تصوير ناسا أم خلق ناسا؟

تصوير ناسا أم خلق ناسا؟ | مرابط

الكاتب: د. إياد قنيبي

394 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

 

السلام عليكم ورحمة الله

أيها الكرام نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا صورًا تشويقية لما قالت أنه أعمق صور للكون تلتقط حتى الآن على الإطلاق؛ وهذه الصور تبين جانبا من عظمة الكون من حولنا. الملفت للنظر أن هذه الصور نفسها تزيد الذين آمنوا إيمانا، وتزيد المنبهرين بالغرب سفها وكفرانا، وهذا حال الآيات الكونية المنظورة تماما كالآيات المستورة، قال تعالى في المنافقين "وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ"

 

هل يعني هذا أن الدليل نفسه محايد، بحيث يمكن أن يدل على الله ويمكن أن يدل على إنكار الله؟ طبعا لا، وإنما يعني أن الآيات الكونية كلها دالة على الله بحيث ينتفع بها من سلمت فطرته وعقله وقلبه، أما إذا انحرفت فطرة الإنسان وعقله وقلبه فإنه كالأعمى لا تنفعه الصور الجميلة مهما عرضت عليه، "وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ"

 

ولاحظ أن الله تعالى عبر باللفظ نفسه عن أدلة القرآن المستورة وأدلة الكون المنظورة.. آيات.. فكلها آيات.. دلالات على الله تعالى وعظمته وقدرته، الشاك أو المهزوم نفسيا والذليل للغرب يتكلم عن هذه الاكتشافات وكأن الذين صوروها هم الذين خلقوها، وبدل أن يسعى لتتقدم أمته الإسلامية في العلوم من جديد فإنه يعيّر بها المسلمين، هذا مع أن المكتشفين والمنبهرين بهم والبشر أجمعين لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له.. ذبابة واحدة، وليس مجرة ولا حتى نجم أو كوكب.

 

بينما المسلم العزيز بإيمانه، كلما رأى آية جديدة كهذه قال "رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" .. ربنا ما خلقت هذا باطلا فكون بهذه العظمة دال بلا شك على رب قدير عظيم عليم حكيم، سبحانك، تنزهت يا ربنا عن الباطل والعبث، فلا شك أنك خلقتنا وخلقت الكون لحكمة، فإذا وقفنا بين يديك للحساب فقنا عذاب النار.

 

المؤمن يستدل بهذه الآيات على قدرة الله تعالى على إحياء العظام وهي رميم لأنه يعلم أن ذلك أهون على الله من خلق هذا الكون الفسيح "لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" قال الله تعالى بعدها مباشرة "وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ"

 

الذي لا ينتفع بهذه الآيات: أعمى، المؤمن إذا رأى عظمة الكون علم أن الله خلق السماوات والأرض بالحق، قال الله تعالى "وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" قال تعالى بعدها مباشرة "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ"

 

الذي يعبد الهوى ويعيش لأجل الشهوات لا ينفعه علمه ولا هذه المشاهدات العظيمة بل يعجبنا الله من قدرته على حجب هؤلاء عن أكبر الحقائق وأوضحها وهي وجوده ووحدانيته وعظمته سبحانه، بحيث لا تنفعهم علومهم وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة 

 

"أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" واحد من عدة احتمالات، أنهم خلقوا هكذا من غير شيء وخرجوا من العدم إلى الوجود من غير مسبب، وهذا ما لا يقول به عاقل، أو أنهم هم الخالقون وخلقوا أنفسهم بأنفسهم وهذا لا يقول به عاقل، أو أنهم خلقوا السماوات والأرض بأنفسهم وهذا لا يقول به عاقل، فلا يبقى إلا أنهم مخلوقون من مسبب أول، خالق غير مخلوق، يحتاج إليه كل ما في الكون ولا يحتاج إليه أحد.

