ما أورثني علم الكلام إلا حيرة!

ما أورثني علم الكلام إلا حيرة! | مرابط

الكاتب: الإمام الشوكاني

349 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وَاعْلَم أَنِّي عِنْد الِاشْتِغَال بِعلم الْكَلَام، وممارسة تِلْكَ الْمذَاهب والنحل؛ لم أزدد بهَا إِلَّا حيرةً، وَلَا اسْتَفَدْت مِنْهَا؛ إِلَّا الْعلم بِأَن تِلْكَ المقالات؛ خزعبلات، فَقلت إِذْ ذَاك مُشِيرًا إِلَى مَا استفدته من هَذَا الْعلم:

وَغَايَة مَا حصلته من مباحثي... وَمن نَظَرِي من بعد طول التدبر
هُوَ الْوَقْف مَا بَين الطَّرِيقَيْنِ حيرة... فَمَا علم من لم يلق غير التحير
على أنني قد خضت مِنْهُ غماره... وَمَا قنعت نَفسِي بِدُونِ التبحر

 

وَعند هَذَا رميت بِتِلْكَ الْقَوَاعِد من حالق وطرحتها خلف الْحَائِط وَرجعت إِلَى الطَّرِيقَة المربوطة بأدلة الْكتاب وَالسّنة المعمودة بالأعمدة الَّتِي هِيَ أوثق مَا يعْتَمد عَلَيْهِ عباد الله وهم الصَّحَابَة وَمن جَاءَ بعدهمْ من عُلَمَاء الْأمة المقتدين بهم السالكين مسالكهم فطاحت الْحيرَة وانجابت ظلمَة العماية وانقشعت وانكشفت ستور الغواية وَللَّه الْحَمد.

 

على أَنِّي وَللَّه الشُّكْر، لم أشتغل بِهَذَا الْفَنّ؛ إِلَّا بعد رسوخ الْقدَم فِي أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة، فَكنت إِذا عرضت مَسْأَلَة من مسَائِله مَبْنِيَّة على غير أساس؛ رجعت إِلَى مَا يَدْفَعهَا من علم الشَّرع، ويدمغ زائفها من أنوار الْكتاب وَالسّنة، ولكنني كنت أقدر فِي نَفسِي أَنه لَو لم يكن لدي إِلَّا تِلْكَ الْقَوَاعِد والمقالات، فَلَا أجد حِينَئِذٍ؛ إِلَّا حيرة، وَلَا أَمْشِي إِلَّا فِي ظلمَة، ثمَّ إِذا ضربت بهَا وَجه قَائِلهَا، وَدخلت إِلَى تِلْكَ الْمسَائِل من الْبَاب الَّذِي أَمر الله بِالدُّخُولِ مِنْهُ؛ كنت حِينَئِذٍ فِي رَاحَة من تِلْكَ الْحيرَة، وَفِي دعة من تِلْكَ الخزعبلات، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، عدد مَا حَمده الحامدون، بِكُل لِسَان فِي كل زمَان

 


 

المصدر:

الإمام الشوكاني، أدب الطلب ومنتهى الإرب، ص146

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#علم-الكلام
اقرأ أيضا
الأطفال وأحكام الإسلام | مرابط
مقالات

الأطفال وأحكام الإسلام


ينبغي أن يعود الأبناء على أحكام الإسلام منذ الصغر وذا بأن يعلموها ويعمل بها على مرأى منهم أيضا ويشرح لهم لماذا الصلاة والصوم والحجاب ونحو ذلك..

بقلم: قيس الخياري
485
وقفات مع حديث تعس عبد الدينار | مرابط
تفريغات

وقفات مع حديث تعس عبد الدينار


قال: عبد الدينار أضاف العبودية إلى الدينار لأن هذا الرجل تعلق قلبه بالدينار كما يتعلق قلب العبد بربه فكان الدينار أكبر همه فقدمه على طاعة ربه وكذلك كان حاله مع الدرهم فهذا يبين حال من يعبد الدنيا ويتذلل لها ويخضع لها فتكون مناه وغايته فيغضب من أجلها ويرضى من أجلها ولذلك سماه عليه الصلاة والسلام عبدا

بقلم: محمد صالح المنجد
2148
ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا | مرابط
تفريغات

ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا


الإيمان بالإسلام كتابا وسنة هو الذي يوفق أفق المؤمن وعقله وتفكيره والعكس بالعكس تماما لهذا نحن ندعو دائما وأبدا إلى اتباع الكتاب والسنة ليس على طريقة التأويل -هذه الطريقة التي ابتدعها الخلف- وإنما على طريقة التسليم التي سلكها السلف ولذلك نكرر دائما وأبدا: نحن لا ندعو إلى الكتاب والسنة فقط بل إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
704
الإسراء والمعراج ج1 | مرابط
تفريغات

الإسراء والمعراج ج1


إن الإسراء والمعراج كانا مكافأة ربانية على ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من أفراح وأحزان فلقد كان بعد حصار دام ثلاث سنوات في شعب أبي طالب وما لاقى أثناءه من جوع وحرمان ولقد كان بعد فقد الناصر الحميم وهو عمه أبو طالب وفقد زوجته خديجة أم المؤمنين ولقد كانت بعد خيبة الأمل في ثقيف وما ناله من سفهائها وصبيانها وعبيدها

بقلم: خالد الراشد
435
بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا


لعله قد يكون من المفيد ألا نتحدث عن حق المرأة في العمل أي العمل المنتج ماديا الذي يؤدي إلى منتج مادي سلع - خدمات. ونعيد صياغة رؤية الناس بحيث يعاد تعريف العمل فيصبح العمل الإنساني أي العمل المنتج إنسانيا وبذلك نؤكد أسبقية العمل الإنساني على المادي والطبيعي

بقلم: د. عبد الوهاب المسيري
453
عن القوامة والنشوز وضوابط تعامل الزوج معه | مرابط
المرأة

عن القوامة والنشوز وضوابط تعامل الزوج معه


الله جل وعلا قد خلق كل جنس ونوع على وفق مقتضى حكمته البالغة ثم هداه لوظيفته التي تلائم ذلك الخلق ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ومن ذلك أن الله جل وعلا خلق الرجل أقوى جسدا وأجسر قلبا وأشد تحملا للمشاق وأحسن تدبيرا وثباتا في مخاطر الحياة وأعظم تغليبا للعقل على المشاعر والانفعالات وهذا كله يؤهله لوظيفة القوامة والحفظ والحماية والرعاية والكسب.

بقلم: كريم حلمي
449