هل فعلها الصحابة؟

هل فعلها الصحابة؟ | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

338 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن الله نظرَ في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته.. ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ"!

أول ما بدأت تعلم العلوم الشرعية، وضعت لنفسي قاعدة لم تخني أبدًا، كنت كلما احترت في أمرٍ ما، أو مسألة صارت مثار جدل وشد وجذب؛ أسأل نفسي: هل فعلها الصحابة؟ من فعلها؟ لماذا تركوها؟ ولماذا فعلوها؟

صحابة النبي صلى الله عليه وسلم "معيار" من خلاله نعرف حدود ما يمكن أن نختلف فيه، أو بعبارة أدق حدود ما يختلف فيه أهل العلم..
إياك أن تتخيل أنك ستكون أعبد أو أتقى أو أورع لله منهم! أو أحب للنبي صلى الله عليه وسلم منهم!

الإسلام.. نصوصه وأحكامه وأوامره ونواهيه، لا يمكن أن تفهمها بعيدًا عن فهم الصحابة وبعيدًا عن مذاهبهم فيها..
ولذلك لا نستغرب عندما نجد العلماء الأُول حين وضعوا العلوم الشرعية الرئيسية وضعوا أخرى فرعية مرتبطة لزومًا بالصحابة، مثل أسباب النزول في التفسير، وأسباب الورود في الحديث، والصحابة في علم الرجال..
لأن نصوص الشريعة ارتبطت بهم، فعليهم نزل القرآن غضًا طريًا، ومن خلالهم صيغت الأوامر والنواهي، عاينوا وقائعها وكانوا موضوعها!

ولذلك من ذكاء علماء الحديث أنهم أول ما اتفقوا؛ اتفقوا على أن كل الصحابة "عدول"؛ أي لا يُقبل فيهم جرح ولا تجهيل ولا طعن بأي مطعن، ولو لم يسم الصحابي! إذ زكاهم الله تعالى ومدحهم بنفسه، فكيف يُقبل فيهم جرح وتعديل؟!
ولذلك لما سُئل النسائي عن بعض الصحابة، بغرض الوقيعة فيهم؛ أجاب إجابة بديعة متقنة قال: "إنما الإسلام دار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن أراد الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد الدار"!

لماذا؟!
لأن الصحابة رضوان الله عليهم في مجملهم "بوصلة" فهم الدين.. فما تركه الصحابة، فالأولى تركه، وما فعله الصحابة ففعله أولى..
لا نتكلم هنا عن حلال أو حرام، فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، لكن نتكلم عن الطريق الذي نفهم به الدين ونعتقده.

حب الصحابة من حب النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، اصطفاهم الله كما اصطفاه، وكما خلقه على عينه وخصه بالرسالة؛ خلقهم خلقة مناسبة تمام المناسبة لمراد الله من إرسال رسوله فيهم، فجعل قلوبهم أبر القلوب ونفوسهم أقوى النفوس.. وكما كانوا أصحابه في الدنيا فهم أصحابه في الجنة.

ولذلك استدل بعض المفسرين بقول الله تعالى "الله أعلمُ حيث يجعلُ رسالته" ليس على فضل النبي صلى الله عليه وسلم وخيريته فحسب، بل أيضًا فضل الصحابة وخيريتهم على سائر الخلق!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#معيار-المسلم
اقرأ أيضا
لشد ما اجترأت المرأة في هذا العصر | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

لشد ما اجترأت المرأة في هذا العصر


مقتطف للأستاذ محمود شاكر يعلق فيه على اجتراء المرأة في العصر الحديث ويقف على معنى الحرية التي تعنيها المرأة ونظرتها التي لا تخلو من الجور إلى الرجل ومآلات هذه النظرة إذا وصلت إلى كل بيت من بيوت المسلمين وإذا سمعتها كل واحدة من النساء ومالت إليها

بقلم: محمود شاكر
1870
الإمبريالية النفسية | مرابط
فكر مقالات

الإمبريالية النفسية


الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية هي الرؤية المهيمنة على المجتمعات الغربية وعلى الإنسان الغربي في علاقته مع بقية أعضاء المجتمع أو مع أعضاء أسرته أو حتى مع نفسه فهو حينما يبني بيتا يخضعه تماما لعملية الترشيد المادية حيث يبنيه بهدف الإتجار فيه وتحقيق الربح ثم يتركه بعد بضع سنين وكأن المنزل والسلعة لا فرق بينهما وهو حين يدخل في علاقة مع أنثى لا يبحث عادة عن الطمأنينة وإنما يحاول تعظيم اللذة وتتحول العلاقة العاطفية إلى علاقة غزو وهو إنسان بسيط ذو بعد واحد دائم التنقل والترحال لتحقيق الربح و...

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1353
نساؤنا ونساء الإفرنج | مرابط
مقالات

نساؤنا ونساء الإفرنج


لقد فقدت المرأة الغربية الزوج ففقدت المعيل فاقتحمت كل عمل لتعيش فصارت تعمل في المصنع وتشتغل في الحقل وتكنس الطريق من الأقذار! وقد خبرنا من رأى في أوربا البنات موظفات في المراحيض العامة ينظفنها لمن يريد الدخول

بقلم: علي الطنطاوي
358
هذا مخالف للعلم الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

هذا مخالف للعلم الجزء الأول


من المقولات التي شاع استعمالها في العصر الحديث والتي أدت بكثير من الناس إلى معارضة جملة من الأخبار الشرعية دعوى مخالفتها للعلم المعاصر فهي مقولة تشابه إلى حد ما مقولة لا يقبله العقل لكن الفرق أن طرف المعارضة هنا هو العلم بدلا من العقل وفي هذا المقال مناقشة دقيقة لهذا القول ولمذهب أصحابه

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2275
بالمساواة يتحقق العدل | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

بالمساواة يتحقق العدل


المساواة هي الشعار البراق اللامع الذي يرفعه الكثير من الناس ويقدمونها كأنها قيمة مثالية عليا متى تحققت صلح الواقع وبالتالي فلا يحق لأحد معارضتها أو إنكارها ولكن الحقيقة أن هذا الشعار البراق هو محض وهم فالمساواة ليست دائما حسنة ومن هنا يقف بنا المقال عند قيمة العدل وقيمة المساواة للتفريق بينهما وفهم ميدان عمل كل واحد منهما

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2289
المصلحة بين الشريعة الإسلامية والعقلية العلمانية | مرابط
فكر العالمانية

المصلحة بين الشريعة الإسلامية والعقلية العلمانية


إن المصلحة التي يدركها العقل العلماني ليست هي المصلحة التي جاء بتحصيلها وحفظها الشرع وبالتالي فلا يصح الاستدلال بها علينا. فالمصلحة العلمانية مصلحة دنيوية مادية فقط ولازم ذلك أن يكون الدين وحفظه ورعايته خارج دائرة المصالح المستهدفة بل هو تابع لها وفرع عنها يتحاكم إليها بحيث يجب عليه أن يتشكل ويتغير لملائمتها. أما المصلحة الشرعية فهي مصلحة الدين والدنيا والآخرة والأولى والروح والمادة والدين فيها أول المصالح المرعية وأولاها كما تقتضي طبيعة العبودية وعليه فكل المصالح الأخرى فرع عن الدين بحيث ي...

بقلم: أحمد عبد السلام
321