هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن

هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن | مرابط

الكاتب: عبد الله الوهيبي

404 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

 قبل سنوات وفي أثناء مطالعتي لسيرة الحافظ ابن رجب (ت795هـ) رحمه الله ورد أن من جملة تصانيفه كتابًا عنوانه “الاستغناء بالقرآن في طلب العلم والإيمان“، وهو موضوع مشوّق، إلا أن الكتاب –للأسف- من جملة المفقودات التي لم تصلنا، ثم وقفتُ على كتاب العلامة جمال الدين يوسف بن عبدالهادي المعروف بابن المبرد (ت909هـ) رحمه الله المعنون “هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن“، فإذا به قد اطلع على كتاب ابن رجب المذكور، ووصفه بأنه «كتاب بليغ متقن، وفن صحيح مبرهن»، إلا أنه غير مرتّب، وفيه بعض النواقص، فصنّف ابن المبرد كتابه مقتفيًا كتاب ابن رجب، مكمّلًا لأغراضه، ناقلًا بعض ترجيحاته وتحريراته، ومقتبسًا من أقواله، فجاء كتابه حسن العرض، كثير الفوائد.

تفصيل الكتاب

جعل ابن المبرد كتابه في مئة فصل، وهي تدور على ثلاثة أضرب: الأول في التشويق للقرآن، وتدبر علومه، وبيان فضائله، وحال السلف معه. والثاني: ذكر بعض المباحث في علوم القرآن والتفسير، وهي قليلة. والثالث: أحكام التلاوة والقيام بالقرآن، وآداب القراءة والاستماع، ووجوه الانتفاع بالقرآن وتعظيمه وتحليته وتعليمه.

على أن كتاب ابن المبرد لم يطبع كاملًا للأسف أيضًا، بل حقق محمد عمر نصفه في رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية عام 1419هـ، ونشرت على الشبكة، وتضم 44 فصلًا فقط من الكتاب، أي أقل من النصف بقليل. والسمة الغالبة على الكتاب هي سرد الآثار بالأسانيد الطويلة، وقد جاوزت 4000 حديث أو أثر. وقد يكون ذلك مما يصرف المبتدئ عن مطالعة الكتاب. على أنه يورد جملة من المسائل والتحريرات في مسائل شتى، ولم يقتصر على النقل المحض.

العناية بكتاب الله

وأكثر ما يلفت النظر في كتاب ابن المبرد هو توسّعه في نقل الآثار واستجلاب المعاني المشوّقة إلى العناية بكتاب الله تعالى، والبهجة الروحية التي يوفّق إليها أهل القرآن، وربما استغرقت هذه المعاني ثلث الكتاب أو نصفه، والإنسان بحاجة للتذكير بذلك من حين لآخر، واستحضاره وتأمله؛ لا سيما وقد اقترب مقدم الشهر الكريم.

وقد أشار في بعض الفصول إلى خبر إبراهيم ابن أدهم المشهور، والذي فيه قوله “لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف”، ثم نقل تعليقًا لشيخه الفقيه الزاهد ابن قندس (ت861هـ) رحمه الله يقول:«لو قال هذا الكلام غير إبراهيم بن أدهم لم يقبل منه؛ لأنه ذاق لذة الملك، ولذة الفقر والعبادة والذكر، وأما غيره فإنما ذاق لذة الفقر والعبادة فقط»، ثم استطرد في ذكر بعض أخبار الصلحاء الأوائل، وختم بقوله: «فهؤلاء كانت لذة القيام وقراءة القرآن ألذّ وأحلى عندهم من الأكل والشرب والنوم، وقد رأيتُ ذلك في بعض الأحايين، فحصل لي في بعض الليالي لذّة رأيتُ في نفسي أنها أعظم من لذّة الدنيا والآخرة».

