هل صحيح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دخل بالسيدة عائشة وهي 9 سنوات؟ وإذا كان صحيحا، فما الحكمة وراء زواجها في سن صغيرة.
ج/ أنت تزوجت أو ستتزوجين وسنك كم سنة؟! طيب والدتك تزوجت عند سن كم سنة؟ طيب جدتك؟ طيب جدة جدتك.. لا شك أنّه كلما صعدنا في الأجداد كان سن الزواج أصغر، ربما كانت جدة جدتك تزوجت في سن 9 سنين وأنت لا تدرين ولو سألت لعرفت.. فمن الغلط أن تنظري لسن الزواج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خلال ظروفك الشخصية.
أنت لو كنت تعيشين في قرية ضعيفة الخدمات بمستوى اجتماعي منخفض ستجدين أن معظم الفتيات تنتهي من الدراسة في الإعدادي أو الدبلوم وتتزوج برغبتها ورغبة والديها.
موضوع سن الزواج متغير حسب الظروف والمجتمعات.. طيب نعرف منين إن زواج السيدة عائشة -رضي الله عنها- في السن ده كان عادي في المجتمع؟!
نعرف من السيدة عائشة نفسها فهي لم تشتكِ من زواجها في هذه السن لا في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا في مماته، بل كانت تُفاخر بأنها تزوجت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِكرًا، بل كانت مخطوبة قبل خطبتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل اشتهر عنها الأثر: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة" وإن كان في ثبوته نظر.
ونعرف من المجتمع نفسه، فلم ينقل عن قوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن آمن به أو كفر أنه استشكل أو شنع بزواج السيدة عائشة -رضي الله عنها- في هذه السن، وقد كان أبو بكر -رضي الله عنه- خليل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقرب الرجال إليه وهو الذي زوج ابنته في هذه السن راضيًا في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعده، في حين أنك ترى أن زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من طليقة ابنه بالتبني بعد أن حَرَّمَ الإسلام التبني قد أثارت صدمة في المجتمع الذي كان يرى أن التبني مثله مثل البنوة الطبيعية، وقد رُصدت هذه الصدمة في كتاب الله عَزَّ وَجَل بمنتهى الوضوح.
وفي نفس الوقت لم يُذكر شيءٌ من ذلك عن زواج السيدة عائشة -رضي الله عنها- في هذه السن، بل إن المنافقين حين أثاروا الأكاذيب حول السيدة عائشة -رضي الله عنها- لم تكن تتعلق بعدم أهليتها للزواج بل على العكس اتهموها في حادثة الإفك بالزنا -حاشاها- وقد كانت وقتها في سن صغيرة لم تصل إلى 16 عاما!
فزواج السيدة عائشة -رضي الله عنها- في هذه السن والدخول بها ليس خارجًا عن إطار المجتمع العربي زمان النبوة ولا حتى مجتمعنا الحديث منذ عقود ولا حتى بعض القرى والبيوت في زماننا الحاضر.
فهل نحن ملكيين أكثر من الملك؟! هل نستنكر بذائقتنا وشكليات مجتمعنا أمرًا حدث في ظروف مغايرة ونحن غير مطالبين بالتأسي والاتباع فيه أصلًا!
زواج السيدة عائشة -رضي الله عنها- في هذه السن كان عاديا، وتزويجها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكبر منها كان لعدة أسباب من جهة عائشة -رضي الله عنها- ومن جهة أبيها ومن جهة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعداد هذه الأسباب لا يحتاج لكثرة تأمل مثل شرف الارتباط بالنبوة وتصديق أبي بكر وحب النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة وأبيها عليهما الرضوان وغير ذلك مما يكثر الإشارة إليه…
ونحن على يقين أن هذا الزواج لم يكن فيه إيذاء للسيدة عائشة -رضي الله عنها- لا نفسيا ولا جسديا، وشريعة الإسلام نفسها وإن سمحت بتزويج الصغيرة بإذن وليها إلا أنها لم تسمح بالدخول بها إلا أن تكون مطيقة للدخول جسديا ونفسيا!
نقطة أخرى/ بعضهم يجهد نفسه بتأويلات ليجعل سن السيدة عائشة -رضي الله عنها- عند الزواج 14 سنة أو 18 سنة أو ما شابه، فكان ماذا؟!
بمعايير العقلانيين رجل تجاوز الخمسين يتزوج فتاة لم تتخط العشرين أمر مستغرب ولا يكفي فارق 5 سنوات أو 9 سنوات ليردم هذه الهوة في تصور المتعقل للزواج المثالي وفق الطبقة المتوسطة والعليا في مجتمعاتنا!
فلا بد أن ترجع للنظرة التي تراعي ظروف المجتمعات ولا تجعل من ظروف نشأتها حكمًا أخلاقيًا في أمرٍ لم يُجعل أصلًا موضعًا للتأسي والاقتداء!