من أسباب ضياع الوقت

من أسباب ضياع الوقت | مرابط

الكاتب: د عبد الكريم بكار

731 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لماذا يضيع الوقت؟

الوقت المستغل هو الوقت الذي نقضيه في الوفاء بالتزاماتنا الوظيفية والإنتاجية، وكذلك الوقت الذي نقضيه فيما يعد مهمًا للبقاء على قيد الحياة، مثل: النوم، والأكل، والرياضة، والعناية بالصحة. أما وقت الفراغ فهو الوقت الذي يمضي دون أن نقوم بأي عملٍ مفيدٍ أو مهم، إنه وقتٌ يمضي دون أن نعرف ماذا نصنع به. هناك نوعٌ من أوقات الفراغ، يضيع أثناء تأديتنا لأعمالنا، وذلك حين لا نؤدي أعمالنا بطريقةٍ صحيحةٍ وجادة، كما هو شأن كثير من الموظفين.

إذا تساءلنا: لماذا يضيع الوقت؛ أمكننا أن نعثر على عددٍ من الأسباب، أذكر منها الآتي:

1- الكسل: فحينما ينام الإنسان أكثر من ثمان ساعاتٍ في اليوم، أو يتقلب على فراشه تاركًا خلف ظهره المهام التي عليه أن ينجزها، فإن داءه آنذاك هو الكسل، وهبوط الهمة.

الشعوب المتقدمة تقضي الكثير من أوقات الفراغ في الرياضة، وممارسة الهوايات، وتعلم مهاراتٍ جديدة، أما الشعوب النامية فإن الكثير من أبنائها يقضون الكثير من فراغهم في الجلوس على أبواب بيوتهم، أو في الاستلقاء على فرشهم، أو أمام التلفاز، أو السهر إلى ساعات الفجر الأولى.

2- عدم وجود هدف: سببٌ من أسباب ضياع الوقت، فالحاضر سيتفلت من بين أيدينا ما لم نضبطه من خلال الطموحات، والآمال المستقبلية، والأهداف المنتظرة. المهم دائمًا: أن نحدد وقتًا لإنجاز ما نريد إنجازه، وإلا فمن الممكن أن يضيع الكثير من الأوقات، حين نقوم بنقل التنفيذ من يومٍ إلى يوم، ومن شهر إلى شهر.

إذا كانت أهدافنا متواضعة، لا تشغل سوى جزءٍ من أوقات الفراغ، فإن الوقت سيضيع هدرًا، وهذا ما نجده لدى كثيرين، حيث إن البيئة المتخلفة، والأسر المحطمة، تحملان المرء حملًا على جعل أهدافه صغيرة، وطموحاته محدودة.

ليست مهمة الهدف قاصرةً على شغل الوقت، وإنما المساعدة على القيام بالأعمال المهمة أيضًا، فالهدف الواضح، ذو التوقيت المحدد، يخلصنا من مشكلة الانشغال بالأنشطة الغير مهمة عن الاشتغال بالأنشطة المهمة، حتى إذا أصاب أحدنا الكلل؛ لم يجد العزيمة لإنجاز ما هو أحوج إلى إنجازه.

3- سوء التنظيم: حيث إن الأعمال التافهة التي يمكن أن تبدد الوقت أكثر من أن تحصى، لو أننا نظرنا في أنشطتنا اليومية، لوجدنا أن جزءًا كبيرًا منها كان يمكن تفويضه إلى شخصٍ آخر، موظف، أو ابن، أو زوجة، وقسمٌ آخر يمكن حذفه، والاستغناء عنه، أو دمجه في نشاطٍ آخر.

يذهب كثيرٌ من الوقت في السفر والتنقل، مع أنه يمكن توفيره عن طريق الاتصال بالهاتف، أو إرسال رسالة، أو التسوق بالجملة بدل المفرق .... إلخ.

4- تطفل الآخرين وفوضاهم: إن مشكلة الواحد منا ليست دائمًا ذاتية، وإنما قد يكون مصدرها الآخرين، فمن المألوف في كثيرٍ من البلدان، ولا سيما القرى والأرياف، أن يزور الناس بعضهم بعضًا من غير موعدٍ سابق، كما أن من المألوف أن يكلمك شخصٌ بالهاتف، فيطيل الكلام من غير حاجةٍ أو فائدة، كما أن بعض الأشخاص يظهرون من السماحة، والكرم الذاتي، ما يشجع الآخرين على طرح مشكلاتهم عليهم، وطلب المساعدة منهم، مما يبدد الوقت في كثيرٍ من الأحيان دون أي مردود مكافئ، وهكذا البيئات التي لم تترسخ فيها المفاهيم الحضارية لا تساعد من يعيش فيها على تنظيم وقته، واستغلاله الاستغلال الأمثل.

