العداء ضد الرجال
أعلنت الأنثوية حربًا شعواء ضد الرجل، ورفعت شعارات من قبيل (الرجال طبقة معادية) و(الحرب بين الجنسين) بل وصل حد المطالبة بالقتال من أجل عالم بلا رجال.
ووصل الحد بالمناداة باستعمال القسوة والعنف مع الرجال إلى حد أن هناك منظمة أنثوية أمريكية معرفة بحركة تقطيع أوصال الرجال تنادي باستئصال شأفة الرجال في المجتمع (1)
سبب عداء الجنسين في نظر النسوية
ولقد قامت الكاتبة الأمريكية دروثي رو بتأليف كتاب اسمته "العدو" وتقصد بذلك (الرجل)، وتحاول أن تحلل في شكل أسطورة صدق تسميتها وتبين سبب عداء الجنسين فتقول:
"إن المرأة في بدايات الحياة البشرية عندما رأت الرجل مخلوقًا مخيفًا له جثة ضخمة مغطاة بالشعر مكتظة بالعضلات، ومن عينيه نظرة وحش مفترس.. خافت منه، وهنا وقعت في الخطأ الكبير الذي سبب العذاب لكل البنات والنساء فيما بعد.. لأن خوفها قادها إلى أن تستسلم لهذا المخلوق الأقوى والأضخم، وتخضع له، فبدأت تتملقه إتقاء لشره... بذلك علمت الرجل الغرور والإحساس بالقوة وأتاحت له فرصة السيطرة والتسلط فوضعها في المركز التابع للمتبوع"(2)
وتؤكد الأنثوية على أن الرجل بطبعه قاسي وأناني وعنيف ومغرور ويحب الشر والدمار... إلخ، كما تقول بذلك رائدة الحركة النسوية الإنجليزية إليزابيث ستانتون، وتؤكد وجود هذه النزعة في الحركة الأنثوية الغريبة الدكتورة بثينة شعبان، حيث تقول "في الستينات والسبعينيات من هذا القرن، حين اتجهت المرأة الغربية توجهًا معاديًا للرجل واعتبرته مسؤولا عن كل معاناتها"(3)
ردود الفعل المضادة
وهذه النزعة أدت إلى ردود أفعال مضادة من قبل باحثين رجال، فألفوا كتبا للاستدلال على أفضلية الرجال على النساء على أسس دينية أو بيولوجية أو تحقيقات علمية أخرى وردت النساء بالعكس، وثار جدل فارغ وكان الرجل والمرأة متناقضات كما يقول أهل المنطق (لا يجتمعان ولا يرتفعان)، ولم تكن هذه الأفكار مجرد جدل لفظي أو تبادل شعارات، بل تجاوز إلى بروزه في الممارسة الواقعية في أشكال مختلفة..
فأدى أولًا إلى: تدهور رهيب في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، خاصة في العلاقات الجنسية، وتم الهجوم بشكل مكثف على مؤسسة الأسرة باعتبارها مؤسسة قمع وقهر للمرأة، ولا بد من الارتباط الحر والحرية الجنسية بل تجاوز الأمر إلى الدعوة إلى الشذوذ الجنسي (السحاق) باعتباره شكلا ملائما محتملًا للخروج من سيطرة الرجل العدو.
النظرة الدونية للمرأة الغربية
ولا شك أن النظرة الدونية التي لاقتها المرأة الغربية، أو كما تقول زيغرد هونكه "موقف الرجل الأوروبي من المرأة، ونظرته إليها تلك النظرة التي تتسم بالازدواجية والنفاق والشهوانية والتسلط والتضارب في المفاهيم والأفعال" (4) بالإضافة إلى ممارسة كافة أشكال العنف النفسي والجسدي والجنسي عليها..
بعض الإحصائيات والأرقام
كل ذلك غرس فيها مشاعر العداء تجاه الرجل، والحقائق والأرقام الموجودة في دوائر الإحصاء ومراكز البحوث مهولة ومفجعة، ففي أمريكا مثلا: تشير أرقام سنة 1984 إلى 2928 حادثة قتل تمت على أيدي أحد أفراد العائلة وثلث القتيلات في ذلك العام قتلن على يد الزوج أو الشريك.
كما تذكر كل من أوردين ونزبيت أن أكثر من مليوني امرأة سنويا تبلغ الشرطة عن حادث اعتداء زوجها أو شريكها عليها، فيما لا يعرف عدد الحوادث غير المبلغ عنها، وتقتل يوميا أربع نساء بسبب الضرب المبرح في البيت في أمريكا، كما يعزى 59% من حوادث الطلاق في النمسا عام 1985 إلى استخدام في البيت...
ويقدر بأن ما بين 2 إلى 4 مليون امرأة تتعرض للاعتداء سنويا في أمريكا.. وأن 1.5 مليون زيارة للطبيب سببها اعتداء الزوج، ويخمن أن 91% من الاعتداءات لا تبلغ إلى الشرطة.. أما في بريطانيا فإن أكثر من 50% من القتيلات كن ضحايا الزوج أو الشريك، وارتفع العنف في البيت بنسبة 46% خلال عام واحد إلى نهاية آذار 1992... كما وجد بأن 25% من النساء يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن (5)
وبالنسبة للاغتصاب تشير الإحصائيات التي أوردتها كل من Aburdene & naisbitt المذكورتان سابقًا عام 1993 أن امرأة واحدة تغتصب في أمريكا كل دقيقة، وغالب الضحايا في سن أقل من 17 سنة (6)، وهكذا فإن النظرة الدونية والمعاملة القاسية العدوانية التي تواجهها المرأة في الغرب تقويان -بالإضافة إلى عوامل أخرى- فيها الروح العدائية وتؤدي إلى أن تنظر إلى الرجل كوحش جنسي مفترس وقاسي، وهكذا يولد هذا الواقع أفكارا والأفكار تولد وقائع جديدة وهلم جرا في دوامة الهلاك والضلال.
ولا ننسى أن الحركة الأنثوية عندما تتحدث عن تمكين المرأة، فإنها تعني تمكين المرأة في صراعها مع الرجل.
الإشارات المرجعية:
- مجلة العربي، العدد 494، يناير 2000، مقالة الدكتور أحمد أبو زيد، ص65
- مجلة كل الأسرة، في تحقيق صحفي لحنان جاد، ص25
- مجلة النهج، العدد 5، 1999م، ص 89
- الأستاذ محمد رشدي عبيد عقراوي، مرجع سابق، ص7
- الدكتورة شذى سلمان (المرأة المسلمة)، مرجع سابق، ص96
- المرجع نفسه، ص115
المصدر:
- مثنى أمين الكردستاني، حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، ص149