
موافقة الغرب باسم الإسلام
لقد حاول المؤلف -أبو شقة- التبرؤ من هذه الإشكالية صراحة، فقال:
"فكل هذه القضايا الخطيرة لا نطرحها اعتباطا أو مسايرة لتيار التفرنج الغازي، بل نطرحها انبعاثا محضًا من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أي انبعاثا من منطوق النص الشرعي، ومن دلالته الواضحة الجلية، لا من دلالته الخفية التي حولها يختلف الناس عادة. أي إننا نطرح تلك القضايا بمفهومها الشرعي، وبآدابها الشرعية، وبحدودها الشرعية. ولا يضيرنا أن نقول كلمة أو كلمات تتشابه مع كلام قوم آخرين" (تحرير المرأة لأبي شقة 268/2)
نعم، لقد وافق كلامه كلام قوم آخرين، فمن هم الذين وافقهم؟ وما هي القضايا الخطرة التي وافقهم فيها؟
لقد وافق المؤلف الغرب في مطالبهم في القضية العالمية اليوم وهي قضية المرأة. وزاد عليهم بالتدليل على ما يريدون من الكتاب والسنة، وفق فهمه لا وفق فهم علماء الأمة
إن المؤلف يلح في كتابه على خروج المرأة من بيتها، وانخراطها في العمل العام المختلط، من أجل تقدم المجتمع وازدهاره، ومن أجل المصلحة العامة؛ وهذا كله وهم، فقد خرجت المرأة في غالب دولنا إلى الشارع العام واختلطت بالرجال وأظهرت زينتها كما يدعو إليه المؤلف، فما هي النتيجة؟ زاد تأخرنا وانحطاطنا وإذلالنا ن قبل الشراذم
إن المؤلف يرى في اختيار الله عز وجل للمرأة بالقرار في البيت تخلفًا عقليًا، لذا يستحثها على الخروج والاطلاع على أحوال العالم الخارجي ليتفتح عقلها، ولكنه أيضًا يخشى من الوقوف عند هذا الحد أن يُتهم بموافقة الغرب أو غيره، فيؤكد على أهمية قيامها بتربية أبنائها والعناية بهم؛ لذا تجده يقول:
إذا كان النقص النوعي الفطري أو العرضي نتيجة بعض وظائف الأعضاء مما كتبه الله على بنات آدم، وهو أمر صالح يعين على تحقيق كل من الرجل والمرأة دوره في الحياة؛ فإن الحياة الرتيبة المنعزلة وراء جدران البيت، هو أمر خطر على حياة المرأة وحياة الأسرة وحياة المجتمع كله، إنه خطر يكاد يذهب بعقل المرأة كله، وتكاد تصبح معه كالسائمة لا تملك من أمرها شيئًا، ولا تدري مما يجري حولها شيئًا فيضعف تبعا لذلك دورها في تربية أبنائها، وينعدم -تبعا لذلك أيضًا- دورها في إنهاض مجتمعها بنشاط اجتماعي أو سياسي (تحرير المرأة لأبي شقة، 278/1)
لقد اختلطت الأمور على المؤلف فهو يريد إخراج المرأة من بيتها، ويريد منها أن تربي أبناءها كذلك، ولكن أين ستربي المرأة أبناءها، وكم من الوقت ستحتاج لتحقيق هذا الدور العظيم، وهي تقضي زهرة وقتها اليومي في خارج البيت؟
المصدر:
د. عادل بن حسن الحمد، تحرير المرأة عند العصرانيين، كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة أنموذجا، ص22