معالم في طريق تمكين الأسرة

معالم في طريق تمكين الأسرة | مرابط

الكاتب: د. جمال الباشا

337 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

أولًا: هناك حملة عالمية لتمكين المرأة، تُحرِّكها جهات معلومة وأدواتها لم تعُد خافيةً على أحد، لا يريدون خيرًا بالمرأة ولا يسعون لتحريرها بل لتحرير الوصول إليها.
ولقد بات معروفًا حتى لدى بسطاء الناس أن هدف هذه الجهات ليس الرُقيّ بالمرأة ولا رعاية مصالحها، بل تحطيم الأسرة التي هي نواة المجتمع والتي تمثل المرأة فيها محورَها وقطب رَحاها.

 

ثانيًا: التصدي لهذه الحملات المشؤومة بحملات توعوية مضادة لا يعني الرضا بالحالة الموجودة اليوم والتي فيها تجاوزات حقيقية على كرامة المرأة وهضم لبعض حقوقها، فنحن نقرُّ بهذا وندعو لتمكين المرأة من حقوقها وَفق منظور الشريعة لا منظور الفكر الغربي، ومن غير تهويل ولا تضخيم.

 

ثالثًا: ضرورة إبراز مكانة المرأة في الدين الإسلامي من خلال عرض نصوص الكتاب والسنة التي توصي الرجال بالرفق بها والإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف، سواء أكانت زوجةً أم أمًّا أم أختًا أم ابنةً ...الخ، والنصوص التي تحذر من الظلم وتجاوز الحد في هذا الشأن، وبهذا يتم إغلاق باب المزايدات في وجه الزاعمين بالباطل أنهم أنصار المرأة.

 

رابعًا: وجوب التفريق بين الخطأ في الممارسات الشخصية والفئوية في المجتمع التي منشؤها العادات والتقاليد وبين حكم الشرع الذي منشؤه الوحي المنزَّل ويمثل إرادة الله تعالى في خلقه، فلا يجوز أن تتحمل الشريعةُ تبعات تلك التجاوزات وتحسَب عليها، وهذا الخلط هو من التلبيس المقصود الذي تمارسه بعض الجهات المشبوهة الحاقدة على شريعة الله.

 

خامسًا: كثير من الممارسات الفردية في المجتمع يتم تعميمُها وتضخيمها وتصويرها على أنها ظاهرة ينبغي القضاء عليها، والحقُّ أن الحكم على ممارسات ما بأنها ظاهرة يحتاج إلى دراسات وإحصائيات دقيقة، وهذا ما لا يفعله الخصوم أو يتعمدون إغفاله لأنه سيكشف حجم تهويلهم المقصود وغرضهم من ورائه.

 

سادسًا: إن الجهات الدولية الخارجية التي تدعم هذه الحملات دعمًا ماديًا ضخمًا لها أجنداتها السياسية والأديولوجية الخاصة، ولا تفعل ذلك حُبًّا منها لأوطاننا وشعوبنا، وهم مفضوحون تمامًا من خلال ازدواجية معايرهم، وكيلهم بمكاييل متعددة بحسب مصالحهم وأهوائهم، فهم يتغاضون عن حقوق الأسيرات المعتقلات في السجون الظالمة واللاتي يمارس عليهنَّ أبشع أنواع القهر والإهانة والتعذيب الجسدي والنفسي، وحالتهن لا تخفى على المنظمات الحقوقية العوراء.

 

سابعًا: عندما نرصد استطلاعات الرأي التي تقوم بها مراكز البحوث والدراسات في الدول الغربية نجد أنَّ المرأة الغربية تعيش أزَماتٍ حقيقيةً من التنمُّر والتحرش الجنسي والعنف الجسدي، والاضطهاد في العمل وتحملها لتبعات الحياة الشاقة، ويتأتى من هذا إبراز عجز المنظومة الغربية عن تحقيق العدالة المنشودة للمرأة، وأنَّ هذا النموذج الفاشل لا يجوز تعميمه لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، والمقدمات المتماثلة لا تعطي نتائج متغايرة.