وفي فصل عقده عن التغنّي بالقرآن، قال: «قال الحافظ ابن رجب: أنبأنا غير واحد من شيوخنا، عن الإمام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله قال: لما كان الله تعالى قد حمل بني آدم على أنه لا بد للإنسان من كلام يتغنّى به، لأن النفس لا تستغني إلا بنوع من التغنّي كما لا يقوم الجسد إلا بالغذاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن”؛ يعني من لم يكن القرآن له بدل الشعر لغيره يتغنّى به فليس منا، فإن من لم يتغنّ بالقرآن تغنّى بغيره، ومن تغنّى به استغنى عن غيره، والتغنّي هو الترنّم والجهر به من غير التلحين المكروه».

الهوامش والفهارس

يقع الكتاب في مجلدين، في قرابة 1000 صفحة، على أن الهوامش الكثيرة والمقدمات والفهارس استغرقت صفحات كثيرة، وإلا فلو هذب الكتاب، واختصرت الأسانيد، وحذفت كثير من التراجم الثانوية، لجاء الكتاب في نصف حجمه المذكور أو أقل، ولكان أنفع للقارئ، ولعل الله يقيض له من ينشره بتمامه أو مختصرًا، ليعمّ الانتفاع به، والله المستعان.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الانتصار للحق أم للنفس؟ | مرابط
مقالات

الانتصار للحق أم للنفس؟


وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه مأجورا على اجتهاده فيه موضوعا عنه خطؤه فيه ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من وافقه ولا عادى من خالفه وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك

بقلم: عبد الله القرني
372
الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم | مرابط
مقالات

الأخلاق المذمومة عند طلاب العلم


إن بلغه أن أحدا من العلماء أخطأ وأصاب هو فرح بخطأ غيره وكان حكمه أن يسوءه ذلك. إن مات أحد من العلماء سره موته ليحتاج الناس إلى علمه إن سئل عما لا يعلم أنف أن يقول: لا أعلم حتى يتكلف مالا يسعه في الجواب إن علم أن غيره أنفع للمسلمين منه كره حياته ولم يرشد الناس إليه إن علم أنه قال قولا فتوبع عليه وصارت له به رتبة عند من جهله ثم علم أنه أخطأ أنف أن يرجع عن خطئه فيثبت بنصر الخطأ لئلا تسقط رتبته عند المخلوقين.

بقلم: الآجري
321
لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

لماذا يقع الخطأ من المخلصين؟


واعلم أن الله تعالى قد يوقع بعض المخلصين في شيء من الخطأ ابتلاء لغيره أيتبعون الحق ويدعون قوله أم يغترون بفضله وجلالته؟ وهو معذور بل مأجور لاجتهاده وقصده الخير وعدم تقصيره ولكن من تبعه مغترا بعظمته بدون التفات إلى الحجج الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يكون معذورا

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
357
والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب تلك الحفرة | مرابط
تفريغات

والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب تلك الحفرة


كان عند ابن مسعود أمنية تمناها وعاش من أجلها وحققها بإذن الله وقبل أن أذكر الأمنية أريد أن تسأل نفسك أنت: ما هي الأمنية التي تتمناها وكن صادقا مع نفسك فلقد تمنى ابن مسعود أمرا فناله وحققه بإذن الله وأنا أريدك أن تسأل نفسك الآن: ما هي الأمنية التي تتمناها

بقلم: خالد الراشد
482
كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

كسوف الشمس وإثبات النبوة


أريدك أن تتخيل معي دجالا كذابا يدعي أنه مرسل من عند الله ويموت ولده ويوم موت ولده تنكسف الشمس وحين تنكسف الشمس يقول الناس: إن الشمس انكسفت من أجل ولده.. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرا لبطن وبطنا لظهر وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرا في هذه المسألة ور كيف سيتصرف دجال وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

بقلم: د. حسام الدين حامد
249
لن تسرقوا منا رمضان | مرابط
فكر مقالات

لن تسرقوا منا رمضان


لماذا لم نتفكر بجدية في سر هذا السعار الفني والإعلامي في رمضان؟! لماذا يغرسون تلك المفاهيم الخفية التي تغير من طبيعة رمضان في الوجدان المسلم؟! لماذا يتحول رمضان إلى شهر مسلسلات وبرامج مسابقات وتفاهات وفوازير وسهرات؟! ما علاقة رمضان بالدورات الرياضية أو بالخيام الترفيهية؟!

بقلم: محمد علي يوسف
280