
ما الذي يمكن أن نفعله للتخلص من حال هدر الأوقات؟
يجب أن نقول في البداية: إن الواحد منا مهما أبدى من الكفاءة والألمعية في تنظيم وقته، والاستفادة منه، فإنه لن يستطيع استثماره على نحوٍ تام، فالعنصر الروحي الذي يتمتع به الإنسان يفقده المرونة الكافية للعمل المتواصل، ولذا فإن طبيعة عمله تظل مغايرة لطبيعة عمل الآلة، كما أن الظروف والأحوال المحيطة هي الأخرى تحول دون ذلك، ولذا لا بد إذًا أن نقنع باستثمار نسبي، واستفادةٍ منقوصة.
والآن إليك بعض المبادئ والآليات التي تساعدنا على الاستفادة من الوقت، والمحافظة عليه، أسوقها في النقاط الآتية:
تجديد النية
أولًا: على الواحد منا أن يجدد النية والعزيمة للتخلص من حال الهدر للوقت، ولا سيما تلك الأوقات البرزخية التي تفصل بين أوقات العمل وأوقات الفراغ، وهذا يعني: أن نحاول دائمًا تقليل مدة التهيؤ للعمل، وأن نستخدم الصرامة مع أنفسنا في هذا الأمر، وقد لوحظ -مثلًا- أن الرد على هاتف يأتي لأحدنا لا يعطل المرء عن متابعة عمله فحسب، وإنما يضيع عليه أربع دقائق أو خمسًا قبل أن يتمكن من العودة إلى ما كان فيه من قبل.
استغلال الرتابة
ثانيًا: الرتابة مكروهة؛ لأنها تقتل تفتح الروح والعقل، لكن يمكن أن نستخدم شيئًا منها استخدامًا نافعًا في بعض الأحيان، كأن يلزم الإنسان نفسه بأن يخصص بعد الإفطار من كل يوم نصف ساعةٍ للعبادة، أو القراءة، أو المشي، أو قضاء بعض الأشياء المهمة.
وبعض المشاهير يشعرون أنهم مدينون بشهرتهم إلى الالتزام بأشياء محددة في أوقاتٍ محددة من يومهم.
وعلى سبيل المثال فإن الالتزام بساعةٍ من كل يوم للقيام بعملٍ محدد يجعل المرء يكسب ثلاثمائة وستين ساعة سنويًا، وهذه المدة كافية لإنجاز أشياء جميلة مثل: حفظ أكثر من عشرة أجزاء من القرآن الكريم .. تعلم أساليب القراءة السريعة .. قراءة أكثر من خمسين كتابًا متوسط الحجم .. تحسين الخط وتخليصه من الأخطاء الإملائية .. زراعة قطعة أرضٍ صغيرة لتموين المنـزل ببعض ما يحتاجه .. تأليف كتابٍ متوسط الحجم .. حضور عددٍ من الدورات .. اكتساب مهارةٍ يدوية واحدة على الأقل.
التحكم في الوعود
ثالثًا: من المهم لكل واحد حريص على وقته ألا يسرف في إعطاء الوعود للناس، وأن يعلم أن كل موافقةٍ على موعد، أو القيام بعمل، ربما كان الوفاء به على حساب عملٍ آخر قد يكون أهم وأكثر إلحاحًا، حتى المواعيد البعيدة، فإنها ستقترب وسيكون الوفاء بها واجبًا.
التخطيط الجيد
رابعًا: الوقت يضيع من غير تخطيطٍ واضح، وسوف يجد المرء نفسه منجذبًا إلى عمل الأشياء السهلة وإن كانت غير مهمة، لذا لا بد من الالتزام بأهداف يرجى تحقيقها خلال سنة، وأخرى يرجى الوصول إليها خلال شهر، وأخرى خلال أسبوع، وسيكون من المفيد في هذه الحال أن يخصص المرء عشرين دقيقة في مطلع كل أسبوع، وخمس دقائق في بداية كل يوم من أجل كتابة قائمة بالأعمال التي سيتم إنجازها.
التركيز على عمل واحد
خامسًا: كثيرًا ما يذهب الوقت في تجزئة العمل وتشتته، حيث إن كثيرًا من الناس يبدءون عملًا، ثم يقفزون إلى غيره قبل إتمامه، ثم يعودون إلى الأول قبل إتمام الثاني وهكذا.. ولذا فإن النصيحة هنا: أن يحاول الواحد منا ألا يركز اهتمامه في أكثر من عمل في وقتٍ واحد، وإذا بدأ في عمل فلا يتركه حتى ينهيه، وهذا في الحقيقة يحتاج إلى العزيمة والمثابرة.
رصد أوقات الصفاء الذهني
سادسًا: ليحاول كل واحدٍ منا أن يتعرف على الأوقات التي يكون فيها في قمة نشاطه وصفائه الذهني، والأوقات التي يغلب على ظنه أنه لا يقاطعه فيها أحد، وذلك كي يخصصها للتفكير في المسائل الصعبة، وفي كتابة النصوص الإبداعية، وللقيام بالأعمال التي يخل بها الانقطاع، وأعتقد أن وقت ما قبل الفجر وما بعده من الأوقات الجيدة، حيث يكون الدماغ قد نال حظه من الراحة.
إنجاز بعض المهام في أماكن مختلفة
سابعًا: مما يسهم في الاستفادة من الوقت أن يحمل أحدنا بعض أعماله معه إلى الأماكن التي يذهب إليها، فقد يستطيع إنجاز شيءٍ من مهماته وهو ينتظر في دائرةٍ حكومية، أو مستشفى، أو مطار، أو وهو يركب في حافلةٍ أو قطار.
تنظيم التنقلات والتحركات
ثامنًا: تنظيم تنقلات الإنسان وتحركاته وأعماله، عاملٌ مهم في توفير الوقت.. وهذه بعض الإرشادات التي تساعد في ذلك التنظيم:
عدم القيام بزيارة أي صديق دون إبلاغه بذلك.
عدم ترتيب أي رحلة لإنجاز عمل إذا كان في الإمكان إنجاز ذلك العمل عن طريق رسالة أو محادثةٍ هاتفية.
إذا كان لدى الواحد منا مهام قصيرة، أو مشتريات، فليقم بإعداد قائمةٍ بها تشمل كل البنود، بحيث يقطع أقصر مسافة ممكنة.
المصدر:
محاضرة العيش في الزمن الصعب