 

ثامنًا: المرأة المسلمة ليست كغير المسلمة، والمرأة الشرقية ليست كالغربية، والقيم في المجتمعات العربية ليست كالقيم في المجتمعات الأخرى، وينبغي أن تراعى هذه الاختلافات والخصوصيات عند التقييم والحكم على التفاصيل، وقد حمَل الشعورُ بالخصوصية كثيرًا من الدول على الامتناع عن التوقيع على بعض الاتفاقيات الدولية المُعولمة، كاتفاقية سيداو المشهورة، وبعضهم وقَّع مع التحفظ على بعض بنودها تمسكًا بهذا الأصل "احترام الخصوصية" ومراعاة الفوارق القيمية لدى الأمم والشعوب، والشعور بالأنَفة من فرض قيم الآخرين عليهم بالقوة.

 

تاسعًا: نوصي دائمًا وأبدًا أن يكون المصلحون من أهل العلم والدعوة متقدمين على خصومهم في الميدان بخطوة على الأقل، ولا مانعَ شرعي ولا عقلي ولا واقعي من ردود الأفعال المناسبة، ولكن ينبغي ضبط الإيقاع على تأسيس الأفعال قبل ردود الأفعال، وبناء الفكر السليم والمنهج القويم قبل الردود على المنحرفين فكريًا ومنهجيًا.

 

عاشرًا: يجب أن تكون ردود الأفعال حكيمةً ومتزنةً ومنضبطةً بضوابط الشرع واستشارة ذوي العلم والرأي في كل ما يُتَّخذ من تدابير المواجهة، بعيدًا عن الطيش والتهور الناشئ عن الاستفزازات التي لا ننكر وجودها، والحذر من الانفعالات الحماسية غير المحسوبة التي توقع الصالحين في كمائن المغرضين الذين ينصبون لهم الفخاخ ويتربصون بهم الزلات، لتتفاقم الأزمات وتلتصق بهم تهمة التطرف.

 

أحد عشر: ينبغي أن يكون دورُ المرأة الصالحة في هذه الحملة بارزًا وصوتها عاليًا في رفض وِصاية المشروع الأجنبي الذي يفرض رؤى عقلية المرأة الغربية عليها، وأنها على قدر كافٍ من الرشد الذي يمكّنها من اختيار طريقها دون توجيه من الآخر، لا سيما أنَّ خطاب الرجل في هذا الموضوع الحساس بالذات لا يجد أذنًا صاغية عند المرأة التي تعدُّه مما يوافق هواه ومصلحته في التفوق الذكوري

 

إثنا عشر: إن عدد النسويات اللاتي يطالبن بتمكين المشروع الغربي في المجتمع عدد ضئيل للغاية إذا ما قورن بعدد الرافضات للمشروع ولكنَّ النسويات يَحظين بكل أنواع الدعم اللازم لإنجاح المشروع، ويلزم من هذا أن تتضافر جهود الفاضلات فيما بينهنَّ لتكوين جبهةٍ نسوية موحدة للمشروع المضاد الذي يتبنى الطرح المتوازن الذي يُنصف المرأة، ويوفر لها الحماية من المناهج الدخيلة التي تستهدف دينها وقيمها وكرامتها وأسرتها.

 

ثلاثة عشر: ينبغي تشجيع جميع أطياف المجتمع على المساهمة في دعم هذه الحملة المباركة في تمكين الأسرة بما أوتي من عزيمة وغيرة، كل بحسب مجاله وتخصصه، فصاحب القلم بقلمة، وصاحب الجاه بجاهه، والشاعر بقصيدته، والرسام بريشته، ومصمم الجرافيك بإبداعه، وهكذا، فيد الله مع الجماعة، ومنه العون والمدد

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الأسرة #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
الدعوة إلى الحق | مرابط
فكر مقالات