 

الجاهلية الحديثة كما أنها أفسدت فطرة الناس الأخلاقية، وجعلت المسلمات الأخلاقية محل شك ونقاش بل وفرضت أقذر الفواحش فرضًا، وقالت في من يرفضونها: "أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" فإن الجاهلية الحديثة أفسدت فطرة الناس العقلية ودلالة العقل والفطرة على وجود الله وعظمته.

 

ختاما ننصحكم بمراجعة حلقة من رحلة اليقين بعنوان: هل يمكن إثبات وجود الله علميا أم أن العلم محايد.. وتذكروا: إله نرى أثر عظمته وقدرته وحكمته جدير بأن يُطاع ولا يعصى، ويُذكر ولا يُنسى، ويُعظّم ولا يُستهان بأمره ونهيه وشرعه.. نسأل الله أ، يهدينا ويهدي بنا والسلام عليكم ورحمة الله.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ناسا
اقرأ أيضا
الضوابط الشرعية: رؤية ليبرالية | مرابط
فكر

الضوابط الشرعية: رؤية ليبرالية


حسب الضوابط الشرعية تلك العبارة التي مرت الكثير من الشبهات والمخالفات الشرعية متدثرة بها تمشي في حماها وكانت تمرر من خلالها الكثير من المخالفات الشرعية يقال أنها توافق الضوابط الشرعية ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما وفي هذا المقال رصد لحقيقة هذه العبارة التي انخدع بها المسلمون

بقلم: محمد بن أحمد الزهراني
1800
ستبقى أمريكا تعاني من التفرقة | مرابط
فكر

ستبقى أمريكا تعاني من التفرقة


ستبقى أميريكا تعاني من التفرقة بين البيض والسود ما دامت العقيدة التي يدرسها الأطفال في المدارس عقيدة داروينية تعارض شعارات المساواة المعلنة لديهم وما دام داروين يعظم على أنه مكتشف الحقيقة عن أصل الإنسان والكائنات مقال موجز للدكتور إياد قنيبي حول العنصرية في أمريكا

بقلم: د إياد قنيبي
2485
الإسراء والمعراج ج1 | مرابط
تفريغات

الإسراء والمعراج ج1


إن الإسراء والمعراج كانا مكافأة ربانية على ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من أفراح وأحزان فلقد كان بعد حصار دام ثلاث سنوات في شعب أبي طالب وما لاقى أثناءه من جوع وحرمان ولقد كان بعد فقد الناصر الحميم وهو عمه أبو طالب وفقد زوجته خديجة أم المؤمنين ولقد كانت بعد خيبة الأمل في ثقيف وما ناله من سفهائها وصبيانها وعبيدها

بقلم: خالد الراشد
436
مفاهيم تحتاجها الأمة ج2 | مرابط
تفريغات

مفاهيم تحتاجها الأمة ج2


وأنا سأطرح بعض المفاهيم التي أشعر أن الأمة بحاجة لها وأخاطب بها كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا حاكما كان أو محكوما عربيا كان أو عجميا قريبا كان أو بعيدا يعيش في بلد محتل أو حر

بقلم: د راغب السرجاني
676
بين الدوام وصلاة الفجر | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين الدوام وصلاة الفجر


ومن الطريف حقا أن مثل هذا المعتاد على إخراج الفجر عن وقتها مع الالتزام ببداية الدوام الصباحي ينظر لنفسه على أنه شخص ناجح ومنضبط في حياته بل ربما أسدى بعض النصائح لبعض اليافعين حوله: كيف ينجحون في حياتهم بالانضباط والالتزام بالمواعيد والجدية في الحياة ولا يرف له جفن على صلاة الفجر التي ينقرها كل ضحى!

بقلم: إبراهيم السكران
341
التوبة من ترك الحسنات | مرابط
اقتباسات وقطوف

التوبة من ترك الحسنات


التوبة من ترك الحسنات أهم من التوبة من فعل السيئات والتوبة رجوع عما تاب منه إلى ما تاب إليه فالتوبة المشروعة هي الرجوع إلى الله وإلى فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه وليست التوبة من فعل السيئات فقط كما يظن كثير من الجهال لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيئات المنهي عنها

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
514