكانها ونهودها وغير ذلك وهذا من فعل من لا خير فيه من المتبرجات، وكذلك ما يفعله بعضهن من لبس الثوب القصير على الصفة المذكورة وترك السراويل وتقف على هذه الحالة في باب الريح على هذه السطوح وغيرها، فمن رفع رأسه أو التفت رأى عورتها، والشرع أمرها بالتستر البالغ وذلك معلوم.

فصل السنة في هيئة خروج النساء إن اضطرت إلي الخروج

فصل وينبغي له أن يعلمهن السنة في الخروج إن اضطرت إليه؛ لأن السنة قد وردت أن المرأة تخرج في حفش ثيابها وهو أدناه وأغلظه، وتجر مرطها خلفها شبرا أو ذراعا ويعلمهن السنة في مشيهن في الطريق، وذلك أن السنة قد حكمت أن يكون مشيهن مع الجدران لقوله - عليه الصلاة والسلام - «ضيقوا عليهن الطريق» وقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد قال سمعت «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: استأخرن فليس لكن أن تضيقن الطريق عليكن بحافات الطريق» فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها انتهى.

وقد روى الإمام رزين - رحمه الله - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في طريق وأمامه امرأة فقال لها: تنحي عن الطريق فقالت: الطريق واسع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوها فإنها جبارة» انتهى.

ولما كان مشيهن مع الجدران نهى - عليه الصلاة والسلام - عن البول هناك لئلا ينجس مرط من مرت عليه إلى غير ذلك من الحكم الشرعية، وفوائدها متعددة، وانظر رحمنا الله وإياك إلى هذه السنن كيف اندرست في زماننا هذا حتى بقيت كأنها لم تعرف لما ارتكبن من ضد هذه الأحوال الشرعية، فتقعد المرأة في بيتها على ما هو معلوم من عادتهن بحفش ثيابها وترك زينتها وبحملها، وبعض شعرها نازل على جبهتها إلى غير ذلك من أوساخها وعرقها حتى لو رآها رجل أجنبي لنفر بطبعه منها غالبا فكيف بالزوج الملاصق لها، فإذا أرادت إحداهن الخروج تنظفت وتزينت ونظرت إلى أحسن ما عندها من الثياب والحلي فلبسته، وتخرج إلى الطريق كأنها عروس تجلي، وتمشي في وسط الطريق وتزاحم الرجال ولهن صنعة في مشيهن حتى أن الرجال ليرجعون مع الحيطان حتى يوسعوا لهن في الطريق أعني المتقين منهم، وغيرهم يخالطوهن ويزاحموهن ويمازحوهن قصدا، كل هذا سببه عدم النظر إلى السنة وقواعدها وما مضى عليه سلف الأمة - رضي الله عنهم -، فإذا نبه العالم على هذا وأمثاله انسدت هذه المثالم ورجي للجميع بركة ذلك فمن رجع عما لا ينبغي فهو القصد الحسن ومن لم يرجع علم أنه مكتسب للذنوب فيبقى منكسر القلب لأجل ذلك، وفي الكسر من الخير ما قد علم، ومن انكسر رجي له التوبة والرجوع

فصل في خروج النساء إلى شراء حوائجهن وما يترتب على ذلك

وينبغي له إن كانت لأهله حاجة من شراء ثوب أو حلي أو غيرهما فليتول ذلك بنفسه إن كانت فيه أهلية لذلك أو بمن يقوم عنه بذلك على لسان العلم وهو معلوم، ولا يمكنهن من الخروج ألبتة لهذه الأشياء، إذ أن ذلك يفضي إلى المنكر البين الذي يفعله كثير منهن اليوم جهارا أعني في جلوسهن عند البزازين والصواغين وغيرهما فإنها تناجيه وتباسطه وغير ذلك مما يقع بينهما، وربما كان ذلك سببا إلى وقوع الفاحشة الكبرى، ألا ترى إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - «باعدوا بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال» ، وما ورد من أنه «لو كان عرق من المرأة بالمشرق وعرق من الرجل بالمغرب لحن كل واحد منهما إلى صاحبه» ، أو كما قال، فكيف بالمباشرة والكلام والمزاح فإنا لله وإنا إليه راجعون على عدم الاستحياء من عمل الذنوب، وقد قال بعض السلف - رضي الله عنهم - إن للمرأة في عمرها ثلاث خرجات: خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه، وخرجة لموت أبويها، وخرجة لقبرها، فأين هذا الخروج من هذا الخروج، وهذه المفاسد كلها حاصلة في خروجهن على تقدير علمهن بأحكام الشريعة فيما يتعاطونه من أمر البيع والشراء والصرف وكيفية حكم الربا وغير ذلك فكيف بهن مع الجهل بذلك كله، بل أكثر الرجال لا يعلم ذلك، وقد ورد في الحديث «الغيرة من الإيمان» أو كما قال ومن اتصف بهذه الصفة وقع بينه وبين نساء الإفرنج شبه؛ فإن نساءهن يبعن ويشترين ويجلسن في الدكاكين والرجال في البيوت، والشرع قد منع من التشبه بهم.