الدعوة إلى الحق


الله تعالى هو الحق الذي قامت الأدلة العقلية والنقلية على وحدانيته وعظمته وسعة أوصافه وكماله المطلق الذي لا غاية فوقه الذي لا يستحق العبادة والحمد والثناء والمجد إلا هو ودينه هو الحق الذي دارت أخباره على الحقائق الصادقة والعقائد النافعة المصلحة للقلوب والأرواح وأحكامه على العدل المتنوع في العبادات والمعاملات في أداء حقوقه وحقوق الخلق باختلاف أحوالهم وحقوقهم ومراتبهم وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا الأنعام: 115 صدقا في إخبارها عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
7799
الاختلاط بين زمانين: مفارقات مرة وعبرات حارة | مرابط
مقالات المرأة

الاختلاط بين زمانين: مفارقات مرة وعبرات حارة


هذان زمانان.. زمان لزمت فيه المرأة فطرتها السوية وعرفت مكانتها ودورها وأدركت معنى العفة والحياء فلم تزاحم الرجال ولم تخالطهم وسدت من حولها كل الذرائع وأدت ما عليها وحفظت حدود الله فأخرجت للأمة أعلاما شامخة ساد بها الإسلام. وزمان انتكست فيه الفطر وتكسرت فيه الحدود فاختلط الرجال والنساء كاختلاط النار بالحطب وخرجت المرأة من بيتها وتخلت عن دورها تلهث وراء سراب تحسبه ماء فنزعت عنها ثوب الحياء والعفة وتمركزت حول نفسها كأنثى ونسيت دورها في بيتها فأخرجت أجيالا كغثاء السيل.

بقلم: محمود خطاب
363
الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية الجزء الثاني | مرابط
الجندرية

الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية الجزء الثاني


ظهر مصطلح الجندر في سبعينيات القرن الماضي ولكنه أحدث رجة عنيفة في الساحة الفكرية والاجتماعية بعدما تم إدخاله في كل المجالات تقريبا وتم إعادة صياغة المصطلح ليعبر عن الأدوار الاجتماعية والميول الشخصية فقد يشعر الرجل أنه امرأة وتشعر المرأة أنها رجل أما مصطلح الجنس فهو لا يعبر إلا عن الجانب البيولوجي أو العضوي الجنسي ومن هنا انفتح الباب على مصراعيه أمام الشذوذ وظهرت أشكال جديدة للعلاقات وللأسرة

بقلم: حسن حسين الوالي
2447
الألسنة التي اتخذت الإسلام لغوا | مرابط
اقتباسات وقطوف

الألسنة التي اتخذت الإسلام لغوا


وإذا هؤلاء المتبعون يعدون هذه الضلالة دينا ويظنون هذا الدين الجديد إحياء للإسلام وإذا هم يأخذون دينهم من حيث نهوا أن يأخذوا يأخذونه عن مبتدع في الدين برأيه محيل لنصوصه بفساد نشأته مبدل لكلماته بهوى في نفسه محرف للكلم عن مواضعه بما يشتهي وما يحب

بقلم: محمود شاكر
618
ماذا كان يفعل ابن تيمية إذا أشكلت عليه مسألة | مرابط
اقتباسات وقطوف

ماذا كان يفعل ابن تيمية إذا أشكلت عليه مسألة


الفائدة الحادية والستون حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم

بقلم: ابن القيم
545
لا تقطع أذنك | مرابط
فكر

لا تقطع أذنك


يحكى أن أحد الملوك تأخرت زوجته في إنجاب ولي العهد فأرسل في إثر الأطباء من كل أرجاء المملكة وكتب الله أن يجري شفاء الملكة على أيديهم. فحملت الملكة بولي العهد وطار الملك بذلك فرحا وأخذ يعد الأيام لمقدم الأمير وعندما وضعت الملكة وليدها.. كانت دهشة الجميع كبيرة: فقد كان المولود بأذن واحدة!

بقلم: محمد بن عبد الله الفريح
326