 


 

المصدر:

محاضرة العيش في الزمن الصعب للدكتور عبد الكريم بكار

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ضياع-الوقت
اقرأ أيضا
ظهور العقيدة في الوعي المتيقظ والشعور المتوقد | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

ظهور العقيدة في الوعي المتيقظ والشعور المتوقد


إذا سألنا هنا عن نشأة العقيدة الإلهية فليس سؤالنا منشأ هذه الضرورة الكامنة في العقل الباطن والتي هي من الأوليات التي لا يسأل عن مصدرها وإنما السؤال عن العوامل والملابسات التي تكون قد رفعت هذه الحقيقة إلى مستوى الوعي المتيقظ ثم لم تكتف بإبرازها أمام العقل قضية نظرية بل حولتها إلى فكرة حية ملهبة للمشاعر وطبعت موضوعها بطابع خاص يجعله ذاتا علوية تتوجه إليها القلوب بالرغبة والرهبة والدعاء والخضوع

بقلم: محمد عبد الله دراز
2006
جذور الخطاب المدني المعاصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

جذور الخطاب المدني المعاصر


يبدو أن الخطاب المدني المنتشر في بلادنا الإسلامية قد حظي باهتمام بالغ لدى الباحثين في محاولة لمعرفة الجذور التي أدت إليه يقول البعض أنه نتاج مباشر للمدرسة العقلانية بينما يظن آخرون أنه الامتداد الطبيعي لمدرسة المعتزلة أو أنه نتج بسبب الانبهار الشديد بالغرب وبين يديكم مقتطف هام من كتاب مآلات الخطاب المدني يقف فيه إبراهيم السكران على هذا التساؤل الهام والآراء المنتشرة حوله

بقلم: إبراهيم السكران
789
العبودية الباطنة والظاهرة | مرابط
اقتباسات وقطوف

العبودية الباطنة والظاهرة


إن لله على العبد عبوديتين: عبودية باطنة وعبودية ظاهرة فله على قلبه عبودية وعلى لسانه وجوارحه عبودية فقيامه بصورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه إلى ربه ولا يوجد له الثواب وقبول عمله

بقلم: ابن القيم
541
الطفل والأفكار | مرابط
مقالات ثقافة

الطفل والأفكار


وفي المجتمع الذي يدور فيه عالم الأفكار حول محور الأشياء تأخذ الميول الفردية الوجهة ذاتها. ولقد حدث أن سألت طفلا في إحدى البلاد العربية عما كانوا يعطونه في المدرسة ولم ركن استعمالي فعل أعطى متعمدا لكن جوابه العفوي كان ذا دلالة ظاهرة فقد أجابني: إنهم يعطوننا بسكويت. ومن الواضح أن معنى أعطى عنده يتمفصل بادئ الأمر بعالم الأشياء حتى حينما يستعمل الفعل في الإطار المدرسي في صيغة سؤال. وهكذا فالفرد يدفع ضريبة عن اندماجه الاجتماعي إلى الطبيعة وإلى المجتمع.

بقلم: مالك بن نبي
455
في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير | مرابط
اقتباسات وقطوف

في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير


والمقصود أن التأويل يتجاذبه أصلان التفسير والتحريف فتأويل التفسير هو الحق وتأويل التحريف هو الباطل فتأويل التحريف من جنس الإلحاد فإنه هو الميل بالنصوص عن ما هي عليه إما بالطعن فيها أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها حقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها فالتأويل الباطل هو إلحاد وتحريف وإن سماه أصحابه تحقيقا وعرفانا وتأويلا

بقلم: ابن القيم
834
حدود العلم | مرابط
فكر ثقافة

حدود العلم


العلم لا يغطي إلا جانب ضيق جدا من حقل المعرفة وهو ليس موضوعيا وإنما ذاتي يخضع للرؤية البشرية وتحلله القدرة البشرية والعلم لن يقترب من أسئلة الوجود الكبرى مثل: لماذا نحن هنا وإلى أين نحن ذاهبون؟ ولذا لما سألت دير شبيغل هايدغر عما إذا كان في مقدرة الانسان الوصول للأفضل والأكمل عبر مساعيه وأبحاثه قال : الله فقط يمكن أن ينقذنا.

بقلم: د. هيثم طلعت
300