المصدر:
ابن الحاج المالكي، المدخل (1/245-241)

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الراضون | مرابط
اقتباسات وقطوف

الراضون


سبحان من جعل النفوس ترتوي بالرضا من ينابيع التسبيح وكم نحن مغبونون في أيام وليالي وسنين تصرمت دون أن نعمر آناء الليل وأطراف النهار بالتسبيحات ياخسارة تلك السنوات فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته اللهم اجعلنا لك من المسبحين

بقلم: إبراهيم السكران
507
كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال | مرابط
تاريخ فكر مقالات ثقافة

كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال


في الموروث الثقافي الألماني يكون الأب هو سيد البيت والبقية لا يملكون سوى الطاعة من غير سؤال وهكذا كان هتلر بالنسبة للمجتمع الألماني هو الوحيد المسؤول وهو الوحيد الذي له السمع والطاعة فقد نقل مفهوم الأب من البيت إلى إدارة الدولة وكان دائما يستخدم في خطابه مع الأطفال مفاهيم الأبوة فكان يقول: إنه يهتم بأمرهم وبمستقبلهم وإنه يحبهم ويرعاهم

بقلم: محمد علي فرح
432
وأنذرهم يوم الحسرة | مرابط
فكر

وأنذرهم يوم الحسرة


وكم من صاحب جاه وسلطان يهاب الناس سطوته ود لو كان عبدا وضيعا مغمورا بين الناس لما يرى من مثالب تكبره واستعلائه على الخلق ويرى الحساب العسير للكبراء كل على قدر مكانته ومسؤوليته!! ولن يسلم من نوع حسرة أحد حتى المحسن يود لو أنه استفرغ وسعه وزاد في إحسانه ولسان حاله يا ليتني قدمت لحياتي!!

بقلم: د. جمال الباشا
368
لا تمض في الحياة سبهللا | مرابط
تفريغات ثقافة

لا تمض في الحياة سبهللا


مما ذكر في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: إني أكره الرجل يمشي سبهللا لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة .. إذا سألتك ما هو هدفك أو أهدافك خلال الأسبوع أو الشهر الحالي ولم يحضر في ذهنك شيء محدد بسرعة فأنت على خطر من أنك تمضي في الحياة سبهللا فارغا.. بشكل قد يضيع عليك الدنيا والآخرة.

بقلم: علي محمد علي
913
يؤمنون بالشريعة إلا قليلا | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

يؤمنون بالشريعة إلا قليلا


أين من يقرأ في نصوص الشريعة ويبحث في أحكامها لينظر في مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم لأجل أن يؤمن به ويعمل بمقتضاه ويؤمن بعد ذلك كله أن هذا هو العقل والمصلحة ويعتمد في سبيل ذلك على أقاويل الصحابة وتفاسير التابعين ومذاهب الفقهاء واللغويين حتى يهتدي إلى مراد الله و مراد رسوله صلى الله عليه وسلم أين هذا ممن يضع أحكاما عقلية مسبقة و مصالح دنيوية معينة يرى أنها بحسب هواه وعقله القاصر هي العقل و المصلحة التي لا تأتي الشريعة بما ينافيها فإذا وجد آية محكمة أو حديثا صحيحا يهز بعض جوانب هذه...

بقلم: د فهد بن صالح العجلان
2231
الهم والحزن يكفران الذنوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الهم والحزن يكفران الذنوب


الهم والحزن الذي يصاب بهما المؤمن يكفران عنه الكثير من الذنوب والخطايا كما أن الشوكة التي يشاكها تكفر عن خطاياه أيضا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه

بقلم: ابن أبي الدنيا
657