عندما يجلس الأطفال أمام جهاز التليفزيون، فإن دوافعهم تختلف عن دوافع الراشدين. فالراشدون باعترافهم شخصيًا يشاهدونه بشكل عام للتسلي، أغلب الأطفال، إضافة إلى أنهم يجدونه أيضًا مسليًا، فإنهم يشاهدونه ليفهموا العالم بشكل أفضل. وبوجه عام يعطى الراشدون للتليفزيون أهمية أقل ويشاهدونه بما يمكن أن نطلق عليه سذاجة واعية: لكي يتسلوا، يوافقون على شروحات غير عقلية، وتبعا لذلك الإطار وتلك المسلمات التي تفترضها لهم هذه البرامج، لن يكون لديهم أية غضاضة في الموافقة على أن شخصًا ما طار في الهواء، أو أصبح غير مرئي، أو قام بأفعال فوق طاقة البشر. إنه من حيث التعريف فإن المشهد الخيالي لا ينبغي بالضرورة أن يكون ممكنًا، فعليا أو حقيقيًا.
على العكس من هذا، فإن الأطفال، مع تسليتهم بهذا الجانب المسلي من التليفزيون، فإنهم يجدون عناء كبيرًا في التمييز بين الحقيقة والخيال، بسبب فهمهم الضيق للعالم. إنهم إذن أكثر هشاشة من الراشدين. فضلا عن ذلك فإن تأثيرات العائلة، والمحيطين بهم، والمدرسة والتليفزيون -كل هذه التأثيرات تمارس عليهم- ولا يستطيع الأطفال بسهولة فرز المعلومات التي تأتي عن طريق كل واحدة من هذه السياقات المختلفة. وأيضًا لا يمكن أن يكون لمعلومة ما قيمة إلا في صلتها بالمعلومات التي تعطيها السياقات الأخرى، وجزء كبير مما يتعلمه الأطفال بالمدرسة، يضيع دون مساندة الأسرة. إذا ما كانت المدرسة أكثر فعالية، فإن سلطة التليفزيون تتراجع، كما أن المحيطين بالأطفال يمارسون سلطة وتأثيرًا خاصًا لا تملكه العائلة ولا المدرسة.
المصدر:
التليفزيون خطر على الديمقراطية، ص94